(( علينا نحن أتباع النبي محمد صلوات الله عليه وعلى آله وصحبه أن نعلم بحقيقة رسالته ونبوته التي بلغ بها عن الله تعالى لنا وللناس أجمعين وتعد خاتمة للرسالات التي سبقت رسالته ونبيا خاتما للرسل والأنبياء والملل الذين من قبله حيث ختم برسالته الجامعة كل السنن والشرائع السابقة وأعاد التشريعالصحيح لهذه الإنسانية بعدما نست أتباعها شرائعها وسننها وكفروا وجحدوا بها فكان النبي محمد النبي الأمي الذي جاء بالشريعة التي أرسلها الله تعالى إلى الناس على لسان رسله من نوح إلى عيسى عليهم السلام لتصحيح الرسالات السابقة بعدما أصابها التشويه والانحراف والتظليل من قبل المنتفعين بالدين والسلطة والمركز الاجتماعي كالكهان والقساوسة والرهبان يدلون بدلوهم للحكام للمنفعة الشخصية فقد جاءت الرسالة المحمدية لإعادة هذه الديانات المنحرفة من اليهود والنصارى إلى جادة الصواب وإظهار الشرائع والسنن الصحيحة للناس على لسان النبي محمدا في مجتمع يكاد يكون مؤهلا وأهلا لهذه الرسالة الجديدة القديمة على أهل مكة حيث كان المجتمع المكي العربي بالذات ساحة مشجعة لحمل هذه الرسالة كونهم أصحاب حضارة وتأريخ قديم على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والسياسي ولهم معرفة بالله تعالى الواحد الأحد بالرغم من شركهم به والقريبة من المدينة المنورة ( يثرب ) حيث كانت هذه المدينة للأديان كاليهودية والمسيحية والمجوس غير غريبة عليهم وكان هذا الفسيفساء المكي الاجتماعي أرضية خصبة للرسالة المحمدية وانطلاقها من هذه الأرض كونها معروفة لدى هذه الأديان كالتوراة والإنجيل بمدينة ( فاران ) والحملات التبشيرية بينهم على قدم وساق لليهود والنصارى للناس أن شعاع النور الإلهي يظهر من هذه المدينة المباركة بقيادة المنقذ الرجل الأمي المكتوب في كتبهم باسم ( فاراقليط ) ( الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم أصرهم والأغلال التي كانت عليهم ……) الأعراف 107 وكذلك ( الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبنائهم وإن فريقا منهم يكتمون الحق وهم يعلمون ) البقرة 146 لهذا نجد القرآن الكريم يركز دائما ويذكر لفظ ( يا أهل الكتاب ) حيث وردت حوالي 31 مرة فيه ويا بني إسرائيل تقريبا ثلث القرآن وكذلك كما ورد كتبهم مثلا في سفر أشعياتثنية الإصحاح 18(أني جعلت أسمك محمدا يا محمد يا قدوس الرب أسمك موجود من الأبد )وفي سفر أشعيا ( وما أعطيته لا أعطيه لغيره أحمد يحمد الله حمدا حديثا يأتي من أفضل الأرض ……) وأن الله تعالى يخاطب يا أيها الناس فأهل الكتاب من ضمن الناس دلالة على أن الرسالة المحمدية ونبيها العظيم محمدا بُعث للعالمين جميعا لإلقاء الحجة والنذير والبشير للعالمين الذين وصلت لهم هذه الرسالة وتعاليمها وسننها وشرائعها الحقيقية (يا أهل الكتاب قد جاءكم رسول يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب ويعفوا عن كثير قد جاءكم من الله نور وكتاب منير ) المائدة 15وكذلك كان وجوده صلوات الله عليه في كتبهم ومعتقداتهم الدينية على نبوته والبشارة بخروجه قريبا بالبعثة الجديدة للدين الحنيف فقد كانت الشام ويثرب خصوصا في قبيلتين ( الأوس والخزرج ) ميولا لأهل النصارى واليهود في تقبل بعثته الشريف إلا المعاندين والمكابرين والوصوليين الذين وقفوا بالند من دعوة الإسلام الجديد وأن القرآن الكريم زاخرا بآيات تدعو أهل الكتاب في الاستجابة له ونصرته والقبول بها لأنه كما صرح الله تعالى بكتابه أن محمدا هو الرسول المبشر والشاهد والنذير لهم ( يا أيها الذين آمنوا بالله ورسوله وكتابه الذي نزل على رسول الله والكتاب الذي أنزل من قبل ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فقد ظل ظلالا بعيدا ) النساء 136 و(إن هذا القرآن يقص على بني إسرائيل أكثر الذي هم فيه يختصمون )النمل 76 فأن كثيرا من الشخصيات المهمة التي وقفت مع هذا الدين الجديد موقفا مشرفا ما زال التأريخ يذكرهم منهم السيدة خديجة بنت خويلد وأبن عمها ورقة بن نوفل وبحيرة الراهب وملك الحبشة النجاشي والعاقبوالراهب والسيد وزيد بن نفيل وابي بن كعب وزيد بن ثابت وكعب الأحبار وجل بنو هاشم وعلى رأسهم كبيرهم عبد المطلب وأبو طالب الحمس الحنفيين وغيرهم الكثير فقد أرادت دعوة النبي محمدا صلوات الله عليه وسلامه تصحيح ما حرف اليهود والنصارى من التعاليم والسنن والشريعة التي أضاعوها طغيانا وظلما كما قال الله تعالى ( قل يا أهل الكتاب لستم على شيء حتى تقيموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليكم من ربكم وليزيدن كثيرا منهم ما أنزل إليك من ربك طغيانا وكفرا فلا تأس على القوم الكافرين )المائدة 68وعندما أقام النبي محمدا دولته العادلة الشاملة في المدينة المنورة كان الانفتاح المهم على اليهود والنصارى والملل الأخرى في مجتمع منظم حيث كان الناس أكثر تقبلا لدعوته الشريفة ولرسالته والمتتبع لآيات القرآن الكريم يجد فيه إشارات واضحة رسالة النبي محمدا داعية وبقوة لبني إسرائيل أكثر من غيرهم من الأمم فعلينا الآن كمسلمين حاملين لواء الرسالة المحمدية أن نكون أكثر انفتاحا ورغبة في إيصالها لهذه الأمم بالطرق الصحيحة الذي سار على نهجها النبي محمدا صلوات الله عليه وأصحابه الميامين ))