23 ديسمبر، 2024 5:35 ص

النبي محمد بن عبد الله عليه السلام رسول الإنسانية

النبي محمد بن عبد الله عليه السلام رسول الإنسانية

( الجزء الثاني )
(( وما زال هذا الصراع ضد الدين الجديد قائما في ذاك العصر ولحد الآن وهم يقاتلون ويقفون بالضد من هذه الدعوة والدين المحمدي بكل الوسائل المتاحة لهم والصراع مشتد على أشده من خلال التشكيك بصاحب الدعوة والرسالة النبي محمد بن عبد الله صلوات الله عليه وعلى آله وصحبه ومعتنقي ديانته وشرائعه وهم يعلمون أنه دين مكمل لكل الديانات السماوية التي سبقته وبالنص ومصدقا بما جاء به الرسل من قبله وما بشر به النبي عيسى بن مريم عليه السلام ( ومن قبله كتاب موسى إماما ورحمة وهذا كتاب مصدق لسانا عربيا ليُنذر الذين ظلموا وبُشرى للمحسنين ) سورة الأحقاف آية 12 و( وما نزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه هدى ورحمة لقوم يؤمنون ) سورة النحل آية 64 . أن كل الديانات العالمية على وجه الأرض والتي بقيت على إيمانها بالديانات الحقيقية المنهج مقتنعة قناعة تامة أن هذا الدين هو الدين الخاتم المبشر به وهو المصحح لمسار الديانات المنحرفة عن منهجها وتعاليمها وهو المعيد الديانات القديمة التي طالها التحريف والدس والتشويه ( وشرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه كبر على المشركين ما تدعون إليه الله يجتبي إليه من يشاء ويهدي إليه من ينيب ) سورة الشورى آية 13 وهذا ما كان يصرح ويصدع به رسول الله محمد صلوات الله عليه أنه رسول من الله للناس جميعا وأن دعوته ليست مقتصرة على العرب والجزيرة العربية وما حولها بل للإنسانية كافة وعلى الناس الإيمان بها وتصديقها والعمل بها وما هو إلا مبشرا ( وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا لكن أكثر الناس لا يعلمون ) سورة النبأ آية 28 فأن الإسلام جاء دستورا للمجتمعات العالمية وأن النبي محمد صلى الله عليه وسلم هو راعي هذا الدستور وحاميه والجامع للرسالات . وبعد انتقال الرسول الأعظم إلى الرفيق الأعلى سارت الأمور على النحو المغاير لهذا الأمر وأخذ الإسلام وعقيدته وتفاسير شرائعه ودستوره ( القرآن ).
يأخذ منحى آخر من قبل المفسرين والمؤرخين وكتاب السيرة النبوية الشريفة واحاديثها وأصبح هنالك قولان هو قال الله تعالى على لسان القرآن الكريم وهو الذي فُسرت بعض آياته لاحقا على أهواء وأفكارا ومعتقدات كتابها وتوجهاتهم المغرضة أو زمانهم ومكانهم وأحجام عقولهم والقول الثاني قال رسول الله ووضعت من خلالها الأحاديث الكثيرة المكذوبة والمدسوسة التي لا تليق بمقامه الكريم ولا تسموا إلى ما جاء به كما جاء المفسرون من بعده بعهد غير بعيد من الرسالة المحمدية بتحريف كثيرا من هذه الرسالة القيمة وتحديدها بالإطار العربي وحدوده الجغرافية على أساس أن القرآن جاء بلسان عربي مبين وأن النبي محمدا أمي عربي لا يعرف القراءة ولا الكتابة وأنه مسحور ويعلمه قسم من أصدقاءه من أهل الكتاب وحرفت كثيرا من آيات القرآن الكريم عن مفاهيمها الحقيقية كل ذلك سببت النفور منها وتعرضت لإنتقادات واسعة ومواقف متشنجة من المجتمعات الأخرى الغير عربية وزادتها خوفا من الإسلام المحمدي وباتت تنظر على أن الإسلام دموي تسلطي من خلال تفاسير آيات القتال والجهاد والجزية وفرض العقيدة الإسلامية بالسيف والقتل والموقف الصارم والمعادي لأهل الكتاب والديانات الأخرى فقد طغت ما يسمى بالسنة المتشددة بمواقفها وأفكارها المنحرفة على النهج السليم للقرآن الكريم فبقيت هذه الشعوب خائفة وجلة من هذا النظام الإسلامي وقبوله على أنه نظاما عالميا شموليا موحدا لكل المجتمعات وملبيا لطموحاتها وأصبح الغرب والعالم ينهل منها و من الأفكار المنحرفة والسلوكيات الأخلاقية التي دمرت العالم يصدر للشعوب المسلمة الديمقراطية وحقوق الإنسان والعلوم الإنسانية والفلسفية التي أرتقوا بها وبمجتمعاتهم ونحن أصحاب النظريات الفلسفية والإنسانية والتنظيم الأسري ضمن دستورنا الألهي أصبحنا ضحية هذا الإهمال لعقيدتنا وفلسفتها وعليه أن نحاول إعادة كتابة التراث الإسلامي وفكره وعقيدته إلى السكة الصحيحة وتشذيبها من الخرافات والمغالطات والغلو اتجاه الآخرين بمساعدة المفكرين الجدد الذين تصدوا لهذه المهمة الصعبة والشاقة جدا ولهم الباع الطويل في هذا العمل والذين ظهروا على الساحة العلمية والفكرية للعرب وكانت لهم البصمة الواضحة والجريئة في محاولة إعادة العقيدة والموروث العربي والإسلامي إلى نهجه الصحيح لكن بحاجة ماسة إلى مساعدة المؤسسات الدينية والرسمية لأخذها الغطاء الشرعي والحكومي وخصوصا مؤسسة الأزهر الدينية والحرمين الشريفين والجامعات الإسلامية لإضفاء الشرعية للعمل الفكري الجديد لكل البحوث والدراسات والتنقيب للأدب لينطلق الإسلام إلى العالمية في الاعتناق والإيمان )