كلكامش وقد انتابه الغضب من تفجيرات الناصرية ايقظ صديقه انكيدو من نومه وحمل سيفه ووقف قرب القيثارة السومرية صارخا ايها الجبناء لاتقتلوا احفادي تعالوا للمبازة الشريفة سيف بسيف….!
الشاعر كريم الزيدي / كندا
أخذت هذا المقطع من البروفايل الخاص لصديقي الازلي كريم الزيدي على صفحة الفيس بوك ، وعليَّ أن اتحسس عمق كلماته في أسطرة حزنه ويأسه من أن الحرب في مدينتنا ( الناصرية ) هي حرب بين الفقراء العُزل والارهابي المجهول المختبيء كما البكتريا لاتُرى بالعين المجردة.!
ويبدو أن قدر الحرب مكتوب على هذا المكان منذ خليقة ابراهيم ع وحتى بيع طائرات الميك والسوخوي والميراج ومدافع 57 ملم في قاعدة الامام علي ع في مدينة أور خردة الى بعض دول الجوار وتجار السكراب.
هذه المحنة الحزينة في شكلها التراجيدي هو ما يجعل القلوب البعيدة لأهل المدينة تهتز هلعاً ومطراً من الشوق والدموع الى مدينة غادرت مشاهد توديع ضحايا حروب جبهات الربايا الشمالية وبحيرة الاسماك لتدخل في عولمة موت جديد اسمهُ ( ضحايا المفخخات ) ، وإذا كنا نعرف ان شهداء الأمس والضحايا هم الجنود فقط من مواليد 1944 صعودا ، فأننا اليوم نرى الخليط الملون من شهداء محنتنا الجديدة ، الطفل والشاب والشيخ والدمية وسقف المنزل وبسطية الخضار والديرم في سوق هرج ،.
محنة أن يجيئك عدوكَ من الداخل ولا تعرف له جهة يأتي منها سوى انه وكما شبح يركن سيارته في الشارع وتنفجر بعد حين وعليكَ في اضعف ايمان تملكهُ أن تكتبَ خواطرك على صدى لحن قديم أو البوم صور يجمعك مع أهلٍ واصدقاء تخاف عليهم الآن اكثر من خوفكَ على دخان السيكائر الذي يمزق رئاتهم ويجعلهم يشيخون مبكرا .
تكتب بأضعف الايمان ، تستحضر تلك الاطياف الرومانسية لجنوب المدينة ونخيلها واناثها اللائي يمتلكن السحر الغريب ، فيتهادى صوت داخل حسن عبر شجن الاغنية الحزينة وموالها السومري وهو يحمل تنهيدته الخُرافية عبر مزاج الدمعة والسبحة التي يفركها بين يديه لتسري مع صوته الرعشة الاسطورية التي مشت في اوردة جلجامش يوم فقد خله انكيدو وبقيَّ وحيدا ينتظر موته بطريقة اخرى تحتلف تماما عن موتِ خله .
الآن مع صوت داخل حسن وبرد اوربا المبكر ومشهد المبارزة الذي يريدهُ كريم الزيدي ليقتل فيه هذا الملثم الذي نعتقد كلنا انه صار يفخخ السيارة داخل بيوت المدينة ويركنها بأقرب مسافة ولانعرف أن كان من بقايا طلبان أو عِلان او ( طكعان )، المهم انه يقتل ويختفي ويبقى فقط دورة الاسطوانة في صوت داخل حسن تنز بالحنين والنعاء وامهات يمزقن ثيابهن ( الكُودري من الزيج الى الزيج ) حزنا على ضحايا الحرب التي تأتي الينا من داخل بيوتنا . فتكون حرب الجبهات القديمة ارحم في منظورها لانكَ تعرف الجهة التي يريد أن ياتي منها من كنت تتقاتل معه.
الآن انت تقاتل الشبح ، تقاتل الصدفة ، تقاتل التوسل بالدولة لتضع مع التكنولوجيا المتطورة والكلاب البوليسية والجهد الاستخباري الفعال حداً لهذه المهزلة التي يموت فيها احفاد جلجامش والحبوبي وداخل حسن كل يوم.
تلك التفجيرات السريالية سمفونية معادة كل اسبوعين ، والمدينة باتت تشك حتى في نفسها أن تكون هي من تفخخ جسدها منتحرة وجزعة من هذا الوضع المرتبك في بينةِ الحكم المحلي ومؤسساته والتجاذبات بين هذا وذاك .
وبين صوت أبو كاظم ( داخل حسين ) وليل اوربا البعيد في نوافذ الحنين وتخيل ملامح جلجامش بدون مكياج ملكي .تبقى الأمنية ياكريم الزيدي أن تكون الناصرية خاصرة عشق وكلمات اغنية…!