سمعت من أحد أجدادي الراحلين في يوم من الأيام، وفي مجلس كبير ضم كثير من الأقارب، معلومة جديدة على أسماعي لم أسمعها من قبل، وتقول “تعلم من الأعمال سبعاً وأعمل بواحدة” وضلت هذه المقولة راسخة في مخيلتي، الى أن وصلت في عمر متقدم فائدتها، أن لا بد في يوم من الأيام سيكون هنالك خلل ما يجعلك ترك العمل الذي تعمل عليه! وتعمل بأخرى وذلك لمتطلبات الحياة لعمل آخر.
الزبيدي وفي أو وزارة إستلم مهامها كان الأبرع فيها، وهو أول من أسس اللبنة الأولى لقوات عراقية صرفة، بعد إقدام الحاكم العسكري برايمر بحل القوات العسكرية والدفاع، ليتم إستبدالها بقوات جديدة، واستلم المهام وهو مسيطراً على الوضع، ولكن بأسلوب حرب الشوارع! وبالطبع هذا الأسلوب لم نعهده سابقاً، خلاف الحرب التقليدية، وعندما سَلَمَها كانت وفق أحسن ما يكون، وقادرة على إستلام المهام التي تُوكل اليها، سيما ونحن نحارب الإرهاب .
تيار شهيد المحراب كانت له السطوة الكبرى، وعليه تقع المسؤولية كونه يمتلك المؤهلات العسكرية، وكان الوحيد الذي يمتلك أكبر جناح عسكري، وقادر على إدارة أكثر من ملف، ولديه رجال مؤهلون، ووزارة المالية كانت الحقيبة الثانية للزبيدي، وتختلف المالية عن سلفها، لأنها تعتمد على الأرقام، وليس الأمن وتبعاته، فكان البصمة واضحة للعيان، وأبسط شيء إستطاع تخفيض الديون الثقيلة، التي تركها النظام السابق في المديونية الدولية، إضافة لإحترافية الإدارة .
المحطة الأخيرة للزبيدي كانت وزارة النقل، ولا بد لنا الإحصاء لكل الوزارات العراقية، بإستثناء النفط كانت ريعية! ووزارة النقل كانت من بين تلك الوزارات، التي تعتاش على الإيراد النفطي، وهذا ما حذر منه السيد عبد المهدي بمؤتمرات كثيرة، من تشغيل المعامل والمصانع لكي تساهم بشكل أو بآخر لدعم الدولة، وكانت خطوة الزبيدي تحويل ثمان شركات، من أصل إثنا عشر شركة خاسرة، الى رابحة في غضون فترة وجيزة .
يعاب على السيد باقر الزبيدي بإدارة أكثر من وزارة، بينما فشل الآخرون! وليتها كانت على هذه بل الفساد الذي عَمَّ تلك الوزارات التي إستلمها غيره، بينما لم يسجل عليه مؤشر فساد واحد! وصمته وعدم خروجه على الإعلام يدل على الثقة والإعتداد بالنفس، الذي إستقاه من شهيد المحراب، وما الإستهداف الذي ناله من الشركاء الا حسداً له، لان كل الأماكن التي إستلم مهامها ترك بصمته ناصعة عناداً بالفاسدين .
العيب فيمن لا يمتلك المؤهل في كيفية الادارة، وليس بمن يمتلك الموهبة والعقلية في كيفية التعامل مع الملف الموكل اليه، وليس من العيب الإستنجاد بالخبرات لكي يتعلم، بل العيب فيمن يأخذه الكِبَر ويقول أنا عارفٌ بكل شيء! وهو لا يفقه أبسط إدارة في أي مفصل من مفاصل الحياة، وبراعة الزبيدي وحنكته جلبت كثير من المناوئين، والصاق تهم الغير وتحميله فشل من سبقه، ومشكلته الصمت أزاءَ هؤلاء المأزومين .
الإدارة ليست مشكلة بقدر ما إمتلاك الفرد مقوماتها، والزبيدي كانت لديه هذه الخصلة، وإدارة أكثر من وزارة ليست بالأمر الهين، بل التركة الثقيلة والإدارة الإحترافية هي التي جعلت منه ناجحا ومحسوداً بين أقرانه، بينما سجل مناوئوه الفشل الذريع في كل مفصل عملوا به، وإستهداف شخص السيد باقر جبر لأنه يمتلك مقومات إدارة الدولة! وهذا ما جعله في دائرة الإتهام ومن يمتلك ملف فساد واحد نرجوا تقديمه للقانون .