لقد حفل تاريخ الخطوط الجوية العراقية الناقل الوطني الوحيد في البلد بامتلاكه تاريخا مشرفا ونظيفا في تأمين سلامة النقل الجوي بعدد من ساعات الطيران الخالية من الحوادث والكوارث ولله الحمد رغم كل مامر به من احداث تاريخية صعبة أجبرته في ازمنة متعاقبة ان يتراجع في مخططها البياني التطوري من خلال احداث تنوعت مابين حروب وحصار اقتصادي وتناقص في اعداد الكوادرالمؤهلة لاستلام مسؤولية قيادة الشركة وهي مشكلة حالية واتمنى ان لاتكون مستقبلية ففي قراءة تاريخية سريعة للشركة التي تأسست في اربعينيات القرن المنصرم كانت ولحد ماقبل عام 2003 تمتلك 17 طائرة لنقل المسافرين تم نقل معظمها في حرب تلك السنة إلى أماكن سرية أو دول مجاورة للحفاظ عليها وهو مالم يحصل فعادت الشركة الى نفطة الصفر من جديد وكان عام 2007 هو التوقيت الذي بدأ فيه نشاط أعادة الشركة للعمل من جديد في عملية اعادة بناء وهيكلة كاملة من اسطول وكوادر وبنايات وغيرها من الامور الادارية واللوجستية من خلال سلسلة ادارات متعاقبة على مدى العقدين المنصرمين من الزمن لم تصل الى ماكانت عليه قبل الحرب برغم توفر الاموال لشراء اعداد كبيرة من الطائرات فقد عملت الحكومة العراقية في سنوات مضت وبالتحديد عام 2008 من وضع خطة تطوير للشركة من خلال التعاقد مع شركة بوينغ الأمريكية لشراء 40 طائرة جديدة من طرازيها الجديدين 737 و787 دريملاينر وبقيمة كليّة للعقد بلغت 5،5 مليار دولار بالاضافة الى عقدا مع شركة بومباردييه الكندية لشراء 10 طائرات من طراز CRJ900 ذات الحجم المتوسط أو الإقليمي وايضا التعاقد في نفس الفترة على شراء طائرات من شركة ايرباص العالمية بعدد 8 طائرات اثنتان من نوع A321-214 وستة أخرى من طراز A320-214 كخطوة جدية في عملية اعادة بناء وهيكلة اسطول شركة الخطوط الجوية العراقية وادخال عناصر شابة ومتجددة للشركة ولكن كانت ولازالت المشكلة الحقيقية هي عدم وجود ادارة تخصصية لها حيث لم يستلم فيها صاحب الاختصاص والخبرة للادارة سوى مرة او أثنتين وبدون صلاحيات مما جعل هذه مؤسسة تفشل في عودتها الى ريادتها السابقة لا بل وصلت في مرحلة ما الى شركة خاسرة تعمل على خطوط رحلات لا عوائد مالية منها وتكتَّفي بالطيران الداخلي أو للدول المجاورة فقط في وضع لا يحسد عليه .
ان هذا التدهور الواضح للعيان والتداعيات السلبية التي مرت بها الشركة بسبب التراجع في الأداء والمتطلبات والخدمات الى حدا اصبح حديث الرأي العام وتتناوله يوميا اغلب وسائل الإعلام بالنقد الصريح للمشكلات التي طالت اسطولها والعاملين فيها وخصوصا في موضوع مفردة الحظر التي تم ذكرها في العنوان ولما ما لها من تأثيرات سلبية على الشركة خلال السنوات العشرة الماضية كون أن تاريخ بدايات هذا الحظر يرجع لعام 2014 حينها طلبت وكالة سلامة الطيران الأوروبية EASA من منع طيران الخطوط الجوية العراقية بشكل مؤقت لمخالفتها شروط ومعايير السلامة وحسب تقارير لجنة سلامة الطيران الاوربية SAFA في أحد رحلات الشركة الى لندن لحين حل هذه المخالفات التي يتحملها بشكل اساسي الطاقم اللي وجد عنده المشاكل في حينها وارسلت بتقرير فني الى سلطة الطيران العراقي قسم السلامة الجوية بصفته هو المسؤول الفني عن متابعة الشركة مع قسم التوكيد والجودة في الشركة لاجل حل هذه المخالفات والتاكيد على عدم تكرارها ولكن مع الاسف تم تجاهل هذا الامر بقصد أو جهل بالاجراءات لا بل أستمر ظهور هذه المخالفات لاحقا في رحلات الشركة ووصلت هذه الملاحظات أو الخروقات بمجموعها الى 200 خرق أدت الى حظر الطائر الاخضر من الطيران فوق أوربا رسميا منذ عام 2015 ولحد يومنا هذا تحت بند عدم استيفاء شركة الخطوط الجوية العراقية لمتطلبات الوكالة الاوربية لسلامة الطيران الاياسا وفق اللائحة EC No. 2111/2005 هذه هي خلاصة المشكلة.
قامت بعدها الادارات المتعاقبة لهذه الشركة بأجراء حل المفروض مؤقت ولكن استمرت في المرحلة الاولى لهذا الحل المؤقت 4 سنوات حيث تم تشغيل طائرات الشركة تحت شهادة مشغل لشركة تركية تسمى اطلس جت وهذا القرار شابه الكثير من شبهات الفساد المالي للنتائج الوخيمة التي طالت الشركة من خسائر مالية ضخمة وصلت لملايين من الدولارات أهدرت من ميزانية الشركة اضافة الى خسارة سمعة وتاريخ الشركة والعاملين فيها باعتبارهم غير كفؤوين بأدارة هكذا ملف فني تقني وهو ماأراه شخصيا غبن في حق كوادر هذه الشركة وايضا تكررت نفس الخطوة مع شركة سلوفينية لمدة عامين اعقبتها شركة تركية اخرى تعمل لحد يومنا هذا بعد مرور 9 سنوات على الحظر والدخول بالسنة العاشرة , كل هذه الاجراءات السطحية التي تم اتخاذها من قبل الادارات الغير تخصصية المتعاقبة على الشركة جعلتها في وضح غير مستقر لبوصلة الحل لهذه المشكلة مما حدا بها التوجه الى المنظمات العالمية المتخصصة في الطيران للمساعدة وهو اجراء صحيح في ظاهره ولكن كانت له نوايا اخرى كشفت عنه الايام فبعد أن تم توقيع عقد استشاري قيمته مليون دولار مع الاتحاد الدولي للنقل الجوي العالمي الاياتا لأجراء الدراسات الفنية التي تشخص مكامن الخلل والمشاكل التي ترافق عمل هذه الشركة في عدم تطبيقها للمعايير العالمية التي حظرتها من الطيران فوق أوربا مع وضع تصور لحلها عام ٢٠١٦ وكررت نفس التعاقد للمرة الثانية عام ٢٠١٩ برقم مالي أكثر بكثير من المليون دولار من خلال ادارة أخرى واللي من المفروض بتطبيقها كانت الشركة الأن متجاوزة جميع مشاكلها ومنها مشكلة الحظر الاوربي وهو ماقصدت به فقدان بوصلة الحل اي بعدم تطبيق تلك التوصيات والتي لو تم الاخذ بها لكان اسم الخطوط الجوية العراقية خارج قائمة الحطر الاوربي بل حاليا ونحن في عام 2024 أرتأت الادارة للشركة بأبرام نفس التعاقد في ظاهرة ندر حصولها في ادارة شركات الطيران علما ان ماورد في تقارير خبراء المنظمة الدولية المتخصصين في الطيران الاياتا والذين قيموا وضع الشركة على أرض الواقع في عامي 2016 و2019 تنص على أن الشركة تمر ب 5 مشاكل رئيسية وحرجة ادت الى تراجع منحنى المخطط البياني لنشاط الشركة وتتضمن اولا مشاكل حكومية إدارية سببها ارتباط الشركة بجهة حكومية وزارة النقل والتي لها القرار الأخير في إدارة الشركة وهذا يتطلب حسب التقرير ضرورة فك قيد الارتباط الحكومي بين الشركة والوزارة ليكون هناك استقرارية ومهنية في اتخاذ القرارات في الوقت المناسب وثانيا مشاكل تخص السلامة والجودة وهي المشاكل التي سببت الحظر الاوربي على طيران فوق اوربا كونها لم تطبق معايير السلامة والجودة والمشكلة الثالثة تتعلق بتنوع اسطول الشركة من الطائرات والتي سببت مشاكل في تطبيق معايير الصيانة الحقيقية أضافة إلى مشاكل رابعة وخامسة تتعلق في الإدارة المالية والتجارية واخرى تخص التسويق وانظمة الحجز الالكتروني للشركة .
ان هذه المشاكل بمجملها مشاكل روتينية تمر بها معظم شركات الطيران وطرقة واسلوب الحل لها واضحة وبسيطة بحسب رؤيتي لتصحيح مسار عمل شركة الخطوط الجوية العراقية حيث تبدأ بالخطوة الاساسية التالية فرض الوصايا الحكومية على شركة الخطوط الجوية العراقية من خلال فريق عمل يرأسه مختص وعضوية خبراء واستشاريين طيران محليين وغير محليين شرط أن يكون الخبراء العراقيين من خارج المنظومة الحكومية التي عملت خلال 5 سنوات التي مضت يعمل هؤلاء على فرز ١٠ ٪ من مجموع ٤٢٠٠ موظف تقريبا من الكفاءات الفنية والعلمية في الشركة اصحاب الاختصاص والتجارب الناجحة والمتفهمة لاحتياجات الشركة لتشكيل أدارة رديفة تشكل مجاميع عمل حقيقية للنهوض بالشركة من سباتها الحالي ويبدأ عملهم من حيث انتهى استشاريي الاياتا عام 2016 وعام 2019 لتطبيق مقررات وتوصيات دراستهم ولاضرر من طلب الاستشارة الخارجية عند الحاجة لاجل تطوير عمل هذه النخبة فقط وفي مرحلة لاحقة يتم تصفية المتبقي من العمالة العاطلة بطالة مقتعة على أساس الاختبارات وفحص الشهادات للقضاء على كل دخيل على الشركة جاء بغفلة من الزمن وتسلط الفاسدين وبالتزامن مع ماورد أعلاه يجب أن تكون هناك استراتيجية لإعادة الهيكلة المالية والادارية للشركة تشمل مجموعة من الخطط والبرامج والسياسات التي يضعها فريق الوصايا الحكومية تهدف الى أحداث نقلة تطويرية نوعية في تنظيم الفروع الإدارية للشركة بما يحقق الكفاءة القصوى في الأداء، حتى يعود الناقل الوطني الى صورته الحقيقية في تقديم خدمات جوية متطورة وانتظام وانضباط في المواعيد مع التركيز على الخدمات الربحية كمراكز الصيانة والشحن والتموين التي يصب عائدها في التطوير والتحديث لمواكبة المستجدات والتطورات في حقول التنمية المختلفة.
لقد أنتهجت الادارات المتعاقبة على شركة الخطوط الجوية العراقية سياسة تعامل مع هذه الملفات الشائكة والمزمنة بأسلوب يشبه ” نظرية الضفدع المغلي” خصوصا في موضوع الحظر الاوربي على طيران الخطوط الجوية العراقية فوق أوربا تلك النظرية السياسية المقصود منها اتباع سياسة النفس الطويل في معالجة أمور مستعصيه لعدم شعور مستخدمها بالخطر المباشر أو تعمده أبقاء الحال على ماهو لأجل مصالح خاصة وهو ماوضحته بصفة شخصية عبر مناشدات وتنبيهات للمسؤولين منذ سنوات عديدة ولم يجدي نفعا كون ماحصل بعدها هو أستمرار تمديد الحظر ولحد يومنا هذا برغم وعود المسؤولين عن هذا القطاع بان الاجتماع القادم في كل سنة مرت سيكون موعد رفع للحظر وهو مايشير الى ان اسلوب الحل في هذه الازمة كانت على نار هادئة جدا أخف من النار التي غلت الضفدع , فياسيادة المسؤول دعني أنبهك كعراقي يرا أن أسلوب المعالجة الحالي سيؤدي الى نهاية مأساوية محتومة لشركة عريقة تاريخها أمتداد لتاريخ العراق .