ما نلمسه في اي كيان سياسي في العالم وجود مسؤولين و صلاحيات و واحبات و حقوق سواء كانت موزعة على المناصب الموجودة باسماء و تعاريف و اختصاصات، او ما ينظمه الدستور و القوانين المستندة عليه. و كل موقع له رئيسه و مرؤسه و من هو متابع و مسؤول عن المسؤول الى ان يصل الى اعلى الهرم سواء كانت فردية او جماعية، و يكون المرجع حسب النظام الجاري و اكثره البرلماني، و هو المشرع و المراقب. اي النظام التقدمي الذي افضت عنه التطورات المتلاحقة تاريخيا هو نتاج العقل الجماعي في ادارة و حكم البلاد من خلال ممثلي الشعب، و لكل بلد خصوصياته و تاريخه الذي فرض سمات و صفات متميزة تفرقه عن الاخر سياسيا واقتصاديا، الا انه من المعلوم ان النظام الراسمالي هو الطاغي حاليا و باليات و اشكال مختلفة وفق النظام السياسي المناسب للبلدان و ما يعانية الموطان هو ما موجود من الخلل في كينونة النظام الراسمالي و محتوياته و الياته و اهدافه و ليس في آلية مسيرته.
الاكثر اهمية هو ارتباط السياسات بالاقتصاد و تاثر اي نظام بما يحصل لكل منهما و تاثر كل منهما على البعض، هذا في الدول ذات السيادة الحرة المتزنة صاحبة دستور و قانون و نظام و لا ضغوطات حزبية فردية مزاجية عليها. و يتاثر الاقتصاد بشكل مباشر بكل تقدم او خلل سياسي يحصل او العكس، و عليه فان سياسة الدول و استنادهم على الاتزان في التعامل مع القضايا السياسية و الاقتصادية الداخلية و الخارجية التي تكون وفق عدم المساس باقتصادهم ومصالح شعبهم هو الامر النابع من التخوف من تاثر الفرد في كل صغيرة و كبيرة في الوضع الاقتصادي السائد، و تكون هناك ردودةافعال من قبل الشعب صاحب الكلمة الذي يمتلك ثقافة عامة يعتمد عليها في تحديد المصلحة و النفع و الضرر له و لبلده. و يتوقف النمو و دخل الفرد على مدى تطور العمل السياسي و الاقتصادي المرتبط مع البعض و العقلية التي تديره.
و لا يمكن ان يخرج اي مسؤول او صاحب سلطة من دائرة صلاحياته لان،اضافة الى القانون الذي يحدد تحركه فهناك ثقافة الادارة و ما تفرضه القوانين التي تمنع الخروج من الصلاحيات و بادق تفاصيلها.
هذا في الدول المتقدمة، اما في دول المتوسطة الحال و الموقع او ما يمكن ان نسميها النامية، فان هناك تدخلات و خلل في مسار النظام السياسي و الاقتصادي وفق ماهو عليه من مستوى الشعب من كل جوانب الثقافة العامة كانت ام وعيه نحو حقوقه و واجباته و الذي ينبثق او يخرج منه المسؤول المنتمي او المقرب من المتنفذ من كان او اينما كان، اي هناك دول تريد ان تقدم لشعبها و يكون لها موقع و تصرّ على التنمية و زيادة دخل الفرد الا ان نظامها و المستلزمات الانسانية و الالية المناسبة لذلك غير موجودة بشكل اما مطلقا او نسبيا وفق مستوى تطور الدولة، و اخرى لا تهتم اصلا بمصالح شعبها و الاهم هو المسؤول اللامسؤول، و عليه نرى اخفاقا كبيرا في بعضها و تقدم الاخرى سواء صدفة كان او ما فرضته الطروف والمرحلة في ظل وجود الامكانيات المتوفرة و بالاخص في الدول النفطية.
هذه في تلك الدول المتنوعة الشكل و اللون، اما في كوردستان كاقليم و ما هو له و عليه و ماهو موجود فيه من حصره سياسيا و اقصتاديا سواء من قبل المركز العراقي او ضرورات تعامله مع ما يحصل من تدخلات المحتلين و المصلحيين في المنطقة و العالم و الجشعين من الفاسدين سواء من المتنفذين او من قبل افراد الشعب الموالين الذي برهن على عدم معرفته بالحياة المدنية و ادارة الدولة، و استوضح ذلك من خلال مراقبة الامر و ما يجري امام اعينه دون ان يتدخل او ينبس ببنت شفة الا ان كان مندفعا و متهيجا من قبل الاحزاب بشكل غير مباشر من اجل مصلحة حزبية فقط، و هذه لاسباب كثيرة ليس هنا مكان تفسيرها.
الموجود في كوردستان هو سلطة ناقصة الصلاحيات و الكيان لكونها تابعة قانونيا وفق الدستور لمركز لم يرض به شعب كوردستان في قراراة نفسه، و عليه فكيف بالسلطة المتنفذة التي لديها صلاحيات تضمن مصالحها الخاصة ان تلتزم بما تفرض عليه من قبل المركز و هي غير مؤمنة به كما هو حال الشعب و ما يفرض عليه قسرا من انتماءه الى تلك الدولة من جهة، و ما تفرضه عليها مصالحها التي تتاثر لكونها تابعة و لا يمكن ان تكون حرة تماما كما تريد من جهة ثانية.
فالموجود اذن قوى و دوائر و احزاب لها مواقف مختلفة و تتصارع فيما بينها من اجل الكعكة دون التفكير فيما يحصل وما يلحق بمستقبل هذه الامة. انهم يتعاملون مع الموجود مرحليا دون تخطيط او تفكير او منهج و فلسفة، و السلطة تحت رحمة مزاج مجموعة و فوقهم المسؤول في الموقع المعين فيه من قبل الاحزاب و التكتلات دون اي رادع له ان فسد او عمل وفق مزاجه و ما يؤمن و نظرته للامور. و عليه نرى السلطة تتصرف و كانها معارضة و تتعامل المعارضة مع الموجود و كانها السلطة، و لم تجد المعارضة في مكانها و لا السلطة تؤدي ما عليها كما هو المطلوب و المفروض قانونا . فانعدام الدستور و المواد و تفاصيل الصلاحيات لكل موقع و منصب في ظل عدم وضوح النظام و ما يستند عليه من اي فكر اوفلسفة كانت و ما يتبعه من منهج، فلابد ان تكون الحال كما هي عليه، اي الفساد و سيطرة المتنفذين و ازدياد الفقر في ظل الثروات الهائلة المستغلة و ما تسرق منها و فق الفوضى الحالية، اضافة الى مزاجية المسؤول و مصلحته فوق الجميع. نعم هذا هو الموجود و اكثر اضافة الى ما لا يمكن ذكره للضرورة و حساسية المرحلة و ما فيه كوردستان، و كما هو المفروض و يمكن ان نحس نحن المنتقدين اكثر من السلطة و المعارضة، علاوة على انعزال النخبة و انعكافهم عن المسؤولية و الواجيات عليهم في هذه المرحلة التي تتطلب جهود الجميع. فهذا هو الموجود و المسؤول الحقيقي هو الالامسؤول او غير مسؤول و المنصب مستغل و معتلى عليه من اجل جاه اجتماعي و من قبل وجوه اجتماعية تدر على الاحزاب اصوات و منافع و مصالح حزبية شخصية ضيقة فقط، و يذهب مستقبل الاجيال ادراج رياح هذا الوضع الموجود حاليا، رغم اتاحة الفرصة خلال العقدين الماضيين في بناء الاسس الرصينة لتحقيق الاهداف التي راحت ضحيتها الدماء التي لا يمكن نسيانها ابدا. و به نصل الى ان الموجود هو اللاموجود من المطلوب و اللامسؤول الحقيقي حل محل المسؤول المؤمن بقضيته و الخالي من النخبة الخبيرة صاحب الدراية و الحكمة التي تفترض المرحلة ان تكون من المتمكنين قولا و فعلا و له القدرة و هو مخلص لقضيته قلبا و قالبا قبل اي شيء اخر، و للاسف و اقولها بكل حصرة، اننا نفتقد هؤلاء المناسبين في المكان المناسب و الا ان العنصر المختفي المنعزل و المهمش موجود و بعدد كبير لدى هذا الشعب الوفي المضحي المظلم. و قد اجفوا بشكل خطر او ازيل دورهم من قبل المتملقين و اصحاب المصالح المتعددة و الاحزاب و متطلباته العكسية لما يتطلبها الشعب، و عليه اختفى الشخص المناسب الذي يمكن ان يملي المكان المناسب، نتيجة هذه الظروف المسيطرة و الصراعات المتعددة الموجودة في كوردستان، ولا نتكلم عن التدخلات الخارجية لان من له المصلحة في التدخل لا يمكن ان يتوقف عن التدخل لسواد عيون الكورد .