23 ديسمبر، 2024 12:38 ص

منذ بداية القرن العشرين بدأت النخلة العراقية هجرتها إلى بلاد الإغتراب وعبرت المحيط الأطلسي لتجد لها مأوى في بيئات ملائمة رؤوم , إبتدأت فيها زراعة بساتينها والإكثار من أجود أنواعها.

بساتين نخيل زاهية باهية في غير بلاد النخيل الأصلية , يتم رعايتها والإهتمام الصارم بها , ووفقا لأحدث التطورات التكنولوجية , إذ دخلت الآلة في التعامل مع النخلة  وإدامة جمالها ووفرة عطائها.

تفاعلتُ مع أصحاب أحد البساتين الكثيفة المزدحمة بالنخيل العراقي البصراوي , الذي نقلت فسائله بالمئات قبل عدة عقود  وإذا بي أتعامل مع بائع ذهب وليس بائع تمر!!

كان يسوق التمر وكأنه الذهب , ويضع أسعارا من وجهة نظري عالية , لكنه يصر على السعر , ويشرح قيمة التمرة وأهميتها ويسهب بوصفها.

فلديه ثقافة موسوعية عن التمر والنخيل , وأنواع التمور وبأسمائها العراقية وكيف يجتهد بالعناية بالنخلة الباسقة المعطاء.

” خستاوي , بربن , أشرسي , خضراوي , حلاوي…إلخ”

تعجبتُ من الرجل الذي جلب أبوه النخيل من بصرة العراق على حد قوله , وأوصاه بالعناية بالبستان , لأنه يدر ربحا ويطعم الناس والمواشي , فالنخيل خير وفير وعطاء كثير.

قلت له: أن من البلد الذي جلب أبوك منه النخيل.

قال: أنتم تقاتلون النخيل , هذا ما كان يقوله لي والدي , ويبدو أنه قد أنقذها من عدوانيتكم!!

فتعجبت من قوله , وما أجبت , فهو ينطق الصدق , ويعني أننا جهلة لا نفهم بالإقتصاد ومعنى الحياة.

قلت لنفسي: نعم نحن ألد أعداء النخيل , ولهذا فالجوع سيفترسنا.

النخيل في بساتين الإغتراب تجاوزت أعداده عشرات الملايين , وفي مواطنها تتناقص أعدادها , ويضمحل عطاؤها , ومن حولها جياع تتكاثر!!

فهل لنا أن نعتذر من النخيل , ونعيد للنخلة دورها في حياتنا؟!!

د-صادق السامرائي