ميل شديد فاعل في النفوس المندسة في الكراسي , ويتصف بوحشية سافرة ورغبة شرسة لسفك الدماء ومحق الآخر , فلا بد من تعبيد طريق تمسكها بالسلطة وبقائها فيها بجماجم الأبرياء , وبأشلاء من تراهم خصوما وعوائق أمام تطلعاتها الإستحواذية على الحياة.
وهذه النزعة تتوطن قادة الأحزاب والمجاميع والفئات , وتتمكن منهم , فتعطل عقولهم وتؤجج عواطفهم وتلهب مشاعرهم , وتجعلهم في غبائهم يعمهون وينتكسون.
وما أكثر ضحايا هذه النزعة التي بلدت الرؤوس , وشحنت النفوس بالسوء والبغضاء والإفتراسية المرعبة , فأصبح أصحابها بعد حين وفي غفلة منهم ومن زمنهم ضحايا لها.
فبعد أن كانوا يفترسون , تحولوا إلى فرائس ذليلة مهانة , تلتف حبال المشانق حول أعناقها , وهذا المصير ما كان يخطر على بالهم , ولا تجرأ أحد منهم أن يذكره لآخر.
لكن ميزان العدالة الكونية منصف , ومَن يفعل شيئا عن قصد بالآخرين , ينقلب عليه بإرتدادية عالية ومضاعفة , فينال جزاء ما كان يقوم به من جرائم وآثام وخطايا جسام.
وفي هذه الحياة تمر أمامنا المشاهد المتمثلة بسلوكيات التعبير عن النزعة الغابية , حتى لنظن أن الذي تراه وحش مفلوت يبدو بهيأة بشرية , وهو يتحين الفرصة لإفتراس أخيه البشر , وتعذيبه والقضاء عليه.
وتلعب الدوافع السلطوية دورها في صناعة البشر المفترس للبشر , ولهذا تجدها كالذئاب المذؤوبة المتصارعة حول الكراسي , ولن تستتب الأمور , وتهدأ الحالات , بل كل شيئ سيتفاقم ويتأزم حتى يصل إلى آفاق الكينونة الحامية الدامية , القاضية بتثمير الويلات وتوليد التداعيات اللازمة لإشغال الآخرين , وإبعاد أنظارهم عن مطامع السلطات.
ويبقى الوحش القابع في الأعماق مطلوق العنان , ويعيث فسادا في دنيا الإنسان.
وتلك مصيبة البشر بالبشر!!