يكثر الحديث هذه الايام عن ظاهرة العزوف عن القراءة ، ليس لدينا فقط بل في كل العالم..
عدد من الروائيين الالمان نشروا رسالة عامة قبل فترة، اعلنوا فيها انهم سوف يتوقفون عن نشر اعمالهم وطباعتها بسبب عدم القدرة على بيع الحد الادنى من النسخ التي تضمن تغطية تكاليف الطباعة وتؤمن للكاتب مصدر رزقه لانه محترف ويعيش على قلمه !!
الناس تقرأ بل ربما تقرأ اكثر من السابق ، بمقياس عدد الكلمات التي يقرأونها وعدد الساعات التي يقضونها في القراءة.
اينما تذهب ترى الناس منهمكين في القراءة في تلفوناتهم ، في النقل العام والمطاعم والمقاهي والمكاتب. لايكادون يتحدثون مع بعضهم ، بل يقرأون حتى داخل العائلة !!
لكن ، ماذا يقرأون ؟؟
الواقع ان هذا النوع من القراءة يتميز بما يلي:
-الاخرون يقررون لنا ماذا نقرأ!!
يرسل لنا الاصدقاء او نعثر في منشورات على الفيس بوك والانترنت، مواضيع مختلفة معظمها قصيرة ومتنوعة تتراوح بين النكتة والحكمة والشِعر وغير ذلك . المُرسِل او الناشر هو الذي قرر انها تستحق القراءة وارسلها..
-منشورات كثيرة ومتنوعة ومستمرة طيلة الليل والنهار، تسبب الارهاق ولاتترك وقتاً لقراءة كتاب متكامل نختاره نحن باستقلالية..
-بناء المعرفة يحتاج الى قراءة منهجية وجادة ومركّزة ومُنتجة..
-القراءات الحالية في معظمها، تشبه تناول قضمات صغيرة من اصناف عديدة من الطعام، يشعر بعدها الانسان بالامتلاء لكنه لايعرف بالضبط اي طعام اكثر لذة ومتعة ..
-لانستطيع بناء معرفتنا من الصفر، حيث ان الانسان البدائي فقط هو الذي بدء من الصفر/ عندما تعلّم ايقاد النار والصيد وصناعة السهام ..
اما الآن فيجب ان نبني فوق مابناه الآخرون ويجب ان نقرأ ونعرف ماذا عمل وماذا قال الآخرون في ميدان معيّن.
حيث أن القراءات الكثيرة والمبعثرة لاتبني معرفة او موقف او رأي او مساهمة ذات قيمة..
القراءة وحدها هي من تستطيع عمل ذلك.