تسقط بضع قطرات من مطر، فتفيض المجاري، مكتسحة بغداد، جراء قصور أداء أمانة بغداد، كما لو أن الغيم أكتشف أمس، والشتاء حدث جديد في حياتنا، والمجاري اختراع لا سابق له.
الكهرباء وحدات توليد النطيحة، ووحدات توزيع المتردية، انتظمت هذه الايام، متمنين ان يتصاعد انتظامها، ولا نتفاجأ بأن هذا الانتظام مجرد صحوة موت، تسبق الانتخابات.
فرحون بأستمرار تجهيز الكهرباء، مع انها ليست بمشكلة، لو لم يردها الطاغية المقبور صدام حسين، ان تكون مشكلة، يعاقب بها شعب انتفاضة آذار 1991.
تضافر معه الاهمال الرسمي المتعمد، إذ تبوأ صنع القرار.. تشريعا وتنفيذا، رجال لا يعنون الا بأنفسهم، مثل صدام الذي قال عنه محمد حسنين هيكل: “عني بنفسه وأهمل الدولة”.
فأعضاء مجلس النواب، يتقاضون رواتب خرافية، منذ 2003، لحد الآن، ولم ترتوِ شهوتا المال والنساء، لديهم؛ ما أخر عودة الكهرباء، لكن تأتي متأخرة، خير من الا تأتِ.
والتربية الطينية، عودا الى ألواح المدارس السومرية والبابلية، في بلد ينكفئ على مركز بئر النفط العالمية، بمكامن مفتوحة للإستخراج بيسر تهفو اليه الشركات العالمية.
والصحة والسياحة و… مراجعة دوائر الدولة، التي كثرت متطلباتها، تعجيزية؛ كي يلجأ المواطن الى المعقبين المتواطئين مع موظفي الدائرة، من مديرها العام، نزولا الى الفراش.. كلهم يلعنون المعقبين، لكنهم لا يروجون معاملة لا ترد عن طريق “قفاصتهم”.
***
لقد أسمعت لو ناديت حيا، ولكن لا حياة، بمن تنادي؛ لذا ما عاد العراقي يشكو، وإن شكى فلمن؟ لوزير لا تنفذ كلمته في وزارته، ويتلجلج أمام سكرتيرته التي إطلعت أمس على خوائه الغريزي، ويتلعثم امام موظف ورّد له حصته من “كومشنات” تقاضتها الوزارة من شركات إستثمارية؟
***
يظهر المسؤولون من شاشات التلفزيون، يبررون جرد العناء الذي كابده المواطن، بعد يوم الاربعاء 9 نيسان 2003، تضافرا مع معانيات موروثة، تعفنت وتعتق سمها، راكدة في المكان، واضيفت لها عناءات أخرى، انبثقت من بين يدي المواطن ومن خلفه ومن على الجنبين ومن حيث لا يحتسب.
يبررونه بإضطراب التوافقات بين الكتل السياسية في مجلس النواب، التي لا تريد منجزا يجير لصالح الحكومة، وأن الارهاب يعيق العمل إجرائيا، وشحة التخصيصات، عذر مضحك؛ لأن فلوس العراق كافية للانفاق على شعوب الكرة الارضية قاطبة؛ طرحه غفلة ممن يطرح، أو إستغفال للسامع وتشاطر على أناس لا حول ولا قوة لهم، ليس سوى ترديد “حسبنا الله ونعم الوكيل”.
***
اسوق هذا القول؛ لتأكيد أن المواطن غير معني بهذه المبررات، انما يريد معالجات فورية؛ لأن اقتصاد العراق قادر على ايجاد الحلول بعصا سحرية، لا إرهاب ولا تخصيصات ولا تباين مواقف داخل مجلس النواب، كلها تعني الحكومة وليس الشعب؛ فالمعادلة قائمة على مبدأ “من يده في الماء ليس كمن يده في النار” و”الحق للسيف والعاجز يدور اعذار”.
***
كفوا الاعذار وإشتغلوا، منذ ظهور نتائج الاقتراع، وليس عندما تقترب الانتخابات…