17 نوفمبر، 2024 2:44 م
Search
Close this search box.

النحس والحسد

ومضة المقال: قال صديق حصيف: إن أسوأ ما أبرزت الأحداث في مجتمعنا من العوامل السلبية هماالنحاسة والحسد

الحقيقة معيار مطلق:

الناس تظن الظنون في الحقيقة وامتلاكها، وهذا متأتي من طبيعة الإنسان وتأطير كينونته بمحددات الزمان والمكان والانطباعات وغيرها، لهذا يظنون أن ما يعتقدونهو الحقيقة والحقيقة مطلقة لا حدود لها ولا أطر، قد تكون الحقيقة اليوم مثلا مع مجتمع، إنسان، حزب، أومظلوم، ولكنها غدا لا تكون مع دعاوى ذات هذه الناس عندما يتفاعلون وتقلبات الحياة ويتغيرون معها، لهذا علينا أن ندرك ونحرص أن نكون مع الحقيقة وفي عالمها فلا يمكن أن تكون الحقيقة معنا كيفما كنا بيد أننا ممكن بشيء من الجهد أن ندور مع الحقيقة لان سنن الكون لا تحابي أحدا.

الضحية هي الآدمية:  

يعيب البعض على الناس المسالمة التي لا تزعم أنهاتمتلك الحقيقة ولا تسعى للمواجهة بينما هي تأخذ طريق السلام؛ فيوصفون بأنهم ضعفاء وربما يؤخذ منهم كل شيء منصبهم؛ جاههم وحتى مصادر عيشهم عندما تطرد الغرائز الحكمة.

المجتمع سيتردى وتنشط في واجهته ظاهرتان

الأولى:

النحاسة: والنحاسة لغة هي رؤية السوء في كل شيء وتسفيه الصواب.

والحسد: استكثار أي قيمة إبداعية أو موهبة عند أحد.

الحسد والنحاسة  مغطية ناكرة للنخب الحقيقيةالمبددة لجهدهم وهي تظن أنها تمتلك الحقيقة ولكنها لا ترى فشلها القيمي والآدمي ولا الحيوانية في العقلية والنفسية التي تتملكها، فتاتي إلى كل إضاءةفتطفئها، وتفسر تسامح من تؤذيه غفلة عندما لا يرد بسوء عليها فتتمادى في إيذائه لأنها تريد أن ترى اثر أذيتها عليه، تمني زوال النعمة والموهبة والنجاح هذا حسد وليس تمحيصا للحقيقة وإبرازها عندما تهاجم قدوة أو نخبة أو تمنع ظهور مصلح بالتعتيم على إنتاجه أو تسفيهه فلا تفيد منه ولا تدع احد يستفيد وهي تسعى لأهداف زائلة تافهة كتفاهتها تقتل التجديد، تجدها باسم الإعمار تطرد الكوادر البناءة فيبدو المجتمع كشجرة مريضة تزدحم عليها الحشرات وتنخر لحائها اليرقات.

في مجتمعٍ حيث الجرأة عند السفيه فيرتفع بالتزييف والوشاية والإقصاء والإبعاد للخبرات المنتجة تلك السنابل الممتلئة بالعلم واقل الناس كفاءة في الدفاع عن نفسها أو تجنب الشباك والمؤامرات، حسدا وأنانيةوجهل، بسلوك سوداوي عدمي لا يرى غير نفسهويسارع في تأييد السلبية والظلم على غيره ليس لربح أو مكسب وإنما لأنه يحب إبراز السلبية في كل شيء عدى ما يمسه، وهذا مرض للأسف يمحق ويجرّف طرق النهضة والتقدم عند ذلك سيكون البلد عقيما بإقصاء وإحباط الكفاءات بل تغييبها وعندما يسند الأمر لغير أهله فلا تأمل إنتاجا؛ لتطمح إلى النجاح بالإبداع.

الطيبة ليست عيبا:

يقول فيودور دوستويفسكي في الفقراء”(لماذا تعيش النفوس الطيبة النبيلة في الشقاء والهجران، بينما لا يحتاج غيرها حتى إلى البحث عن السعادة لأن السعادة هي التي تلقي بنفسها بين ذراعيه) بيد أن إجابته الأكثر املأ ووعيا في كتاب الفقراء ذاته، عندما يقرر (إن في النهايات يفوز ذوي النوايا الحسنة) والحقيقة أن فوزهم معنويا فبيئة الظلم لا تنصف مظلوما وبيئة التخلف لا ترفع نهضويا وبيئة الجهل لا ترفع عالما والناس تركض وراء ذي النفوذ الفاسد رغم فساده ولا تحس بالعالم.

إن مجتمعنا مريض ونخبتنا تحتاج إلى إعادة تأهيل لأنها تماهت فما ثبتت ولا أصلحت واستغلت قدراتهالتعيش فقتلت السليم بالتهم والكيد والحسد، وسفهت واحبطت من يحمل املها والمها وسجنت نفسها بخيال الماضي المفلتر لتستحضر الظلم وتبرر الفشل بدل أنتسعى لاستنهاض النخب الصاحية ودعمها لتستقيم الحياة.

وصف المشكلة ليس إبداعا

إن وصف المشكلة ليس إبداعا، لكن الحلول واجب المسؤول عن العمل واستشراف المستقبل ليس أن تقول سنموت عطشا مثلا بعد زمن، وإنما ما يمكن أن افعله لمواجه ذلك خلال هذا الزمن، فالمشاكل من أجلها كانت المؤسسات والوزارات لتجد لها حلولا بإدارة الأزمات وليس انتظارها أو تبرير عقمي بالوصف العدمي للعقبات.

أحدث المقالات