18 ديسمبر، 2024 9:49 م

المواطن واجرامية النظام

المواطن واجرامية النظام

لا يستحق المواطن العراقى ان يعيش ويتحمل ما يجرى عليه, اليوميات البائسه التعيسه التى تتكرر بدون انفطاع, والتى اصبحث مع استمرارية حكم المحاصصه هيكليه تركيبة لنظام الحكم واستمرارا للاوضاع القائمه التى اصبحت قضايا مستعصيه. يرقد المواطن العراقى الى فراشه محملا بالهموم, تدور فى رأسه الغرائب والعجائب التى تجابهه فى مختلف مجالات الحياة, وعندما يفيق من النوم تجابهه التحديات, الوصول الى مكان عمله, اذا كان له عمل اصلا والبحث عن عمل الذى اصبح مع كارثة الكورونا نوعا من ضروب الخيال, واذا كانت له مراجعه مع احد دوائر الدوله فهذه مشكله من نوعية خاصه, اما ان يدفع السعر المحدد المفروض للمعامله, او يجهز نفسه لمراجعات لا تنتهى, ويمكن ان تأخذ شهرا او اشهر والتى يمكن ان تصل به الى حد اليأس والكفر وربما تصيبه جلطه ما تقعده البيت. ان علمائنا الافاضل ينشروا المواعض والحكم التى لا تغنى عن جوع ولكنها لا تشملهم شخصيا وكموسسه, انهم ليسوا معنيين بها حول…,,الراشى والمرتشى,,. لا تقتصر حياتنا على هذه الملاحظات بالرغم من اهميتها, وانما ما اسس له نظام المحاصصه والدستور وما افرزته من افكار, اديولوجيا وممارسات شرعت الاحقيه فى الحكم والسلطه باحزاب وكتل العملية السياسيه التى شرعها المحتل الامريكى وجاء بهذه الاشخاص والجماعات التى كانت قد غارت العراق منذ عشرات السنين. ان هؤلاء المشكوك فى اصولهم وانتمائهم للعراق كوطن وهويه اخذو يشرعوا القوانين وفقا لتصوراتهم وما يضمن مصالحهم الخاصه واستمراهم فى الحكم حيث حصروا وظائف الدوله وسلطة القرار بهم وما يضمنه لهم نظام المحاصصه دستوريا الذى يقضى بتفسيم الوزارات وتوابعها للاحزاب والكتل والاشخاص وفقا للانتماءات الطائقيه والقوميه والمناطقيه للذين بايعوا العمليه السياسيه الولاء بطيب خاطر وارتياح. ان الاكثريه الساحقه منهم, ليس لهم تاريخ سياسى وطنى ولم يمارسوا العمل الوظيفى ويتعرفوا على خواصه واهميته, كانوا النموذج الصارخ لـ ,,الرجل الغير المناسب فى المكان غير المناسب,, لذلك تجد فى تركيبة الوزرارات ومؤسساتها عجائب وقضايا لا يتقبلها العقل والمنطق, اشخاصا يشغلوا مناسب فى منتهى الاهميه لم يحصلوا على اي مؤهل علمى او مهنى, وزير او نائب فى المجلس النيابى قد زور شهادة الاعداديه او البكالوريوس, او سائق تكسى اصبح مدير عام, معمم او شرطى يحمل رتبة جنرال ركن بالجيش العرافى او الامن الاتحادى, مسؤل سابق صدر عليه الحكم لسرقته واحتياله على اموال للدوله يعاد الى الوظيفه بدرجة اعلى, او سفير للعراق, كان حرفيا بسيطا, حتى انه لايجيد اللغه العربيه, ناهيك عن لغة عالميه لان اخوه احد المتنفذين.ان هذه الممارسات تمثل حقوق احزاب وكتل المحاصصه المتضامنه والمتكافله بعضها ببعض. ان هذا النظام الفاشل قد افرز نتائج كارثيه على الشعب العراقى, ومع كل مليارات تصدير النفط الهائله لم تبنى مدرسه, مستشفى, مجارى الصرف, وما زال العراقيون بدون ماء صالح للشرب وقضية الكهرباء لغز ليس له حل. مع كارثة الكرونا اضيف الى فشل الدوله قضية صحة المواطن بصورة عنيفه, نظام صحى متهالك ومستشفيات تسرح بها الفئران والقطط وكل ما يمكن ان يقدم للمرضى هوالباراسيتول مخفف الم اوجاع الرأس, هذا مع زيادة متصاعده للاصابات واعداد الموتى. ان حياة المواطن مهدده بخطر كبير والحكومه مكتوفة الايدى لانها فشلت ثانية فى وضع خطة طموحه وتدعمها ماليا. انها تنتظر وقوع معجزه اللاهيه, طبيعيه او بمباركة من الائمه العظام ان تنتشلنا من هذه المصيبه, طبعا السيدة عديله حمود وزيرة الصحه سابقا لاتجدى نفعا. الحكومه تامل ان يكون الشتاء قارس جدا ويقضى على الفايروس, او ان يتم تطوير لقاح مضاد سريعا لتقوم باستيراده. ان المواطن العراقى يدرك ما يدور حوله فهو على تماس مباشر مع تصاعد الفقر والعوز وتنامى معدلات العطاله وسرقة المال العام والجريمه المنظمه وتهريب الاموال وتوقف العملية الزراعيه والصناعيه. ان انعكاس هذه الازمات على المواطن تتمثل فى انحسار
وتلاشى فعل ووظيفة المنظومه الاجتماعيه التى تفعل السلوك والاخلاق والرؤيا الاجتماعيه, وهذه الحاله لا تقتصر على العائله فى اطارها المحدود وانما تمتد الى دوائر ومؤسسات الدوله, الى العشيره, الريف والمدينه وتنعكس فى سلوكيات المواطنين فى حياتهم اليوميه. ان الموظف الذى يحدد سعر انجاز المعامله انما يقوم بذلك لانه يشترك مع الاخرين وربما مع المدير ايضا, وحينما يكون المدير مرتشيا وحرامى يفقد دوره القيادى وتصبح المؤسسسه د كان للاسترزاق وعذاب للمواطنين. ان طريقة احتيال وتسويف الدوله لوعودها واجباتها تنتقل مباشرة الى السوق والشارع وتصبح صيغة تكاد ان تكون عامه. فى عملية التسوق الاعتياديه يجتهد صاحب الخضار فى تمرير بعض الخضار او الفواكه المضروبه, وهو يشعر بسعاده حينما ينجح بذلك. اما عن ارهاب اكثرية اصحاب السيارات فقد بلغوا من الغلوا واللامبالاة ان يسيروا عكس الاتجاه واصبحت قضيه مستعصيه لعبور الشارع الى الجهه المقابله, خاصة للنساء وكبار السن, السواق, كما يبدو لم يسمعوا بتحديد السرعه فى شوارع المدينه وحتى لو علموا بذلك ما يعنى هذا حينما لا تلتزم الدوله والحكومه بالقوانين التى تشرعها او احترام ما اصبح عرفا اجتماعيا له مكانته واحترامه.
منذ بضعة سنين تصاعدت حالات لم نألفها سابقا وخاصة حالات الانتخار وبشكل خاص ما يتعلق بالنساء والشباب. والواقع قان هذا التطور يلزمنا بالدراسه والتقصى لفهم الاسباب واقتراح بعض والوسائل الكفيله لمعالجته, وتكاد حالات الانتحار تشمل كل العراق, انه يمثل حالة اليأس وفقدان الامل والطريق المغلق وتفاهة الاستمرار والمعاناة وعدم وجود المثل والنماذج الانسانيه الجديره بالاحترام. ان الكثير من حالات الانتحار سببها الوضع المادى المعقد, العطاله او الاجور غير الكافيه والذى يجعل من رب الاسره ضعيفا امام زوجته واطفاله وخاصة فى مجتمع قد سيطرة علية القيم الماديه بسرعة كبيره وعدم توفر مؤسسات المجتمع المدنى والدينى التى يمكن ان تساهم فى المساعده ورفع معنويات المعنيين. اما بالنسبه للشباب فقد بات واضحا بان الاوضاع فى مختلف تجلياتها لا تبشر بالخير ليس فقط القضايا الماديه وانما الشعور بالقيمه الذاتيه فى مجتمع يوفر للمرء فضاءا من الاحترام والحريه, لذلك تجد الشباب يحاول جاهدا فى اللجوء والهجره والتوجه نحو البلدان المتقدمه, وحينما تغلق عليه الابواب والنوافذ يضحى بحياته للخلاص من عذابات متكرره. ان الحروب وما تاتى به من دمار مادى, بشرى وقيمى له تاثير كبير فى تغير الاعراف والقيم الاجتماعيه, وقد استجدت ضرورات قادت الى تقليص فاعلية الضوابط الاجتماعيه التى تفرزتفرزبدورها فوضى وتحلل فى الاخلاقيات المالوفه والسلوكيات الحميده, خاصة سنين حكم المحاصصه منذ 2003 – 2020 الذى كان نشيطا فى الفساد والافساد. يسجل فى العراق ارقام مخيفه فى الزواج والطلاق وخاصة بالقاصرات ونتيجة لقانون الاحوال المدنيه الجديد الذى اجاز زواج القاصرهبـ 10-12 سنه, وكذلك قانون الاحوال المدنيه الشيعى, وما يزيد الفوضى منح الصلاحية لاتمام عقد الزواج للمعممين دون ان يكونوا قد تدربوا عليه, وهنا يلعب الفقر والحاجه , خاصة فى الريف دورا حاسما. ان ما يثير الانتباه الى تغيير فى الوظائف, فى استعداد اناس محترمون للمساعده لقاء اجور للتوسط لزواج المتعه, واخذ بعض المتهالكين من ادعياء الدين ان يتحول الى سمسار للجنس, وليس هذا فحسب وانما انتشار بيوت الدعاره والخمر والقمار فى المناطق السكنيه والتى تجد الحمايه من بعض الميليشيات طالما يدفعوا ما يسمى بالضرائب او المشاركه.
ان ما حدث فى الاسبوع الماضى من اقدام امرأه مع اطفالها على الانتحار من جسر الائمه فى نهر دجله امر مؤسف ومحزن, وبلا ادنى شك فأن الاسباب معقده ومركبه. كان اقدام المراة فى التضحيه بأبنائها يمثل حالة فريدة جديرة بالاهتمام, فهم فى حقيقة الامر اعز ما تملك وهم بنفس الوقت الامل فى المستقبل, ومهما تكن الاسباب شخصية الا ان المرأه كانت فى حالة من اليأس والاحباط والانفعال العاطفى بحيث فقدت التفكير العقلى السليم, ومع ذلك فانها كانت تشعرفى حالة من العزله الاجتماعية التى كانت بحاجة الى بعض الدفء والانصات لتبوح وتعبر عن عذاباتها والذى يمكن ان يخرجها من النفق المظلم الذى كانت تتصور انها مسجونة به. ان العلاقات الاجتماعية قد اصابها نتيجة الحروب والحصار وظلم الحكومه وعدم اهتمامها بالشعب كانت عوامل مساعده قويه فى اقدام النساء على الانتحار خاصه وجودهم فى مجتمع ذكورى ينحصر تقييم الشرف والعفه فىمواضيع ضيقة جدا بما لايتماشى مع التطورات المجتمعيه. اما بالنسبه للشباب وقدومهم على الانتحار فان هذا يرتبط بالكب والنفاق الاجتماعى والتشوه الذى حصل فى الشخصية الاجتماعيه, خاصه فيما يتعلق بالوعود الكاذبه التى تطلقها الحكومه وهزالة الشخصيات النافذه, وكما يبدو فان الانتحار مع استمرار الاوضاع يمكن ان يتحول الى ظاهرة اجتماعيه. مع هذا الالم الكبير الذى نحمله معنا ما زالت جماعات انسانية كبيره فى الاعظميه قد قامت بما يملى عليها واجبها الوطنى والانسانى تجاه المرأة ومصيبتها. ونشكركم بدورنا على الكرم والنبل الذى قدموه, وكذلك نحى النجده المائيه لاهتمامهم بالحاله وجهودهم الكبيره فى انقاذ المراة وطفلين.