الزوبعة التي أثارها بعض نواب الموصل، وتغريدة سيد مقتدى الصدر، حول الأمن المفقود في الموصل، وفرصة عودة تنظيم داعش لها،كانت له تداعيات حقيقية على الارض في نينوى، ألقّتْ حصاة في بركة الموصل ألأسنة، وحرّكت حكومة بغداد، فأرسل القائد العام رئيس الاركان فوراً ،للوقوف على صدقيّة وخطورة التصريحات، ومدى صحتها وكيفية معالجتها، وظهر رئيس أركان الجيش في مؤتمره الصحفي ، بعد أن زار القطعات العسكرية على طول الحدود العراقية – السورية، والقطعات داخل مدينة الموصل، مصرّحاً – لايوجد خطر لداعش على الموصل- وإنما هناك حالات فردية، يجب معالجتها والوقوف عليها ،تتمّثل في تعدّد الأوامر والقرارات وتفرّد قسم منها ، مع فساد في بعض الاجهزة والدوائر الحكومية التابعة لوزارتي الدفاع والداخلية ، ونضيف الى هذا ،أن خطر داعش قد إنتهى الى الأبد ، لأنه فَقد حاضنته الى الأبد،ولكن ما يجري في الموصل هو أخطر من داعش بكثير،على مستقبل الامن في الموصل، وحياة أهلها، ألا وهو الفساد في كلّ مفاصل الحكومة المحلية ودوائرها ومشاريعها ،نجملها في تهرّيب النفط والبنزين من حصة المحافظة وتهريب خردة الحديد ، وسوء شديد في إنهيارقطاع الخدمات الصحية والتعليمية ،بسبب الفساد واهمال الوزارات، وفساد كبير في نقل ملكية اراضي الدولة ،من قبل جهات متنفذة في المدينة،والفساد الكبير الذي تحدث عنه محافظ نينوى في المنظمات الإغاثية والخيرية والانسانية ، والتي أغلبها تابعة لجهات مشبوهة، تعمل تحت يافطة إنسانية وخيرية ،وهناك مئات المشاريع الإستراتيجية المتوّقفة ،بسبب الفساد وسيطرة مافيا الفساد المسلحة عليها، بتهديدّهم المقاولين وإبتزازهم، ومنها مجسر المثنى ومجسرّات الجامعة والنبي يونس وغيرهما، بل هناك خلايا لداعش مازالت تعمل، وتتربّص الفرصة السانحة لتعكيّر الأمن، وإشاعة الخوف والارهاب في المدينة ، إن كانوا يسكنون المخيمات أو مع عوائلهم ،أو هم يعيشون متخفيّن في أطراف المدينة في أنفاق ومغاور الجبال والكهوف، ناهيك عن طرد المستثمرين والتجارالكبار ممّن يريدون الاستثمار في الموصل ،من قبل حيتان الفساد وأخذ الاتاوات والمساومات والتهديدات في المصارف والبنوك وغيرهم،والذين يتخفّون خلف جهات سياسية وحزبية مسلحة متنفذة معروفة في الموصل ، نعم الأمن العسكري مستقر تماماً، بسبب الجهود الكبيرة للقطعات العسكرية والشرطة المحلية والامن الوطني والاستخبارات وتعاون المواطنين اللامحدود معها ،في فرض الأمن في المدينة ،التي لم تشهد أي عمل ارهابي، يؤشر الفلتان الأمني منذ أكثر من سنة ونصف ، عدا بعض الخروقات الأمنية البسيطة التي تحصل في كل مكان من العالم ،بسبب الارهاب الجّبان، ولكنّنا نعترف لا نُبريء ما يجري في بعض الاجهزة الامنية والعسكرية والشرطة ودوائرها ،من ضعيفي النفوس المريضة ،من الفساد في تعامله مع الارهابيين، والإخبار عنهم والتهاون معهم،أو تمشية معاملات المواطنين في دوائر المرور والجنسية والجوازات والتسجيل العقاري والضريبة ،وإبتزاز المواطن ،نعم الأمن العسكري لايماثله أمن في العراق ، ولكن مايخشاه المواطن ويعاني منه ،هو خطر الفساد الكبير والواسع وإستشراءه بكلّ مفاصل الحياة، وسببه الرئيسي هو تعدد القرار السياسي والعسكري والامني، وتواجد ( حكومات ) ،وليس حكومة واحدة في الموصل، والوضع الآن في الموصل ،يشبه تماماً الوضع قبل دخول داعش ،وسيطرتها على المدينة وإستباحتها لها ثلاث سنوات ،إذن الصراع القائم بين الاطراف الحزبية والسياسية والعسكرية المتنفذة والجهات الدولية المخابراتية ، هو ما يدعو للقلق وينذر بالخطر، وإن الاستراتيجية الامنية والعسكرية في الموصل بخطر، فماذا عن دور الحكومة المركزية في منع تدهور الأوضاع ووقف إنهيار الموصل أمنياً وعسكرياً،وإستثمار هذه الفوضى من قبل عناصر داعش التي أخذت تلّملم نفسها ،وتستعيد قوّتها في أطراف الموصل وعلى الحدود،مستغّلة تغوّل جهات فاسدة ومافيا خارجة عن القانون ، نعم الوضع الاداري بتعدّد نفوذ الجهات، يُشبه تماماً وضع الموصل قبل سيطرة داعش، ونواب الموصل ومحافظها أطلعوا رئيس الوزراء عادل عبد المهدي أمس عليه، وقبلها أطلعه رئيس أركان الجيش ، ووضع نواب الموصل ومحافظها الحل امام رئيس الوزراء وألقّوا الكُرة في ملعبه وعليه التحرك فوراص وإنقاذ الموصل ، واضعين نصب عينه الخطرعلى المدينة ،من قبل الجهات المسيطرة عليها بالسلاح والمدعومة داخلياً وخارجياً، ولايخفى على العراقيين جميعاً، ألجهات التي تسيّطر على القرارالأمني والإداري، وتتدّخل في كلِّ صغيرة وكبيرة ،في دوائر الحكومة لصالح جهات سياسية وحزبية في بغداد،عدا تعيين مدراء ومتنّفذين وتابعين لهم ،في جميع مؤسسات الدولة في الموصل ينفذون أوامرهم،إننّا هنا نحذر الحكومة المركزية ، التي أصبحت على إطلاع كامل وتفصيلي ،بكل ما يجري في الموصل، إن كان على يدّ الحشود العشائرية والميليشيات المسلحة والاستخبارات والمخابرات الدولية والجهات الحزبية والسياسية التي تتحكم في إدارة الموصل، أو على الحكومة المحلية التي تعرف الفساد وأهله وتغمض عينها عنهم او تشاركه فيه ،ونحملها مسئولية خلخلة الاوضع الامني المستقرفي الموصل،من قبل نفس الجهات وتهديد الامن والإستقرار الإستراتيجي ، لأهداف وغايات وأغراض سياسية ،وسيناريوهات إقليمية ودولية ،تريد تحقيقها على أرض الموصل بعد هزيمة داعش فيها بمعركة تأريخية دفعنا ثمنها مئات الآلاف من الضحايا الشهداء خلال عقد ونصف من الزمان ، نعم هناك صراع إقليمي ودولي في الموصل لأهداف ومصالح دولية بعيدة المدى، للسيطرة سياسياً وعسكرياً على مستقبل الموصل، ورَهِن أهلها ضمن أجندة معروفة ،وتصريح اللواء قائد العمليات نجم الجبوري، كان رسالة واضحة لِمنْ يريد تعكّير صفو الأمن والإستقرار في الموصل ،قائلا ( الموصل محمّية ولاخوف عليها وستروّن بعد أيام الطائرات ماذا ستفعل) ،إذن الخطر الذي يهدّد الموصل ،ليس من خارجها وإنما من داخلها وقائم، وهنا مَكمن ذلك الخطر، الذي كنا نحذّر الحكومة المحلية السابقة، والقطعات العسكرية التي كانت تنفذ أوامر خارجية ،وتتجاهل الحكومة المحلية وتهمشها قبل سقوط الموصلبل وتحاربها، ماأشبه اليوم بالبارحة ، يتكرّر نفس السيناريو بيد نفس ألأدوات وألأجندات، ولكن من جهات غير عسكرية، ومن غير اهل المدينة ،أو من أهل المدينة ولكنّ ولاءها لتلك الجهات ، نعم أيها السادة الموصل مستقرة أمنياً وعسكرياً تماماَ ، ولاخطر عليها أبداَ ولاخوف من خارج المدينة ، الخطر بيننا ويأكل من خيراتنا ومعنا ،ويتربّص بأمننا ومستقبل مدينتنا، فكونوا يقضين كما عهدناكم ولاتلتفتوا للاخرين المرتجفين والخائفين وبائعي الموصل لداعش وغير داعش، لأن هؤلاء هم أخطر من داعش وأسوأ منه ،الموصل وأمنها الإسترتيجي المفقود، ينتظر الحكومة المركزية لإزالة أسباب ومسبّبات مَن يقف وراء هذا الخطر المعروف جهاته وأهدافها والحلول كلها وضعت على طاولة رئيس الوزراء، وهو من يتحمل مايجري للموصل مستقبلاَ ،وقد أعذر من أنذر..حفظ الله الموصل واهلها …