18 ديسمبر، 2024 11:25 م

الموت كالحياة ينمو في دواخلنا

الموت كالحياة ينمو في دواخلنا

قراءة في ديوان الشاعرة ّ ضحى الحداد

في ديوان الشاعرة ضحى الحداد ( المنسي في الكولاج ) يظهر جليا” المشهد العراقي المعقد والعصي على الفهم !

وكما السفن في النهر تشعل اضواءها ليلا في مرفا البلاد تشعل ضحى بنصوصها سماء” ذات غيوم سود فتحلم بمكان كأمنية بسيطة ( مكان تحت الشمس – جل ماارغب ) مثلما يعمل الحنين عمل الحفر على قطعة نحاسية يتصاعد الحنين كلما يكون الاحساس بالفجيعة عميقا ويفتح اخاديد قاتمة حتى تشتهى السراب
( كم اشتهي سرابا
شرط أن يخدعني )
وبشعور من الايمان الذي لايهزم تقول بنبرة واثقة ( يا ايتها العصية على اليأس – كوني كما عهدتك انا— والايام – كوني )
وعن بلاد حتى الهواء فيها معبأ بالخوف تزدحم بها قصيدة ( سبتايتل )
( انطلاق مكوك الفضاء دسكوفري
ـ انطلاق فرق الموت في شوارع بغداد
*عاجل: الممثل توم كروز يتزوج أسطوريا.
ـ تقرير: مائتي امرأة عراقية تترمل يوميا.
* اكتشاف دواء يقلّل من احتمال تضخم البروتستات،،
ـ اكتشاف مقابر جماعية تقلّل من احتمال التضخم السكاني ) ص73

وعلى نحو واضح تميل الشاعرة الى استخدام لغة تهكمية عن زمن داعر لتنهي المقطع بسؤال مخيف وجريء جدا !
( يا زمن المومسات
لأستر عري الشرف
احتاج تاريخا من الشراشف!!..
أعضو ذكري كل ما يميز امتنا؟ ) ص 33

ولكي يبدو النسيان معادل موضوعي للقاء استخدمت الشاعرة ضحى لعبة المغايرة لتعطي انطباعا بالدهشة والحركة المستمرة للغة تاويلا” كما بدت ليست مثل بقية النساء فهي ذات خيال جامح ( لآهرب منك – ساخرج معك في موعد – لآنساك فيه )
وكأي عراقية تواجه ألموت كل يوم تخاطبه باعتباره صديقا لها
( مع اننا لم ندرك سن الموت – باغتتنا الحياة )
باعتقادي ان هذا المقطع الشعري …. يذكرني بعبارة شهيرة للشاعر ت . س اليوت حين صرخ في لحظة يائس (أين هي الحياة التي قضيناها بالعيش )
وعلى ذات الرؤية تصر الشاعرة على أن الحرب التي تستل أرواحنا شاء الحظ ان يكون جيلنا هو الذي يتحمل المزاج السيء لها
(ذات حرب
طلب مني الغزاة
أن أقول بأني: منجم
كي يبدأوا في جسدي أعمال تنقيب.. )

وبذات الالتقاط الماهر اليقظ الهادىء النبرة والحزين جدا … تدهشنا قصيدة ( تورم زمن ) بالرنين الخاص والجملة الشعرية الاستفهامية ( للعشب – للقضبان – للنظرة – للالم – للريح – ) وبلدان على فراش واحد في ( وطن يعربد – كمجنون يعالج بالصدمة الكهربائية )
ولم تستطع الشاعرة في قصيدة (عزاء مطعون ) ان تهدىء من انفعالاتها بشكل مؤثر حيث يحتشد في الشوارع الغرابة والرعب ليترك اثر استشهاد والدها ندوبا عميقة في روحها
(هم: توهموا شيبتك استسلام
وصمتك: أسرارا سريّة
وابتسامتك: حنقا وطني
وحين أمروا المسدس
آنّت الطلقة
ونزف المطر )
من الملاحظ ان الشاعرة خرجت من نطاق التقليد المتعارف عليه في اغلب الاصدارات الشعرية فالعنوان للديوان ( المنسي في الكولاج ) مر سريعا – في قصيدة (موعد ) واستخدمت كلمة ( كولاج ) في العنوان للاشارة الى مدلولات اوسع ففيما تشير المصادر الى أنتماء هذه الكلمة للغة الفرنسية وتعني تكنيك يقوم على تجميع اشكال محتلفة او بمعنى ادق أللصق لتكوين عمل فني جديد وأول من أستخدمة الفنانان الفرنسي جورج براك والاسباني بابلو بيكاسو
ديوان ( المنسي في الكولاج ) الصادر عن دار نينوى في بيروت هو الاصدار الشعري الاول للشاعرة ضحى الحداد و كتب المقدمة عنه الاديب الكبير البروفسير عبد الرضا علي .