18 ديسمبر، 2024 8:34 م

الموت المبكر للتسوية المطروحة

الموت المبكر للتسوية المطروحة

المشاهد من ما يطرح في مبادرة التسوية هي من اجل الدفاع عن الأرصدة والمكاسب السياسية والمادية لكبار القادة الذين لا يسلمون من نقد قواعدهم الشعبية باعتبارهم مجرّد ديكور ات لتجميل وتسويق العملية السياسية، دون اهتمام بهم او تحقيق مكاسب بسيطة تضمن حياتهم وهم يصارعون من اجل كسب العيش بعرق الجبين .
ان القادة الذي يدّعون تمثيلهم بدليل الأوضاع المزرية التي آلت إليها في العراق على مختلف الأصعدة الأمنية والاقتصادية وغيرها وبعد الفشل في احتضان فئات الشعب لها بسبب الفساد وعدم الالتزام بالشعارات والواجبات، التجأوا الى طريقة مبكرة لكسب الفترة القادمة والتي لايزاحمهم احد من الكيانات السياسية الاخرى البعيدة عن المشاركة في العملية السياسية حيث اغلقوا بوجههم الطرق المؤدية للمشاركة في قيادة البلد وخاصة الكفوءة منهم واليوم يطلقون  هذه السيفونية المشروخة وتلك الاهزوجة التي لاتنفع الزمن هي ( التسوية السياسية ) التي ترى المرجعية الشريفة وذلك في بيانها لعدم استقبالها لوفد التحالف الوطني لانه “اريد زجها في موضوع التسوية وسماحة المرجع لايرى مصلحة في ذلك” .
من المتابعة لكل اللقاءات التي جرت ومنها الاخيرة مع القوى السنية ما يؤكد ان التسوية قد ماتت في مهدها حتى ان ليس هناك توافق بين مكونات  التحالف الوطني  صاحبة الفكرة حيث هناك قوى فيها رفضت تلك الورقة فما بالك بالقوى الاخرى لانها غير مجدية وليس هناك من توافق على من يشملهم التسوية . والواضح  وما كان ظاهراً من خلال التصريحات لقادة الكتل المشاركة في الحوارات ولعله الاكثر بروزاً هو تصريح صالح المطلك في اتهام الشيعة لما يجري في المناطق ذات الاغلبية من اخوانهم السنة الاعزاء عندما يقول “ان ارهاب داعش استهدف المحافظات ذات الاغلبية السنية دون غيرها من المحافظات وانتج هذا الاستهداف الى تدمير الارض ونزوح مايقارب اربعة ملايين انسان دون توجه الاتهام للشيعة بشكل مباشر انما وجه الاتهام للحكومة التي يعتبرها ذات قيادة شيعية وهي الطامة الكبرى وتقدم البيان “طالما أكدنا ان التدهور الأمني الذي شهده العراق كان نتاج البناء الخاطئ للاجهزة الأمنية والاستخبارية والسياسات الحكومية الخاطئة التي جعلت المجتمع العراقي بيئة هشة استغلتها التنظيمات الإرهابية ومجاميع الجريمة المنظمة والخارجين عن القانون لذلك ان التسوية المنشودة يجب ان تستهدف تصحيح جميع الأخطاء والسياسات السابقة٬  وانهاء ثقافة اتهام مكونات مجتمعية بالارهاب”.
وقد رد التحالف الوطني على ذلك بمايلي:  ان “مبادرة التسوية السياسية لم ولن تشمل البعثيين الذين دمروا البلاد والدواعش وكل من تلطخت يده بدماء الشعب العراقي ومالذي يثير استغراب المطلك من استبعاد حزب البعث المنحل من مبادرة التسوية؟ والتحالف الوطني في رد على  رئيس ائتلاف العربية التي استغرب فيها استبعاد حزب البعث المنحل من مبادرة التسوية السياسية.
وكان التحالف الوطني أكدوا في بيانهم انه لاتسوية سياسية ان لم يتم إيقاف المفخخات وكأنهم اتهموا فيها بعض أطراف العملية السياسية بكونهم هم المسؤولون عن ذلك . للحقيقة ان العملية السياسية هي مشلولة وقد احتوت الكثير من الاخطاء التي لايمكن انكارها بسبب المزايدات والازمات والمناكفات بين كتلها لتقسيم المسؤوليات حسب المحاصصة التي بنيت الدولة عليها ،وهم غير قادرين على حل المشكلات جذريا بسبب الخلافات النفعية والشخصية  والتي يمكن حلحلتها جزئيا لو اريد لها ان تنحل وهذا لا يعفيها من الاتجاه او اللجوء الى اعادة النظر في كل الاسس التي بنيت عليها الدولة واقامة اسس جديدة للدولة المدنية العصرية والسعي  لمعرفة الاراء والتوجهات المخلصة وتقريب وجهات النظر بين الفرقاء المتصارعين وانهاء الازمات التي  اخرت عجلة التنمية والتقدم في البلاد واحبطت المواطن الذي ينتظر من تلك القوى تحقيق طموحاته واماله في العيش بامان ورغد وحر كريم .
لقد اثار من ظهور تنظيم داعش في العراق وتقدمه في عمق الاراضي العراقية وسيطرته على موارد اقتصادية كبيرة ما يدل دلالة قاطعة على ان هناك حواضن كانت ولازالت تعمل مع  كل من يقف ضد العملية السياسية  التي اتهمت خلال الحقبة الماضية بانها طائفية بامتياز لسيطرة الاكثرية على زمام الامر حسب اعتقادهم في حين نرى ان المسؤوليات في الدولة مشتركة وتميل للاقلية و ان رئيس الجمهورية ونائب رئيس الجمهورية و رئيس مجلس النواب واحد نواب هيئة الرئاسة هم على رأس من يقود البلد من هذه الطرف الكريم وتضم الوزارة النسبة الكبيرة من الاخوان في هذه الطائفة المحترمة عرباً وكرداً .
ان الفراغ وبسط السيطرة على مناطق سنية من قبل الارهاب و ما شاهدناه في محافظة صلاح الدين ومدينة تكريت والموصل والفلوجة و ديالى بعد ان اعتبرتهم  الحكومة العراقية غير منضبطين يتلقون أوامرهم من جهات غير رسمية وبالتالي استمرت تداعيات الحرب على داعش لهذه السنوات الطويلة ،لان داعش لم يكن لوحده في العراق ، بسبب الدعم، ووجود حواضن عراقية له ، وهذه الحواضن ان كانت لداعش او اية منظمة ارهابية اخرى قد تكون رد فعل طبيعي لسكان هذه المناطق والدفع باتجاه الطائفية التي  لعب العديد من السياسين المشاركين في الحكومة بدور خبيث في تنشيط هذه المفردة القذرة ولدعم هذه العصابات المسلحة وحماية مراكز فلولهم سياسياً في الداخل ونجحت في أن تكذب على الإنسان البسيط حتى صدقهم الكثير من المغرر بهم