23 ديسمبر، 2024 12:54 م

الموصل والخيبات الثلاث

الموصل والخيبات الثلاث

منذ عام 2003 وكل مناطق العراق أصبحت تحت المجهر من حيث مواقفها من الاحتلال البغيض الذي ابتلى به العراقيون وخاصة العامة منهم والذين لا ناقة ولا جمل لهم من كل ما جرى قبل وبعد احداث 9 نيسان 2003.كانت البصرة (الخليج) بوابة دخول تلك القوات الغازية الى بلدنا العراق وقد لاقت تلك القوات مقاومة لا تنكر سواءا من بعض القوات المسلحة او من الأهالي المتطوعين ذاتيا لمكافحة هذا الجراد الداهم لارضهم ومزارعهم وكل ما يملكون وهم يعرفون انها ليست حرب تحرير كما روج لها ولا ثورة للخلاص من الحكم الصدامي كما قيل وما زال يقال بدافع تشريع هذا الخراب الذي سحق الأخضر واليابس والكل يعيش الحيرة مما يقال ومما يحدث اليوم..الذي حصل لا يمكن ان يكون ثورة لان الثورات في كل تعاريفها القديمة والحديثة تقول ان الشعب المبتلى بحكومة دكتاتورية عادة ما يقوم هو بنفسه بالثورة ومن ثم بالتغيير وحتى ان كان ذلك على جماجم المتعبين..هذه هي الثورات وتلك هي كتابة التاريخ الاصيلة لا عن طريق العمالة والتخوين واستقدام هولاكو بكل سطوته ووحشيته ليغير لنا حكوماتنا ومن ثم يعلق رؤسائنا بالمشانق ومن ثم نذهب مصفقين مهللين اننا انتصرنا وهاكم ما فعلنا بقتل الطاغوت وبداية عصر حر جديد مجيد….

نعم ومنذ صاعقة 2003 وهناك الكثير من الاحاث حصلت وتكشف الكثير من الغث وماع السمين بحرارة التغيير فلم نر بعد له وجود.. عندما احتلت القوات الغازية العراق انطلق الجيل الأول من المقاومة الشريفة الباسلة برجال غالبيتهم كان دافعهم الغيرة ورفض الاحتلال وهم اخر من يفكر بمقعد وزير او عضو برلمان لان تحصيلهم العلمي بالكاد يقراون ويكتبون لكن سطوة الاحتلال كانت قاسية عليهم ومحفزة لمكامنهم العروبية ان يقاتلوا بما تيسر من سلاح وقد رأينا ما فعلوا بقوة الاحتلال وكيف انهارت اعصابها بفعل هؤلاء الرجال المجهولين…

الخيبة الأولى:

انتشرت المقاومة في وسط وشمال وغرب العراق العربي بكل عنفها وامتدت الى الموصل وربما احد يسأل من قاتل الاحتلال في الموصل( الحدباء) والجواب انهم أبناء الريف مع قلة بسيطة من أهالي الموصل الأصليين.. بل الامر تعدى ذلك الى ان ضاق المواصلة ذرعا بالرجال القرويين الذين دخلوا المدينة كالاشباح يتصيدون جنود المحتل..ضاقوا ذرعا بهم وكما يقولون ان هؤلاء الصبيان(العجايا) سببوا لنا المتاعب مع المحتل والذي قد يدمر منازلنا او يغلق محلاتنا ويربك عملنا وبالتالي يقل محصولنا وخراجنا من الناس البسطاء.. اختفت الكثير من الرؤوس العسكرية الكبيرة التي كانت تقود الالاف من العسكر في حروب طويلة عاشها العراق ..

الخيبة الثانية:

عندما حصل الاحتلال الاميريكي من الجنوب ووصل الأطراف الجنوبية من الموصل كان هناك احتلال اخر امتد من الشمال بقوة لم تتعدى فوج من البيش مركة يتقدمهم (القائد الهمام العادل

النزيه) مشعان الجبوري ليدخلوا الموصل بسلام ودون اية مقاومة وكانهم الفاتحين..استسلم اهل الموصل لهذه الشلة التي واجهت ما واجهت عندما دخلت قوة من البيش مركة بعددها وعديدها قضاء الحويجة ولكن الصورة كانت مختلفة هناك حيث واجهتهم العشائر برجالها الاشداء ولم يرجع منهم واحد بل تمت ابادتهم بالكامل ومنذ ذلك الحين ما زالت الحويجه مهيوبة بالنسبة للاخوة الكورد..

الخيبة الثالثة:

صحيح ان جيش المالكي وشرطته اعاثوا بالأرض فسادا وافسادا وتسويقا فاشلا لطائفية لسنا بحاجة الى نارها كعراقيين والكل يشهد على ذلك سواءا من العسكريين والشرطة من أهالي المناطق المنكوبة او من أهالي تلك المناطق الذين سامهم الجيش والشرطة سوء العذاب ولكن هذا لا يعني ان نسلم مستقبلنا لثلة من المجرمين المتخلفين من (الدواعش) ونستقبلهم كفاتحين او قل نبعد شرهم بالابتعاد عنهم وتركهم يحتلون الديار.. صحيح ان الدعاية مرسومة الأهداف والتي انطلقت من الموصل تحيدا ان الذين اقتحموا الموصل هم رجال وطنيون جاءوا لتحرير البلاد والعباد من ظلم جيش وشرطة المالكي ولكن اليس لنا عقول يا اهل الموصل والتي هي بمثابة العمود الفقري للمناطق الساخنة ان نتبين الحق من الباطل وان نشخص اللباس الافغاني الغريب علينا والذي دخل مدينتنا مسلحا ومحتلا ونتذكر ماساة أفغانستان طويلة الأمد بسبب وجود هؤلاء القتلة في تلك البلاد..

صحيح ان المواصلة الأصليين يعبدون المادة والقوة ولكن الذي حصل هو تفكير وتدبير مرحلي كان عليهم ان يحسبوه جيدا فخروج هؤلاء الدواعش من المدينة قد يكلف الاف الاضعاف لو قاتلهم المواصلة في بداية الامر واخرجوهم من ديارهم..ان معركة الموصل القادمة والتي لا مفر منها قد تحيل المدينة الى ركام وتدمرها عن بكرة ابيها وهنا ما الذي جنوه المواصلة من الاستسلام لهؤلاء المرتزقة المجرمين..ان تفجير جامع النبي يونس كان كافيا ان يثور اهل الموصل ويقتلون هؤلاء المجرمين ولكن حسابات اليوم غير حسابات المستقبل الاغبر فلا النجيفيان بخسرانين ولا أصحاب رؤوس الأموال جالسين ينتظرون الموت.. الموت دوما نصيب الفقراء والجهلة لا غير….