18 ديسمبر، 2024 9:51 م

المِنطقة \.. الإقتراب من حافّات الغليان

المِنطقة \.. الإقتراب من حافّات الغليان

إذ لابدّ من البدء من العراق الذي تتسيّد مرارته وحرارته لتفاعلات الأحداث , وما لذلك من خلفياتٍ .

العنصر الجديد الذي جرى إدخاله على الساحة , هو مطالبة الفصائل المسلحة بخروج وإخراج القوات الأمريكية حتى من ” قاعدة الحرير ” في اربيل ! وهذا الأمر لم يكُ مطروحاً سابقاً , وهددت هذه الفصائل بغلق وإخلاء كافة القواعد الأمريكية في العراق , وبعكسهِ فإنّ الضربات الصاروخية ستغدو أشد نوعياً وكميّاً , ولا تعليق امريكي على ذلك , وليس من المتوقع بنظر المراقبين أن يهرع الأمريكان لسحب ما تبقى من قواتهم في الظرف الحالي المتعدد الأبعاد على الأقل .! , ويتزامن هذا الموقف ” بشكلٍ تقريبيٍ ” مع قرار واعلان الولايات المتحدة عن سحب اجزاء نوعية من

قواتها العسكرية من بعض ارجاء المنطقة وخصوصاً من دول الخليج < دون ذكر العراق > واشتمل ذلك على سحب حاملة طائرات والفرقاطات والطرادات المرافقة لها من مياه المنطقة , كما انّ هنالك تسريبات اعلامية ” لم يتم التأكد من دقتها ” عن سحب الأمريكان لمنظومة صواريخ باتريوت من السعودية , في الوقت الذي تتصاعد فيه هجمات الحوثيين ضدّ المملكة بالصواريخ والطائرات المسيّرة المفخخة .! , والأمر بمجملهِ يدور بما يدور في ذهن الرئيس بايدن , وحول كيفية التعامل مع الملف النووي الإيراني .

من جانبٍ عربيٍ آخر , فإنّ اجتماع قادة الأركان للجيشين المصري والسوداني , وأمام عدسات وسائل الإعلام , بالإضافة الى تحذيرات الرئيس السيسي من المساس بأي قطرةٍ من مياه نهر النيل , فكلّ ذلك وسواه ينذر ويوحي بالتهيّؤ لإحتمالات توجيه ضربة عسكريةٍ جوية على سدّ النهضة , ما لم تستجب اثيوبيا لمتطلبات الأمن المائي المصري – السوداني , ولا يزال الأمر مبكّرا الى حدٍّ ما عن هذا التوجّه العسكري .

على صعيدِ سوريا , والتي تكاد النظرة القومية نحوها بطريقةٍ مزدوجة وربما اكثر , فبقدر حرص واهتمام الشارع العربي على وحدة وسيادة الدولة السورية , لكنّ ما يقابل ذلك بالضدّ هو الموقف المبدئي تجاه تواجد بعض القوى والقوات الأجنبية المتضادة مع الأمن القومي العربي , بالإضافة الى كثرة وتكاثر ميليشياتٍ غريبةٍ من خارج دول المنطقة في الساحة السورية , فضلاً عن التنظيمات الأرهابية والعرقية الأخرى , وتتحمّل العديد من فصائل المعارضة السورية الوزر الأكبر في ذلك .

من اللافت للنظر ” وبشكلٍ حادّ ” أنّ وسائل الإعلام الغربية ” والتي تتناغم وتتواءم مع مواقف قادة بعض الدول الأوربية بجانب الأمريكان ” فإنها تتخذ مواقف استباقية ” ومتضادة ” ومبكّرة من الإنتخابات الرئاسية السورية المقبلة .! وكأنها على يقينٍ مسبق بفوز الرئيس بشار الأسد في هذه الأنتخابات , وبأيّةِ صيغةٍ من الصيغ المفترضة وغير المفترضة .! , وبتقاطعٍ مع كلّ ذلك , فما وصلت اليه الأمور في الضيق الغذائي والأقتصادي المدقع , للشعبين السوري واللبناني , فإنّما يشكّل وصمة العار الكبرى والمجسّمة لكل الملوك والرؤساء العرب ” وفي تأريخ العروبة ” من عدم إمداد وإغراق لبنان وسوريا حتى بالخبز وزيت الطعام ومشتقات ومرادفات ذلك غذائياً .! ودون وجود مسوّغاتٍ لخلط السياسة والمواقف مع الحالة الإنسانية العربية ومتطلباتها الحياتية .!

ايضاً , فالإرهاب الفكري والتطرّف الديني وبأشباحٍ داعشية بدأ في حالة انتشارٍ بطيئة ومدروسة في اقطار المغرب العربي , واختيرت تونس الخضراء كمحطةٍ اولى في هذا الطريق الوعر .

هنالك كذلك حالة من الإستنفار النفسي , سياسياً واجتماعياً في دول الخليج العربي من احتمالات تطوّرات الوضع بين الولايات المتحدة وايران , وانعكاساتها التكتيكية على الوضع الخليجي , وخصوصاً بعد تولية فرنسا للقيادة البحرية في حماية الملاحة في مياه الخليج العربية .

وكم من السُخف أن ترتبط اوضاع وأمن واحوال دولٍ عربيةٍ بمضاعفات الخلاف الإيراني – الأمريكي , ودونما استرسال في هذا المجال .!