بعد النجاحات التي تحققت في العمليات العسكرية في محافظة بابل وصلاح الدين وديالى والأنبار، والتأييد الدولي الذي حظيت به الحكومة العراقية على هذه الخطوة، نرى بعض الشخصيات والجهات داخل العراق من التي تتبوأ مراكز عليا في السلطة، تتطلع من خلال تصريح إعلامي هنا او حديث هناك في موقع إلكتروني او قناة فضائية، الى عكس هذا النجاح الى ضده، وذلك بإلباسه لباس الفشل في الأداء من جهة، او إضفاء صبغة اللاشرعية واللاقانونية واللاأخلاقية واللاإنسانية في طرق معالجته الأهداف المعادية من جهة أخرى. ومن غير شك أن عملية عسكرية واسعة بهذا الحجم، في رقعة جغرافية شاسعة، وطبيعة أرض متشعبة بين صحاري وهضاب، تتطلب إشراك تخصصات عسكرية وأمنية واستخبارية وما الى ذلك من صنوف القوات المسلحة، لضمان نتيجة العملية لصالح العراق. فيكون بهذا أمام القوة العسكرية استخدام كل السبل المتاحة للوصول الى الهدف بشتى الوسائل، لاسيما ان الجهة المعادية تتبع أساليب مخادعة للتخفي والتواري عن أنظارها، من هذه الأساليب؛ ترك مواقعهم في الصحراء والتغلغل الى داخل المدن والأقضية والقصبات، أي بمعنى آخر يتخذون من المدنيين درعا يتدرعون به ويحتمون خلفهم من ملاحقات الجيش والقوة الضاربة.
أما المدنيون في هذه المحافظات فهم عراقيون 100 % وفي حقيقة الأمر ان نسبة غير مستهان بها من العصابات هم من أبنائهم المتورطين بشكل او بآخر معها، وهذا دليل على الغاية الدنيئة التي حمل من أجلها هؤلاء المسلحون سلاحهم، وانساقوا مع الجماعات المسلحة الخارجة عن القانون، أمثال القاعدة وداعش، وهم لامانع لديهم من الانخراط في الموساد، والانتماء الى الجيش الاسرائيلي بغية محاربة العراق وإيقاف دوران عجلة تقدمه. تدفعهم الى هذا دول يعرف الجميع ان السعودية أولها وقطر ثانيها، وتركيا ثالثها ورابعة وعاشرة، تحت ضغوط الإرث الطائفي الذي توارثوه عن أسلافهم السلفيين، وأئمتهم التكفيريين وأسيادهم.
إن لانتشار تلك الجماعات بين صفوف الأهالي -وهم أهلوهم- لهو دليل كما ذكرت على خسة ماتعتقد به هذه الشرذمة الضالة، إذ معلوم أن الثائر يذود عن عرينه بتوفير البيئة الآمنة لأهله وذويه، ويضحي بنفسه وروحه من أجل سلامتهم، فما القول عن هؤلاء وهم يلوذون بأهليهم بدل الذود عنهم؟. أما الأبواق الإعلامية المسخرة لقلب الحقائق وتشويه الصور التي تنقل الحدث، هي الأخرى مدفوع ثمنها وأجرها من ذات الجهات المغرضة للحد من وصول العراق الى الاستقرار واستتباب الأمن والأمان.
والحديث عن الدور في تحجيم هذه الأبواق وإسكاتها، علينا أن نلعبه نحن المواطنون، بعد غياب الدور الكبير الذي كان من المفروض أن تلعبه جهات قضائية باتخاذ قرارات سريعة لغلق مثل تلك المواقع او القنوات او حجبها. كما فات القنوات الاعلامية المنصفة والوطنية ان تقوم بحملة إعلامية توعوية، توضح فيها مراحل صناعة الخبر في تلك الجهات، وكيف يمكن التلاعب بمفردات الخبر بحيث يأخذ معنى مخالفا للحقيقة، يتأثر به السذج من الناس فتنعكس الصورة لديهم، في وقت لاينكر ماللإعلام من دور في الرأي العام والخاص على حد سواء، فحين يوضع المواطن أمام طاولة المعركة الإعلامية، يتبين له بوضوح الخيط الأبيض من الأسود، وكذلك تتبد أمام ناظريه الغيوم التي تغطي الحقيقة بوجهها الصحيح، بعد أن ينقشع عنها غبار الإعلام المعادي والصحافة الصفراء.