22 ديسمبر، 2024 11:45 م

الناشطون المسيسون المزيفون …!!

الناشطون المسيسون المزيفون …!!

في العراق اليوم هناك العشرات من منظمات المجتمع المدني التي تقود وتفرخ وتفقس الآفا مؤلفة من الناشطين “هكذا يطلقون على أنفسهم”، الا أن كثيرا من هؤلاء النشطاء غالبا ما يتخيرون مواضيعهم التي ينشطون فيها ليحوموا حولها صباح مساء ، مقابل النوم المصحوب بالشخير العالي والمتواصل عن ملفات أخرى أشد منها وطأة وخطورة ، أحيانا بملء ارادتهم ، وأخرى بتوجيهات مباشرة وغير مباشرة من منظماتهم – أم الخبزة – فتراهم يضربون عرض الحائط ما هو أهم من الملفات الساخنة أو بموازاتها أهمية ليركزوا على قضايا محددة ومعينة سلفا يدور أحدهم حولها كـ” حمار الترعة ” .
ولعل من أخس النشطاء هو ” الناشط الطائفي ” كذلك ” الناشط المناطقي” فضلا على” الناشط الجندري “لأن الاخير فاهم القضية بالمقلوب ويكاد نشاطه كله أن يكون محصورا بالجندرية والنسوية والإجهاض وتحديد النسل ومجتمع الميم وعلم الرينبو ومنع الحمل والعلاقات خارج قفص الزوجية، والمساكنة ، وحرية المناكحة وترديد عبارة ” إطعام جائع خير من بناء ألف جامع ” ذاهلا عن “أن إطعام جائع هو خير من حرق المليارات على المولات والاسواق والملابس والموضة ومراكز المساج والتجميل وصالونات الحلاقة بهدف صناعة مليار مخنث فيلري وبوتاكسي وتاتوي ونسوي وتنويري ..ضائع وصائع ومائع ” ولسان حالهم يردد ما قاله المتنبي قديما : ”
أنام ملء جفوني عن شواردها …..ويسهر الخلق جرَّاها ويَختَصمُ
– فعندما نتحدث عن انتشار مرض السرطان في العراق وبشكل غير مسبوق بسبب التلوث البيئي وكثرة النفايات ولاسيما البلاستيكية منها كذلك أساليب الطمر الصحي المتخلفة ، وإلقاء المواد الكيميائية والمخلفات الصناعية والمياه الثقيلة من دون تدويرها في الأنهر والقنوات والمصبات فضلا على وجود بقايا الألغام والمتفجرات غير المنفلقة والمواد المشعة واليورانيوم المنضب التي ألقتها اميركا فوق رؤوسنا أطنانا بزعم نحر…يييرنا و”دمر..قطتنا” فـ “دمرتنا ونحرتنا وقطتنا ” ، سرطنتنا ومزقتنا ..اجاعتنا وسحقتنا ..فرقتنا وأفقرتنا ، وما زالت وستظل لأنها بلاد الكاوبوي الحاقد على البشرية منذ أن وطأت اقدام الهاربين من محاكم التتفيش الكاثوليكية في اوربا بتهمة الهرطقة كذلك اللصوص والسوقة والسفلة وعتاة المجرمين والمستكشفين والباحثين عن الذهب تراب الارض الجديدة ، ومذ ابادوا الهنود الحمر ابادة جماعية بحرب بايولوجية عن طريق نشر الاوبئة الفتاكة بينهم بواسطة الخيام والاغطية والملابس والفرش الملوثة التي كانت تقدم للهنود الحمر كمساعدات وهدايا واعانات وكعربون صداقة ومودة ومحبة ، فنشروا بينهم الجدري والحصبة والكوليرا والطاعون والانفلونزا والسل وكلها اوبئة لم يعرفها الهنود الحمر في قارتهم العذراء النظيفة الطاهرة قبل أن ينجسها ويدنسها الاميركان الذين ما دخلوا قرية ولا أرضا عبر التاريخ الا وفرقوا شملها ، ومزقوا وحدتها ، ولوثوا اخلاقها ، ونجسوها ، وأفسدوها ، وجعلوا أعزة أهلها أذلة، والنتيجة هي مقتل أكثر من 18 مليون هندي أحمر وفقا للكاتب الأمريكي “هنري دوبينز” في كتابه “أرقامهم التي هزلت” علما بأنهم كانوا ينقلون الاغطية والفرش من ” المستشفيات ومراكز حجر المصابين الاميركان الملوثة بالاوبئة الفتاكة تمهيدا لنشرها بين الهنود الحمر لابادتهم “فعلى النشطاء أن يتناولوا هذا المرض الفتاك أسوة بالثلاسيميا ، وتصلب الاعصاب اللويحي ، وضمور العضلات الشوكي ، وتشوه الاجنة ،وأمراض الكبد والقلب والكى ، والامراض المزمنة، وطرق علاجها وأسباب شح أدويتها وارتفاع تكاليفها مع قلة المستشفيات والمراكز والاجهزة المتخصصة وتقادمها في كل انحاء العراق من دهوك شمالا ، وحتى البصرة جنوبا وأن لا يحوموا حول مناطقهم و عشائرهم ومحافظاتهم فحسب …لأنه وعلى قول البغادة ” اذا حلقوا لحية جارك …فـ صوبن لحيتك اغاتي ” بمعنى ” أن الدور سيكون عليك في المرة القادمة ياطرطور ويا صرصور “.
– عندما يتحدث الناشط العراقي عن خطر المخدرات على سبيل المثال فيتوجب عليه أن لا – يشخصن- الآفة وأن لا – يسيسها – وأن لا – يعرقنها – وان لا – يمذهبها – فتسمع بناشط من المناطق الغربية وهو لايفتأ يتحدث عن منافذ ايران الجنوبية فقط والتي يدخل عن طريقها الكرستال والحشيش والترياق ،فيما يسكت تماما عن منافذ – سورية الغربية – التي تمر عبر مناطقه ومحافظاته ليدخل عن طريقها – الكبتاغون أو حبة ( صفر- واحد ) – والعكس صحيح مع ناشط من الفرات الاوسط والجنوب والذي يحوم حول المنافذ الغربية – اقصد مناطق غرب العراق – للمخدرات فيما يصمت صمت القبور ازاء المنافذ الشر…قية منها ، والمطلوب هو كشف النقاب عن كل المنافذ التي تدخل عن طريقها المخدرات بعيدا عن التحيز الجيو – السياسي لهذه الآفة التي فتكت بشبابنا و فلذات اكبادنا فتكا مريعا والحبل على الجرار !
– عندما يتحدث ناشط الوسط والجنوب عن قضية شح المياه وجفاف وعطش العراق فإنه يصب جام غضبه على تركيا وعلى سدودها فقط ذاهلا عن دور ايران في تحويل منابع انهارها لتصب في ارضها بدلا من ارض المصب في العراق ، والعكس صحيح تماما ، فناشط الغربية يصب جام غضبه على إيران متناسيا تماما الجانب التركي وسدوده في عطش وجفاف العراق وهجرة مزارعيه لأراضيهم ونفوق مواشيهم ، والأصل هو مناقشة ملف الإجهاد المائي للعراق وأسبابها ككل ، محليا واقليميا ودوليا وأن لا يكتفي ما يسمى بالناشط بتخير – عدوه وخصمه – المذهبي والطائفي والقومي لبحث المسألة ومناقشتها …!
– عندما يتحدث الناشط العراقي عن العنف الاسري فتراه الا ما رحم ربك وقليل ما هم يركز على عنف المناطق التي يخالفها مذهبيا وقوميا ليحط من قدرها ، ويشكك بأعرافها وتقاليدها و ادارتها وتركيبتها الاجتماعية ، مع أن مناطقه تغص بهذا النوع من العنف البشع وزيادة من باب ” كل ناشط عراقي …عدوه كبال عينه ” والاصل هو تناول موضوعة العنف الاسري ككل في عامة العراق وليس نصفه أو ثلثه أو خمسه حتى !
– عندما يتحدث ناشط الوسط والجنوب عن قانون العفو العام وضرورة اطلاق سراح المظلومين وضحايا المخبر السري والدعاوى الكيدية فتراه يركز فقط على ” نشطاء تظاهرات تشرين ” أما عن ضحايا بقية المناطق والتظاهرات السلمية فليست ضمن حساباته ولا شعاراته وكأنهم من كوكب آخر ..وكأنه يقر قلبا ولسانا بأنهم غير مشمولين بالعفو ، بل ولا يستحقونه …ولايختلف الحال مع نشطاء الغربية فإنهم غير معنيين ” بمظلومي تشرين ” ولا بسجناء رأي المناطق الجنوبية والوسطى ربما لأنهم ومن وجهة نظرهم لايستحقون العفو ولا حتى الحديث بشأنه ونتيجة لهذا الخلاف الصارخ ولذلك التخير والتحيز المشؤوم هو تأجيل أو تأخير أو تسويف أو المماطلة بإصدار قانون العفو العام بل وحتى الخاص ، والبين بين ” مع تأكيد كل من الطرفين بأن مطالبتهم بالعفو العام إنما تشمل الابرياء والمظلومين كذلك ضحايا المخبر السري والدعاوى الكيدية وكل من لم تتلوث أيديهم بدماء العراقيين الابرياء وهم غير معنيين بالمتورطين بالدماء الزكية والقتل والاجرام والارهاب .
– عندما تتحدث عن ملفات الطلاق واسبابه ،عن العنوسة ،عن الانتحار ، عن التسول ، عن التشرد ، عن معدلات النزوح والتهجير ودوافعها ،عن انتشار الامية الابجدية ،عن الفقر والبطالة،عن المدارس الطينية والكرفانية ، عن الغلاء الفاحش ،عن انهيار الصناعة والزراعة الوطنية ، عن انهيار العملة المحلية مقابل ارتفاع الاجنبية ، عن التهريب،عن الرشوة والمحوسبية والمنسوبية،عن الفساد المالي والاداري والسياسي في الدوائر والمؤسسات والوزارات ،فعليك ان لاتتخير مناطق ومحافظات ووزارات ودوائر ومؤسسات من دون أخرى تريد الطعن – مذهبيا وحزبيا – بمن يخالف وينافس توجهات الداعمين لك في الانتخابات النيابية والمحلية ، لأن الكارثة والمصيبة والطامة الكبرى واحدة ويعاني منها الشعب العراقي كله بسنته وشيعته ، بعربه وكرده وتركمانه ، بمسلميه ومسيحييه ، بعلمانيين ومتدينيه ، صحيح انني أعلم جيدا وبكم عملي الصحفي بأن “من يدفع للناشط المسيس ” إنما يريده أن يختار ويتخير المشكلة التي يراد اثارتها والتركيز عليها في زمان ومكان ما ، لا لغرض علاجها أو حلها – مو عيب – وانما لتسييسها ، ولمفاقمتها ، ولـ عرقنتها ، ولمذهبتها لتدخل ضمن صراع كسر العظم الدولي والاقليمي المحموم ومناهج الازاحة المتبادلة بينهم لنهب خيرات ومصادرة ثروات وسرقة اثار العراق وتدميره بالكامل لا اكثر لتكون – صرخات الناشط- الفجائية والانسانية وبعد طول صمت ، بمثابة صرخات وهمية ومسيسة وهواء في شبك ،تمثل جزءا لايتحزأ من ملفات الضغط الانتخابي ، والابتزاز المكوناتي ،والتسقيط السياسي ، وحرب الدول بالوكالة على ارض العراق ، الظاهر منها والمستتر لا أكثر …لأنني لم و لن اقتنع يوما بناشط “يفتح ملفا “شائكا لطالما سكت عنه طويلا من دون سبب واضح ومن ثم يفتحه هكذا فجأة في محافظة ..مدينة ..قرية ..ليصمت صمت القبور وبما هو غير مبرر بالمرة عن نظيرها في محافظات ومدن وقرى أخرى تخالف الأولى مذهبيا وطائفيا وقوميا !
أيها النشطاء المزيفون المسيسون الا ما رحم ربك لقد هرمنا و مللنا وسئمنا من أسلوبكم الطائفي والمناطقي الباهت المقيت غير الموضوعي وغير الحيادي المتقوقع المتحيز والذي لم ولن يعالج مشكلة ، ولن يحل معضلة ، ولن يرفع ظلما ، ولن يحق حقا ، ولن يدحر باطلا ، ولن يفتح ملفا عراقيا شائكا قط …
وخلاصة القول ” لا ثقة بناشط يتخير مواضيعه وملفاته وقضاياه الانسانية والاجتماعية مناطقيا وطائفيا ليسكت عن أخرى أشد إلحاحا ، وأكبر ضررا ، اوسع انتشارا لأن وراء الأكمة ما وراءها منن اجندات وبروباغدات والا قلي بربك ماهو الفرق ” بين مريض بالسرطان شيعي ومريض بالسرطان سني ..بين مريض بالثلاسيميا عربي ،ومريض بالثلاسيميا كردي …بين مريض بضمور العضلات الشوكي مسيحي ، ومريض بضمور العضلات الشوكي مسلم ..وكلهم يعاني ويتألم ويستصرخ الضمائر الحية والميتة على سواء ، ويجد صعوبة في توفير العلاج ، وشراء الدواء ، وإجراء العمليات الجراحية في ذات المراكز الصحية والمستشفيات ، ماهو الفرق لتتخير أيها الناشط المزيف معاناة طائفة وقومية مع مرض فتاك من دون آخرى ، غير أن الجهات الداعمة تريد تحيزا كهذا يخدم أغراضها واجنداتها وصفقاتها وتحالفاتها السياسية والانتخابية ؟! أودعناكم اغاتي