19 ديسمبر، 2024 8:35 م

النزاهة الشفافية والحفاظ على المال العام لاجل دولة مستقرة سياسيا

النزاهة الشفافية والحفاظ على المال العام لاجل دولة مستقرة سياسيا

مفهوم المسائلة يدور حول حق ذوي العلاقة في الحصول على المعلومات اللازمة عن أعمال المسؤولين فيما يتعلق بإدارة مصالحها ، ومطالبتهم بتقديم التوضيحات اللازمة لأصحاب المصلحة حول كيفية استخدام صلاحياتهم وواجباتهم في إدارة مواردهم ، وكيفية تعامل المسؤولين مع الانتقادات التي توجه لهم وتلبية المتطلبات المطلوبة منهم وقبول المسؤولية عن الفشل وعدم الكفاءة أو الخداع أو الغش ، وذلك من أجل التأكد من مطابقة أعمال هؤلاء المسؤولين مع أسس الديمقراطية القائمة على الوضوح وحق ذوي العلاقة في المعرفة بأعمال المسؤولين والعدل والمساواة ومدى اتفاق أعمالهم مع قوانين وظائفهم ومهامهم حتى تصل لتطبيق مضمون النزاهة ليكتسب هؤلاء المسؤولين الشرعية والدعم المقدم من ذوي العلاقة التي نضمن استمرارهم في أعمالهم وتمتعهم بحقوقهم. مبدأ المسائلة يعطينا الحق في الاستفسار عن تصرفات الآخرين الإدارية كما يمنحهم أيضا في شرح وجهة نظرهم حول سلوكياتهم وتصرفاتهم المتعلقة بأداء أعمالهم ، ومن ناحية أخرى فإن مبدأ المساءلة في الإدارة يقتضي أن تكون لدى الشخص الصلاحيات التي تمكنه من أداء عمله ، والتي من الممكن على أساسها مسائلته عن عمله . وفكرة المسائلة فكرة قديمة في التراث البشري وأساس من أسس ترسيخ الأمانة في سلوك أفراد المجتمع ، فلقد بدأت مع الأفراد في مجتمعاتهم التقليدية البسيطة لتمتد فتشمل بعد ذلك مساءلة الجماعات فالمؤسسات التي تمثل اليوم سمة العصر الحديث فيما يتصل بنظام العمل وتقديم الخدمة أو المنتج للجمهور ، بل يمكن القول بأن مبدأ المساءلة لم يعد قاصراً على الأفراد والمؤسسات ، بل أمتد ليشمل الحكومات التي أصبحت تخضع للمساءلة كما يخضع لها الأفراد .

مبدأ ترسيخ مفهوم “النزاهة” لدى الاجيال ، يحمي البلاد من آفة الفساد، التي أنشئت من أجلها الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد. مستويات الفساد وأشكال ممارسته وصلت حدودا لا تطاق وأدخلت العراق في حالة من العبث جعل معظم المواطنين على قناعة راسخة بأن الشعارات التي ترفعها الحكومة لن تجد طريقها السليم نحو التطبيق . ويزيد هذه القناعة رسوخا انحدار العراق إلى الدرك الأسفل في كل ترتيب يخص التنمية البشرية أو محاربة الفساد كما يزيد المواطنين يأسا الوقائع والممارسات التي يرونها أينما تنقلوا بين إدارات الدولة ومصالحها . يختلف شكل الفساد حسب الجهات التي تقوم به، أو المصالح التي يهدف إلى تحقيقها من يقوم بالفساد، فقد يمارسه فرد أو جماعة أو مؤسسة خاصة أو مؤسسة حكومية أو اهلية، وقد يكون الهدف من ورائه مصالح مادية أو مصالح سياسية حزبية أو مكاسب اجتماعية. ونظرا لامكانية وجود الفساد في كل جوانب المجتمع وفي أجهزة الدولة ونظرا لتعدد أسبابه فان مكافحته تتطلب منظومة متكاملة (خطة شاملة ومستمرة) تشارك فيها كل مؤسسات المجتمع العامة والأهلية والخاصة للعمل على تقليل الفساد وتقليل المجالات التي تساعد على إيجاده، وتعزيز طرق اكتشافه عند حدوثه، ووضع إجراءات وعقوبات رادعة على من يسلك هذه السلوكيات. الشفافية والمسائلة ليستا غاية في حد ذاتهما كما أنهما ليستا علاجاً شاملاً ومضمون بشكل مطلق لحل جميع المشاكل ، بل الهدف منهما هو المساعدة في رفع فاعلية الأداء السياسي والاقتصادي وتحسين وتطوير وتحديث الأداء الإداري بالمؤسسات العامة والخاصة ، وذلك من خلال تعظيم جودة اتخاذ القرار ومساهمة ومشاركة ذوي العلاقة في صنع القرار السليم والقضاء على الفساد بمختلف أشكاله ، فالشفافية ما هي إلا وسيلة من الوسائل المساعدة في عملية المسائلة والمحاسبة ، كما أن المسائلة لا يمكن أن تتم بالصورة المرجوة والفاعلة دون ممارسة الشفافية وغرس قيمها ، وتبقى الشفافية والمسائلة حق من حقوق المواطن تجاه السلطة كأحد الضمانات الأساسية لتعزيز الديمقراطية وترسيخ قيمها بالمجتمع .وتتبنى خلال هذه المرحلة منظمات المجتمع المدني تنفيذا لبرامجها وخططها في التوعية والتثقيف والتدريب مستهدفة فئات مختارة من الموظفين والمحاسبين والقانونين والتربويين والإعلاميين للتحاور حول طرق وأساليب مكافحة الفساد, والعمل على وضع قواعد قيمية سلوكية للعاملين وللمواطنين . بالاضافة إلى القيام بالمهام المحددة للمشاركة العملية لمنظمات المجتمع المدني لمناهضة الفساد من خلال الرصد والمتابعة وتقديم البرامج واقتراحها وتوفير خدمات الوصول للمعلومات, والقيام بالمسوح التقييمية والدراسات والأبحاث, ووضع المعايير الخاصة بالقيم المهنية ومواثيق الشرف المهني والتجاري والأمني والقيام بممارسة أدوار التأثير الإيجابي على صناع القرار والمشرعين وأجهزة النيابة والقضاء وأجهزة الضبط الإداري الأخرى من أجل تعزيز مستويات النزاهة.وتتطلب محاربة الفساد إنزال عقوبات رادعة بمن يتصف بالفساد، ومن ضمن هذه العقوبات الحرمان من التأييد الشعبي للأفراد الذين يشاركون في الفساد في الوظائف العامة. وعلى منظمات المجتمع المدني إعداد الدراسات والبحوث ووضع مقترحات الإجراءت وتقديمها للحكومة من أجل العمل على تطوير الأطر والوظائف الخاصة الداعمة لاستقلالية أجهزة الشرطة والقضاء والنيابة العامة عن سلطة الحكومة, بأن تكون هذه الأجهزة مستقلة تماما وفي منأى عن التأثيرات السياسية, واستبعاد أن يكون التوظيف فيها على أسس غير مهنية كالتبعية العصبوية بأشكالها السياسية والمناطقية والمذهبية والفئوية. كما ينبغي أن تتجه المنظمات المدنية من خلال برامجها التوعوية الهادفة إلى ضمان استقلالية الأجهزة الأمنية والبحثية بحيث تكون أدوات محايدة خاضعة للمسائلة والتفتيش والمتابعة من قبل أجهزة الرقابة التشريعية والحقوقية لضمان استبعاد لجوء هذه الأجهزة لاستخدام الوسائل والطرق المحرمة أثناء تأدية واجباتها, وللحيلولة دون خضوع هذه الأجهزة للضغوط السياسية والاجتماعية.وقد اصبح الإصلاح القانوني والتبسيط مظهرا رئيسيا من مظاهر إزالة الحواجز أمام الشركات. فإن هذا المظهر الرئيسي يتمثل ببساطة في التوفيق بين القوانين واللوائح المتداخلة والمزدوجة، لأن الموظف الحكومي الذي يجد أمامه قدرا كبيرا من حرية التصرف في تحديد القوانين أو اللوائح في مواقف معينة، ستكون أمامه فرصة أكبر لاتخاذ القرار الذي يفيده ويؤهله لانتزاع المكافأة. وهناك خطوة يمكن القيام بها على الفور وهى التوصية بوضع عملية للمراجعة القضائية تخول لجانا مستقلة من القضاة سلطة التوفيق بين النصوص المتضاربة أو حذفها، وخصوصا أثناء مرور الاقتصاد بمرحلة تحول، ووجود عدد كبير من القوانين واللوائح المتضاربة التي تجعل من المستحيل حتى بالنسبة لأفضل الشركات أن تلتزم بها. ومن الواضح أن جميع رجال الأعمال في جميع الدول يشتكون من الأعباء التي تحدثها الضرائب، وتخفيف العبء الضريبي وتحسين دخل الموظف الحكومي يقلل نمو الرشوة. التعاون بين البرلمان والجهات الأخرى سواء الحكومية أو غير الحكومية لمناقشة والمساعدة في وضع القوانين الصارمة والمحددة لمواجهة حالات الفساد وما يرتبط به، وعلى وجه الخصوص المتابعة الدائمة لتقارير منظمات المجتمع المدني بشأن رصد الفساد، وإعداد تقارير دورية عند متابعة مكافحة الفساد في دوائر الدولة كافة، أو على مستوى متابعة ومناقشة التقارير الدولية، والسير قدما في إعداد ردود عليها، أو تنفيذ ما جاء بها من توصيات.

أحدث المقالات

أحدث المقالات