23 ديسمبر، 2024 5:19 ص

النزاعات العشائرية في الجنوب: ما أسبابها؟ ومَنْ يقف وراءها؟

النزاعات العشائرية في الجنوب: ما أسبابها؟ ومَنْ يقف وراءها؟

تنبأ السياسي العراقي المعروف(باقر جبر صولاغ) بدخول داعش، قبل مدة غير قصيرة من ظهورها وقال: ستكون الحرب على أسوار بغداد أو ستصل الحرب إلى أسوار بغداد. وحصل الذي تنبأ به، بعدها قال: بعد إنتهاء داعش ستنتقل الحرب إلى الجنوب. ولم يصرح بكيف ولماذا؟ لكنهُ قال قرائتي للأحداث تنبئني بذلك.
اليوم نرى النزاعات العشائرية بدأت تكثر وتنتشر ولأسباب تافهة، يسقط جرائها العشرات من القتلى، منها معركة كان سببها ديكاً وأخرى بقرة، وغيرها كثير حتى وصلت النزاعات داخل المدن الكبيرة، مثل العاصمة(بغداد)، وكما قلنا لأسباب تافهة ومن أشخاص مستهترين بالنفس البشرية ومسترخصين سفك الدم الحرام، فيسارع شيوخ العشائر وأمرائها لحلها، لكنهم بدأوا يفقدون السيطرة على أتباعهم تقريباً، حيث تبين ذلك في سقوط أحد أمراء عشيرة(البومحمد) الشيخ(علي العريبي) قتيلاً، حين ذهابهِ لحل نزاع عشائري في محافظة ميسان…
سأحكي قصة من الموروث العشائري لأصل من خلالها إلى حلٍ لهذه القضية، وكما إنتفضنا ضد داعش وسخرنا قلمنا وجميع طاقاتنا لهذه المهمة، أتمنى من زملائي الكتاب والأعلاميين والفنانيين أن يولو هذا الموضوع إهتماماً بالغاً، قبل أن يستفحل ويقع شعبنا المسكين في المحذور… القصة:
يُحكى أن رجلاً بلغ من العمرِ عتياً وله مزرعة ومواشي، ولديهِ أولاد بدأوا هم بإدارة المزرعة والمواشي؛ في المزرعة كلابٌ تحرسها، ذات يوم مر شخصٌ فنبح عليهِ أحد الكلاب من مسافة قريبة، فسحب الشخص سلاحة واطلق النار فقتل الكلب ورحل، تعود الأولاد أن يخبروا ابيهم كل ليلة بما يحدث معهم في النهار، فأخبروا أبيهم بقضية الكلب فقال الأب: أقتلوا قاتل الكلب. فتعجب الاولاد: وقالوا في أنفسهم إن أبانا يمزح معنا.. لم ينفذوا ما قال الأب.. مرة ليلتان وفي الصباح لم يجدوا المواشي فقد سرقت، فجائوا اباهم يخبروه، فقال: أقتلوا قاتل الكلب… فتعجب الاولاد وقالوا أن أبانا ظهر عليه الخرف… وبعد ليليتين اخرتين تم غزوهم من السراق، فسرقوا ماله وسبوا أختهم! فأخبروا أباهم وماذا يصنعون؟ فقال الأبُ: أقتلوا قاتل الكلب.. فقال أحدهم والله لأقتلهُ وأن في كلام أبي حكمة، فذهب نهاراً جهاراً فقتل قاتل الكلب، وصاح بأعلى صوتهِ هذا ثأرُ كلبنا. سمع الناس ورأوا ما فعل الولد، مرة ليلة وأصبح الصباح فوجدوا جميع مواشيهم في حقلهم، جائت الليلة الأخرى فطُرق الباب وإذا بأختهم ومعها المال المسروق، قدأطلقها السراق! فعادوا لأبيهم وأخبروه وأرادوا أن يعرفوا الحكمة… فقال الأب: عندما لم تثأروا لكلبكم(حارسكم) تركتكم بقية الكلاب(الحراس)، وطمع بكم السراق، فسرقوا ماشيتكم، واستهجن الناس سكوتكم واستجبنوكم، فقام السراق بنهب مالكم وسبي أختكم… لكن عندما قتلتم قاتل الكلب، عرف الناس بأسكم، فإذا كان هذا فعلكم بقاتل الكلب، فماذا ستفعلون بالأخرين؟ هنا أعادوا إليكم أموالكم، ولن يفكروا بالأعتداء عليكم مرة أخرى.. إنتهى
الحكمة من القصة:
يجب أخذ ثأر من يحميك ويحرسك وليس إطعامه وإيواءه فقط
إستشارة ذوي الخبرة والعمل بالمشورة
القضاء على الفتنة في مهدها
محاسبة المتسبب والبحث وراء غايته ومن دفعه لفعله ومحاسبته أيضاً
إستخدام الأعلام بصورة صحيحة واستغلاله كما يستغله العدو لتنفيذ مأربه
بقي شئ…
على الحكومة وأمراء القبائل وشيوخ العشائر محاسبة المتسبب بأشد العقوبات، كما في النظام الجامعي، فأذا تشاجر أثنان داخل الحرم الجامعي، يُطرد الأثنان بغض النظر عن الظالم والمظلوم.