تكملة لمقالنا يوم أمس ، فأن الحياكة البرزانية الكردية لموضوع التعاون السري ذي التأريخ الطويل بين التنظيمات الكردية والكيان الصهيوني ، والذي تكلل بالسيطرة على أراضي العراق الشمالية ، حينما رسم خارطة الحلم الموعود وأسماها ( كردستان الكبرى ) والتي تمتد من أطراف محافظتي الحسكة ودير الزور السوريتين ، حيث حقول رميلان النفطية ومدينة القامشلي ، ومرورا بسهل نينوى المليء بالمكامن النفطية الكبيرة ، نزولا إلى شمال محافظة صلاح الدين بالكامل ، وجنوب محافظة السليمانية ليبتلع محافظة ديالى ، من أجل السيطرة على حقول نفط خانة ، ليصل إلى شمال محافظة ميسان ، ومن الجانب الآخر التعمق نحو محافظتي شمال إيران ، ( وهذا الجزء مؤجل حاليا ) بحكم التفاهمات الإيرانية الكردية ، حيث لا يسمع أي صوت أو اعتراض أو إشارة من الحكومات الإيرانية المتعاقبة ولغاية الآن من تلميح أو توبيخ إيراني باتجاه الحلم الكردي أو منع أو تعليق على شهوة الأكراد بأرض شمال إيران ، ليس استغناء من الإيرانيين عن ثرواتهم وأرضهم المهددة بذات المؤامرة الكردية الصهيونية ، وإنما نكاية بالعراق من أجل أضعاف قدراته وتشتيت توجهاته ، وحتى لا تكون إيران بصورة الشريك أو التي تغض الطرف وتصبح متهمة لاحقا عما يجري ، تركت البرزاني يفعل ما يشاء نزولآ عند سياسة النفس الطويل التي تمارسها إيران البهلوية أو الخمينية على حد سواء ، وآخرها مشاركتها بقوات من الحرس الثوري للدفاع عما سمي بتهديد ( داعش ) لأربيل ، وهذا أيضا مخالف لحقيقة الأمور تماما ، وما فعلته إيران كان لاستكمال الغزل الإيراني الأمريكي ومعالجة ملف إيران النووي ومفاوضاتها الطويلة والمملة مع الأوربيين والأمريكان ، باتفاق غير معلن أن تمتد المفاوضات لسنين غير محددة حتى تتمكن إيران من إعلان النتيجة النهائية لامتلاكها الكميات المطلوبة من اليورانيوم المخصب ، عكس ما جرى مع العراق بأساليب الضغط الأمني والعسكري والتجويع وممارسات غير معهودة !! فيما يمتد الحلم الكردي من أجل ابتلاع ديار بكر جنوب تركيا حيث يقطنها بحدود 18 مليون كردي .
وهذا التوسع نحو الأتراك تم تأجيله تماما بعد التفاهمات التي حصلت بين البرزاني والرئيس التركي أردوغان ، وخاصة بعد انهيار المنظومة العالمية للإخوان المسلمين ، وتعرضها لنكبات كثيرة في أكثر من بلد ، فتمت الصفقة المزكات من الإدارة الأمريكية على أن يكون هناك تهديد أمني أو عسكري نحو مدن تواجد الأكراد ليتم شرعنه الدعم الدولي عسكريا ولوجستيآ ، فتتحرك عصابات البيشمركة لاحتلال كركوك بحجة حمايتها من الخطر الداعشي ، ومن ثم فرض سياسة الأمر الواقع وتحويلها إلى مدينة كردية كما يشتهون ، والسيطرة على حقول النفط الكبيرة الموجودة فيها ، علما أن هذه الحقول هي الوحيدة التي كان يتم التصدير منها عبر أنبوب الخط الإستراتيجي إلى ميناء جيهان التركي ، فقرر أردوغان استبدال العلاقة مع بغداد بسبب ممارسات المالكي الحمقاء حيث أوجد مبررات القطيعة مع الأتراك فخدم المشروع الكردي الأوردغاني فيصبح الأكراد هم من يصدر النفط من نفس الحقول وبأسعار زهيدة للأتراك ، ويصبح الحلم الكردي قريب للتنفيذ ، مقابل ترك أو تأجيل فكرة ضم ديار بكر للدولة الكردية
الموعودة ، ولكل طرف غايات ومكائد مؤجلة بانتظار الانقضاض لاحقا لتنفيذها لمن سيتمكن من بلوغ أهدافه المؤجلة بوقت أسرع .
ما سرقته عصابات البيشمركة من الأسلحة الثقيلة العائدة للجيش العراقي بعد دخول قوات الاحتلال مباشرة بعد التاسع من نيسان 2003 إلى مدينة بغداد كانت النواة التي بدأ عندها وضع قاعدة التشكيلات العسكرية الكردية التي ستتكلف بتنفيذ احتلال أراضي العراق بعدما تم الاستيطان بالمحافظات الثلاثة ، وهذه من الإشكاليات والخفايا التي لم يشير أليها ساسة العراق الجدد أو يتوقفون عندها أو يحاسبون السارقين الأكراد عن تلك الأسلحة المهمة والتي تعود ملكيتها للدولة العراقية ، من غير ما نهبه الأكراد من الأموال الموجودة بالبنوك والآثار التي هربوها إلى تل أبيب وألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية .
من يتعقب تلك الأفاعيل من ثلة مجرمة تدعي أنها جزء من الشعب العراقي ، من بسطاء الناس يتمكن بسهولة من تشخيص معاني الأجرام والغدر ، ويعطي الحكم بمحاسبة أولئك المزيفون بجريمة الخيانة العظمى ، فكيف بسياسيين يدعون أنهم جاءوا لإنقاذ العراق من الظلم والدكتاتورية وانتشال الشعب من الهموم والتغييب ، ولكنهم سرعان ما انكشفوا للجميع بأنهم غير جديرين بالثقة أو بتولي أمور الشعب ، لأنهم شركاء أصلاء بما تفعله العصابات الكردية بشعبنا وأرضنا ومصالحنا ، كما فعلتها عصابات الهاجانة الصهيونية إبان احتلال الصهاينة لأرض فلسطين في بداية النكبة ،خاصة وأنهما ينبعان من فكرة انفصالية وإحتلالية واحدة مبنية على الاعتداء والقتل والكذب المفضوح .
لابد من صرخة للضمير العراقي والعربي والتركماني والمسيحي ، للتكاتف وإعلاء الصوت إعلاميا وفي منابر الحكومة والدولة والبرلمان لكشف ما يجري وتشخيص الحقيقة بوضوح لأننا إن بقينا صامتين نتفرج وننتظر من زعماء المحتل القابعين في بغداد أن يفعلوا شيئا فسنصحو يوما لن نجد بغداد نائمة على ضفاف دجلة كما نتمناها ، وحينها لن ينفع الندم .