الموهبة في العراق… حين يُغتال الحلم بسلاح الفوضى حارة كل مين إيدو إلو

الموهبة في العراق… حين يُغتال الحلم بسلاح الفوضى حارة كل مين إيدو إلو

في بلدٍ كان مهد الحضارات ومصدرًا للعلم والشعر والفن باتت الموهبة فيه عبئًا لا نعمة وأصبح الحلم مشروعَ خسارة لا طريقًا للنجاح, في العراق اليوم الكفاءة لا تُكافأ والمجتهد لا يُحتفى به بل يُطمر تحت ركام الفوضى والسلاح المنفلت والمحسوبية وتحالف السلطة مع القوة على حساب الحق,وكأن لسان حال هذا الوطن يردد كما قال الفنان دريد لحام
حارة كل مين إيدو إلو.
وهكذا تحوّل العراق بلد العقول إلى ساحة تتنازع فيها قوى الأمر الواقع كلٌ ينهش من جهته بينما الفقير يُقصى والموهوب يُهمّش والشريف يُسحق بين صراعات لا ناقة له فيها ولا جمل.
حين يُغتال القانون ويُستبدل بالسلاح في العراق, لم تعد الدولة هي الحَكم ,الأحزاب تمتلك السلاح والسلاح يمتلك القرار من يحمل البندقية يُملي شروطه على الوزارات على القضاء على الشارع بل حتى على التعليم والثقافة,وهكذا، صار الانتماء الحزبي أهم من الشهادة الجامعية والولاء أهم من الولادة في هذا الوطن.
القانون موجود نعم لكن لا أحد يجرؤ على تطبيقه عندما يتعلق الأمر بـالمحسوبين على الجهات الفلانية.
المؤسسات تُدار بالعُرف لا بالنظام الثروات تُنهب تحت أعين الدولة والعجيب أن الكل يعرف… لكن لا أحد يملك القدرة على المواجهة لأن الخصم هنا مسلّح ومؤيد ومُحصّن سياسيًا.
وطن يُدار كالغنيمة لا كدولة,الوزارات تُقسّم كحصص حزبية العقود تُمنح بالمزايدات الطائفية الوظائف تُباع أو تُوهب والفقراء يُطالبون بالصبر… أو الهجرة… أو الصمت
أصبحت كل مؤسسة حكرًا لطرف,كل حزب يسيطر على قطاع.
كل جماعة مسلحة تفرض قانونها على منطقة,الطب, التعليم، النفط، المقاولات, الجمارك, حتى الثقافة… الكل نُهب.
بينما الشباب الخريج الموهوب، النظيف يجد نفسه عاطلًا عن العمل مهمشًا لا لأنّه فاشل بل لأنه لا ينتمي ولا يبيع مبادئه ولا يحمل سلاحًا.
الموهبة في زمن اليأس يقول نص شرقي قديم
حتى وإن امتلكتَ موهبة عظيمة، إن لم تُفتح لك بوابة الحظ فلن تُثمر,لكن في العراق الأمر أكثر قسوة حتى وإن فُتحت بوابة الحظ فإنك ستُمنع من دخولها إن لم يكن في يدك توصية حزبية أو كنت ابن جهة أو تحمل بطاقة دم
الموهبة هنا لا تُغتال بالصمت فقط بل تُغتال بالقهر بالإقصاء بالتهميش المتعمد بل وأحيانًا بالتصفية الجسدية إن تجرأت على أن تقول لا في وجه الفساد
هل من أمل نعم لأن العراق ما زال يملك عقولًا نقيّة وشبابًا يعرفون الحق ومواطنين تعبوا من الطائفية والسلاح والانتهازية.
لكن البداية تكون من كسر قانون الغابة وإعادة الاعتبار للدولة، للدستور، للعدالة.يجب أن تكون الكفاءة معيار التعيين والموهبة سببًا للتمكين، لا للاستبعاد.
حارة كل مين إيدو إلو ليست قدرًا بل نتيجة لصمتنا الجماعي
إذا أردنا وطنًا يحترمنا يجب أن نحترم أنفسنا أولًا
وأن نُجرد الأحزاب من سلاحها ونُعيد الفقير إلى طاولة القرارونفتح أبواب الحلم للموهوبين لا للمدججين.

أحدث المقالات

أحدث المقالات