تمر علينا هذه الأيام ذكرى فاجعة حفيد النبي عليه وعلى آله وصحبه الصلاة والسلام ، وفي الذكرى مقتلة اتباع هذا السبط المبارك حبيب رسول الله ومعه أهله وعياله فقتل من قتل وأسر من أسر و روعت الحراير و السراري والإماء والاطفال دون حاجة الى تحقيق وانما امر يسلتزمه منطق القتال والحروب ايا كانت صغيرة ام كبيرة.
ولسنا هنا في معرض سرد تاريخي لنحقق في الفاعل والآمر والمنتصر والخاسر ، ولكننا نسلط الضوء على امر لازم هذا الحدث الجلل و من قبله حدث استشهاد أمير المؤمنين علي بضربة سيف في توجهه للصلاة افاضت روحه الطاهرة الى بارئها ، في الأمرين انبرى فريقان للتصارع تاريخيا وعقائديا ، فريق يبكي ماحصل ويلوم قومه او نفسه اذ لم يناصروا احفاد النبي وذراريهم ، وتركوهم فريسة لطالبيهم او مبغضيهم او لاصحاب الغرض السياسي والطمع في الحكم الدنيوي الزائل الذين يتهمونهم بإصدار أمر قتله، وفريق يبرئ الطرف الحاكم من قتل ابن بنت رسول الله و استباحة دمه ويلقي باللوم على طرف فارسي متآمر او شيعي متخاذل عن النصرة والدفاع و ما الى ذلك مما لم يعد مجهولا بعد مئات السنين من روايات التاريخ و تصنيفه.
لكن هذه المرة نحاول ان نلفت النظر الى فريق ثالث لا يريد احد ان يلومهم او يؤكد فعلهم ويستنكر تصرفهم ، بل وينكر الجميع وجودهم ، و هم فريق الناصبية ، والناصبيون سقطوا من مشاحنات التاريخ وصولا الى اختفاء اسمهم و لومهم عن ساحة المناظرة والاتهامات تماما بسبب امرين : الاول ان المدافعين عن الطرف المتهم باصدار امر القتل او القتال هم من مبجلي ومحبي علي والحسين دون شك وهم ليسوا محط اتهام اذ دينهم يامرهم بالمحبة والنصرة، والثاني ان المغالين بالتشيع لهما بالغوا بالقول للحد الذي لم يعد شيء مما يقولون مقبولا عقلا ولا مسنودا نقلا ، كذلك قد اهملوا أمر تخليهم عن النصرة والتزامهم الخذلان ماسبب في وقوع الفاجعة ، وهؤلاء لهذا السبب رموا بكل الذنب على اولئك فادعوا ان طرف المدافعين عن موقف الحاكمين آنذاك كلهم ناصبيون ، فلم يكن قولهم مقبولا ولاشكايتهم مسموعة .
لكن الحق ان فريق الناصبيين موجود و مازال ، وكان موجودا منذ زمن الفتنة وفاجعة آل الحسين وابيه من قبله ، وهؤلاء محسوبون على عموم المسلمين و قد بلغ بهم العمى والغل انهم يقابلون جهل بعض المتشيعين الشاتمين للصحابة وعرض النبي والمدعين بمسؤولية عموم المسلمين عن فاجعة الحسين وأبيه من قبله ، بشتم علي وبنيه أو النيل من مصابهم والتقليل من ذنب قاتليهم ، وتبرير ذلك لمن أمر به او خاض فيه ، وهذا والله من عجيب الغعل ومنكر القول يصل بصاحبه الى الكفر ولايقل خطأ وظلما وجهلا عن شتم الطرف الآخر لعرض النبي وكبار صحابته ،
فليس للمسلمين ثأر حتى مع الشيعة الصفويين ليقابلوا شتما بشتم او انتقاصا بانتقاص او نيلا بنيل ، فعلي وبنوه عند جماعة المسلمين مما تجب محبتهم والاقتداء بهم وهذا ماعليه عموم المسلمين بكل فرقهم وتوجهاتهم الا من خرج عنهم وشذ من الخوارج في حينه ممن تأول قول الله في الحاكمية ودخل في عقله الشيطان او غرر به من اراد بهذه الامة سوءا وفتنة فدفعه لقتل امامها الزاهد المجاهد علي بن ابي طالب ، ثم بعد ذلك مرج وهرج ادى الى فاجعة اهل بيته رضي الله عنه ،
والناصبيون اشرّ من اهل التشيع الصفوي واكثر خطرا على الامة واكبر خطأ ، فالمتشيعون المغالون الرافضيون يسبون الصحابة ويخالفون احاديث النبي وقبلها ايات رب العالمين فأمرهم بائن المخالفة والضلال ولا يؤخذ منهم قول والبعض يخرجهم من ملة الاسلام ، بينما هؤلاء الناصبيون يعيشون بين اكناف الامة المسلمة ويدينون بدينها ويتزيون بزيها ويدعون السير على هدي قرآنها وسبيل نبيها وهم ينتقصون من احد اعظم خلفائها و اعلم فقهائها بعد النبي ، وصهره وابن عمه وبطل حروبه وناصره و مفتديه في فراشه ، وابي سبطيه وحبيه سيدي شباب اهل الجنة ، ويقللون من فجيعة كربلاء اكبر خطأ ارتكبته الاجيال المسلمة بعد النبي ، ويصورون فظاعة ماجرى على انه لاشيء كبير ، وينسبون الى هؤلاء الرجال العظام عترة الدين وذراري رسول رب العالمين اوصافا لاتليق بهم ولاتجوز ، كل هذا لمجرد ناصبية و مشاحنة الروافض او من يدعون التشيع لعلي وبنيه وهو منهم -كرم الله وجهه و ارضاه- براء.
وكذلك امة المسلمين من امر النواصب وافرادهم ومعتقدهم واساءاتهم بل واشخاصهم براء الى يوم الدين، اللهم فاشهد.