23 ديسمبر، 2024 5:58 ص

المواطن ضحية مفهوم السياسة الخاطئ

المواطن ضحية مفهوم السياسة الخاطئ

(( أن مفهوم السياسة في العصور الماضية وخصوصا في الفكر الإسلامي فُسرت على أساس أنها العلاقة بين الحاكم والمحكوم أي بين السلطة الأعلى في المجتمعات أو معالجة الأمور ورعايتها لكافة شؤون الدولة الداخلية والخارجية وتوزيع النفوذ والقوة ضمن حدود المجتمع واتخاذ القرارات من أجل المجتمعات والمجموعات البشرية وتقسيم الموارد الموجودة في المجتمع عن طريق السلطة وهو فن من فنون دراسة الواقع السياسي ويلخص على أن ولي الأمر أو الحاكم يعمل على القيام بشؤون أمر الرعية وتلبية احتياجاتها اليومية وقد لخصها فقهاء الإسلام ب ( جلب المصالح ودرء المفاسد لتحقيق الأمن والأمان للمجتمع كون أن السياسة هي فعل لكلمة ( ساس أو يسوس ) .
وقد فُسرت السياسة من قبل المتأخرين من المفكرين كالفيلسوف سقراط ب ( فن الحكم ) وعرفها أفلاطون ب ( فن تربية الأفراد في حياة جماعية مشتركة والعناية بشؤون الجماعة وبرضاهم وكذلك ميكافيلي ب( فن الإبقاء على السلطة وتوحيدها في قبضة الحاكم بغض النظر عن الوسيلة وعرفها دزرائيلي ب ( فن حكم البشر عن طريق خداعهم ) فأن تفسيرات مفهوم السياسة وتطبيقاتها لغير الإسلاميين العرب المتقدمين لاقت استحسانا ورواجا ومقبولية لدى الحكام والساسة العرب في وقتنا الحالي مما سبب الكثير من المشاكل والكوارث على مجتمعاتنا العربية من خلال استغلال السلطة بأبشع الطرق والوسائل المتاحة لدى الساسة بعيدا عن تطلعات شعوبهم ومصالحهم حيث أصبحت السياسة تدور حول مصالح شخوصها لا يحدها مكان ولا زمان ووضعوا لها مخرجات على طريقتهم الخاصة وأبدعوا في تطبيقها على أرض الواقع وادعوا إتقانها وبهذا فقد حول السياسيون مفهوم السياسة من أدارة شؤون الرعية وخدمة مصالحها بسياسة وطرق ومنهج حكيم قادرة على تلبية متطلبات الناس إلى اختراع لها تسميات تتماش مع فكرهم ومصالحهم الشخصية وتوجهاتهم الحزبية ومنافعهم الخاصة على حساب مصالح المجتمع وجعلوها في باب ( فن الممكن ) التي تقفز على الواقع لمفهومها وإطارها الفكري الحقيقي لهذا أصبح المواطن ضحية لهذه المفاهيم المغلوطة المنحرفة عن مفهومها والتي ساهمت في سلب حقوق المواطن . وفي غياب الرؤية الواضحة المعالم المستمرة في نهجها وبرامجها على خط واحد واضح بل جعلوها متقلبة الاتجاهات توازي خطى متغيرات الساحة السياسية تدور في فلك مصالح الساسة والأحزاب وبحسب ظروف الواقع الذي يعيشه السياسيون من الأحزاب السلطوية مما يفقدهم المصداقية أمام الشارع والمواطن وجمهورهم حين يكونون متقلبي المزاج النفعي . لقد وضع فقهاء السياسة الجدد مفهوم مغاير عن أصلها وأصروا على مفهوم فن الممكن وتشدقوا به في منابرهم وساروا على نهجه المطاط في معناه الفضفاض في العمل والتفكير والتدبير ووضعوا فكرتها على المساحة الواسعة المعمول عليها وحسب مقتضيات العاملين فيها وضمن رغباتهم الخاصة والمصلحة المرجوة من استثمارات ومخرجات العمل السياسي الحزبي داخل حركاتهم كان من الأجدر للبعض منهم ترك التناحر والصراع على المكاسب والمغانم الحكومية والثروات وتحويل جهدهم وتفكيرهم على كيفية توفير الحياة الرغيدة للشعب وخدمته بضمير والارتقاء به نحو التقدم والتطور وتحسين وضعه الاقتصادي والاجتماعي ))