يستفزني من حيث لا أدري الحديث عن شيعة و سنة و محاولة تحميل الفريث الأول مسؤولية كل الانهيارات في العراق، فالمعادلة السياسية القائمة على الشراكة قضت على المتهم و البريء كما أن الحديث عن شيعة و سنة هدفه الأساسي شحن النفوس طائفيا و انتظار ردود أفعال غير متوازنة بسبي حكمة انضاج مشروع عراقي يستوعب العراقيين ، بعد أن أقتنع الجميع استحالة الحكم الفئوي، فلم يدار العراق منذ تأسيسه بمزاج طائفي بل من خلال مفاهيم حزبية تعبوية ظلت حاضرة الى 2003 بغض النظر عن درجات المقبولية و الرفض.
لم تبق للعراقيين مناسبات وطنية يحتفلون بها بسبب توقيتات زمن جديد ، لذلك يغتنمون المناسبات الدينية لتأكيد عراقة أخوتهم.. يسيرون في طابور واحد بهاجس مشترك هو الخوف من دموية قطاع الطرق بغض النظر عن العناوين، فالوجوه متشابهة و ألوان الملابس متقاربة و المفردات واحدة” عيوني .. رحمة لوالديك.. الله يوفقك و ينعم عليك” ،.لكن في المقابل لا يجوز توظيف هذه المناسبات لامجاد شخصية مع تفشي ظاهرة نشر صورة المسؤول على اللافتات المرحبة بهذه الزيارة أو تلك الد في محاولة لاضفاء ” القدسية الانتخابية” على مسؤول بأموال الدولة حيث يتم وضع المؤسسة بخدمته خارج الاهتمام بالشعب.
لا يجوز تحويل المواطنين الطيبين الأبرياء الى وقود لادامة مشاريع السياسيين فقد خرجنا من 20 سنة حرب دموية بلا حمص و تم احتلال العراق و لم نحضر المولد، فلا أكل العراقيون العنب ولا طردوا الناطور فكل ما يجري تبادل لأدوار بين سياسيين لا يجيدون التنفس بدون الشحن الطائفي حتى تخيل العالم الخارجي ان العراقيين ” شعب هجين لا يحمل ثقافة مجتمعية” لأن سياسييه يجيدون الدفاع عن كل شعوب الدنيا و ينسون مواطنيهم، يحفظون عن ظهر قلب شوارع و ملامح عواصم العالم ولم يعرفوا كيفية الوصول الى معروف الرصافي أو المتحف البغدادي، بينما يسير العراقي مئات الكيلومترات على الاقدام و لم يخش من آخيه، الذي هو ضحية مؤجلة للارهابيين .
لاتوجد مدنية سنية أو شيعية مثلما أختص الله بانتماء وطني شامل الى أرض العراق التي لا تتسع للكثير من السياسيين لأنهم غرباء عن عراقية الزمان و المكان، لذلك لم يعودوا مرحب بهم في مناطقهم أو ما يسمونهم ” شارعهم الانتخابي” بينما تزداد آخوة العراقيين تماسكا.. حقيقة تتحدث بها عيون المواطنين و ترددها ألسنتهم في الحل و الترحال، عكس سنوات مضت
يوم كانت الطائفية سفينة النجاة قبل أن تتحول الى قارب مهجور، لذلك لن ينتخب العراقيون قوائم الاسلام السياسي بل سيزحفون نحو ليبرالية حكم يمثلهم لا يُهجرهم!
لن ينهزم العراقيون و لن ينخدعوا بشعارات الدين السياسي بعد الآن فقد استوعبوا الدرس جيدا بضرورة العودة الى دولة المواطنة و المؤسسات، دولة يكون فيها العراقي سيد نفسه لا وقود حروب مؤجلة، دولة لا يكون فيها لأحد أفضلية على الآخر الا بالكفاءة و نظافة اليد و اللسان .. دولة يكون فيها القانون مظلة حماية وطنية محايدة .. دولة تحرم المكونات و الطوائف و تمنع تمزيق العراق على الأوراق الرسمية دينيا و قوميا.. دولة يكون فيها الدين لله و الوطن للجميع.. دولة تكون فيها حرية الفرد و كرامته خطا أحمر ونهب المال العام خيانة عظمى بالعقوبة القصوى..دولة يرفع فيها علم العراق و تخرس آلسنة التقسيم و الانفصال.. فاذا الشيعة السياسية ارتكبت خطئا بمجاملة الاحتلال فان السنة السياسية ستكفر بالمقدسات اذا راهنت على على تفكيك وحدة البلاد و العباد.
[email protected]