18 ديسمبر، 2024 11:40 م

المَصْكَعَة!!

المَصْكَعَة!!

من صَقعَ أو صَقعه أي ضربه ببسطِ كفه.
وهي مَصقعة فتحولت باللهجة السامرائية إلى “مَصكعة”.
والمَصكعة (الكاف تلفظ كالجيم باللهجة المصرية) , يوصف بها الشخص الذي يتلقى الضربات من كل حدب وصوب وبتواصل.
كالصبي الذي يعود إلي أمه كل يوم عدة مرات باكيا , بسبب ما تعرض له من ضرب من أقرانه.
ويقولون لمثل هذا الصبي : “ولك شنو صاير مَصكعة , صير سبع”.
ويقولون أيضا : “هذا شلون مصكعة , أو مَكفخة ,  ياهو الجاي يبلش بيه ضرب”.
ومَكفخة على وزن ومعنى مصكعة.
ويُقال “مَصْكوع” , أي خائف ومرعوب.
,أحيانا نسمع قول “إشصِكعَك يا مسودن”.
و”مسودن” كلمة مستعملة في الوسط والجنوب وتعني المَخبول.

والعلاقة ما بين (الصاكِع) , أي الذي يقوم بفعل التعدي و (المَصْكوع) , أي الذي يتلقى الفعل أو الضرب والإعتداء, تتحكم بها عوامل متفاعلة فيما بينهما.
فالصاكع , يتباهى بالقوة والفوز , وتتملكه إرادة الهيمنة والسيطرة والإستئثار , والرغبة الملحة للعدوان.
وما يقوم به (الصاكِع) يؤكد هذه المشاعر والعواطف المتأججة فيه , وكلما تكرر فعله , تنامت لديه قدرات ومهارات وتسويغات (الصَكْع) المُبرح للآخر (المَصكوع).
وقد يستخدم (الصاكع) عمله , للتخلص من المشاكل الداخلية أو الذاتية , أو بسبب الغيرة وللإنتقام , وإزاحة المشاعر السلبية على غيره , أو للتعبير عن طبيعته العدوانية المتأصلة فيه , وعندما يتحول (الصكع) إلى إدمان , فأنه يحقق متعة سلوكية متكررة.

أما (المَصكوع) , فأنه يقوم بسلوكيات عنيفة ضد نفسه , أي أنه بدلا من مواجهة (صاكِعه) , ينال من نفسه , لفقدان ثقته بها , وكآبته , وخوفه وقلقه , مما يؤدي إلى إضطرابات سلوكية وإنتحارية , وعُصابية.
فيميل للحزن والبكاء والعويل , والهلع والتداعي المرير , والتشرد , والسُعار الهستيري , واستلطاف المآسي والويلات , وربما الإنطواء في زوايا الغياب والفناء.
بل أنه يقوم بأفعال , تحفز وتشجع (الصاكِع) على التمادي في (صَكْعِه) , وكأنه صار يتلذذ بالإيلام , ويستطيب دور الضحية والمظلومية والمقاساة الحامية.

وفي هذه الدنيا المتصارعة على مصادر الطاقات والقدرات , تتحول بعض المجتمعات إلى (مَصْكعَة) , فتستهدفها القوى الأخرى القادرة على (الصَكْع) , وفقا لمتطلبات مصالحها وإتجاهات أهدافها وغاياتها البعيدة المدى.

وفي خضم أوضاعنا التي تتعرض فيها مجتمعاتنا للكفخات من كل الجهات , تذكرت كلمة (مَصْكعة) , وتساءلت بألم وحسرة , عن هل أن مجتمعاتنا صارت  (مَصْكعة) , (يا هو الجاي ينطيها كفخة)؟!!