18 ديسمبر، 2024 7:00 م

المُستبدأ يفتش عن عبيد لا عن مواطنين

المُستبدأ يفتش عن عبيد لا عن مواطنين

كثيرون منا يعلنون تذمرهم وشكواهم من شيوع ظواهر شاذة في المجتمع كالانتهازيين واللوگيه وكتاب التقارير .. الخ.
لكن اذا لم نتمكن من وضع الظواهر الاجتماعية المضطربة في سياقها الطبيعي ستسيطر على عقولنا و مشاعرنا حالة من سوء الفهم والتشاؤم ربما.
من ناحية واقعية يمكن القول أن هؤلاء هم نتيجة وليسوا سببا، فظاهرة الانتهازيين و اللوگيه وكتاب التقارير هي من نتائج الاستبداد وليست سببا له، ويمكن أن تصبح أحدى عوامل استمرار الاستبداد لاحقا، فالحاكم المستبد يفتش عن عبيد وليس عن مواطنين أحرار .. فيوظف هذه الشخصيات المخذولة المحرومة من الوعي والاعتداد بالنفس بصفتهم عبيداجاهزين للخدمة .
– وعندما تطول مدته تصبح للاستبداد ثقافة هي ثقافة الضحية والجلاد والعلاقات الشائكة بينهما .. هؤلاء اللوگیه ومنتهزو الفرص هم في الحقيقة ضمن قائمة الضحايا، فمواقعهم اساسا بائسة لا يحسدون عليها حتى لو احتلوا المواقع الأولى في الدولة لانهم اتباع وليسوا مراكز قرار، اتباع بمعنى يؤتى بهم عند الحاجة لتأدية دور معين مقابل أجر معين، ثم يوضعون على الرف عندما تنتهي صلاحيتهم ..
هل هناك من يحسد عادل زويه او علي الشلاه او شوقي عبد الأمير او عبد الأمير العبودي وحسين العادلي او علي الدباغ او حسين الشهرستاني وامثالهم على ما هم فيه بعد أن أصبحوا عاهات في تاريخ العراق ؟ طبعا لا، فما بالك بمن هم أدنى منهم ؟
علينا أن نناضل من اجل تحقيق العدالة للجميع لانقاذ الآخرين من الوقوع في نفس المستنقع .. وذلك بإعادة الحياة للاقتصاد العراقي وخلق سوق عمل متجددة تكفل للمواطنين وظائف تضمن لهم انسانيتهم ولا تطالبهم بالتنازل عن كبريائهم كبشر ولا عن التزاماتهم كمواطنين.
نحن لا نستطيع أن نحقق هذا الآن طبعا، بل علينا أن نرجح المفاهيم الواقعية الموضوعية حين نتأمل الظواهر السلبية التي تحيط بنا وتواجهنا يوميا ..
لنساهم في صناعة دولة عادلة تحترم انسانية المواطن، ومجتمع متحضر متعاون لا ينتج مثل هذه الظواهر المختلة والغبية .. مجتمع من دون عاهات او حشرات سياسية.