18 ديسمبر، 2024 6:55 م

ان مفهوم المواطنة Citizenship من المفاهيم التي يدور حولها جدلاً كبيراً ، لذا يصعب ان نجد لها تعريفا يرضى به كل المختصين في هذا المجال ، وبالتالي يختلف مفهوم المواطنة تبعاً للزاوية التي نتناولها منها ، وتبعاً لهوية من يتحدث عنها ، وتبعا لما يراد بها.
والمواطنة في اللغة العربية منسوبة الى الوطن ، وهو المنزل الذي يقيم فيه الانسان ، والجمع اوطان ، ويقال وطن بالمكان واوطن به أي اقام وطنه اتخذه وطناً ، واوطن فلان ارض كذا أي اتخذها محلا ومسكنا يقيم فيه ( ابن منظور ، 1994) ، وفي اللغة الانكليزية تاتي المواطنة ترجمة لمصطلح ( Citizenship) ويقصد به غرس السلوك الاجتماعي المرغوب حسب قيم المجتمع ، من اجل ايجاد المواطن الصالح Good Citizen .
وبالرجوع الى الموسومة العربية العالمية نجد انها تعرف المواطنة بانها ” اصطلاح يشير الى الانتماء الى امه او وطن ” وفي قاموس علم الاجتماع تم تعريفها على انها مكانة او علاقة اجتماعية تقوم بين فرد طبيعي ومجتمع سياسي . وتعرف دائرة المعارف البريطانية ( Encylopedia Britannica) المواطنة بأنها ” علاقة بين فرد ودولة كما يحددها قانون تلك الدولة ، وبما تتضمنه تلك العلاقة من حقوق وواجبات في تلك الدولة ” .
ويعرفها مركز التربية الوطنية ( Center For Civic Education ,1998) بأنها ” العضوية في الجماعة السياسية ، واعضاء الجماعة السياسية ومواطنوها وبذلك فالمواطنة هي ايضا العضوية في المجتمع ، والعضوية تتطلب المشاركة القائمة على الفهم الواعي ، والتفاهم ، وقبول الحقوق والمسؤوليات .

اما مفهوم الوطنية فتعرفه الموسوعة العربية العالمية بأنها ” تعبير يعني حب الفرد واخلاصه لوطنه الذي يشمل الانتماء الى الارض والناس والعادات والتقاليد والفخر بالتاريخ والتفاني في خدمة الوطن ، ويوحي هذه المصطلح بالتوحد مع الامة ” .
كما تعرف بأنها ” الشعور الجمعي الذي يربط بين ابناء الجماعة ويملأ قلوبهم بحب الوطن والجماعة ، والاستعداد لبذل اقصى الجهد في سبيل بنائهما ، والاستعداد للموت دفاعا عنهما) .

وللمواطنة ابعاد متعددة ، تختلف تبعا للزاوية التي يتم تناوله منها ، ومن هذه الابعاد ما يلي :
1- البعد المعرفي / الثقافي : حيث تمثل المعرفة عنصرا جوهرياً في نوعية المواطن الذي تسعى اليه مؤسسات المجتمع ، ولا يعني ذلك بان الامي ليس مواطنا يتحمل مسؤولياته ويدين بالولاء للوطن ، وانما المعرفة وسيلة تتوفر للمواطن لبناء مهاراته وكفاءاته التي يحتاجها . كما ان التربية الوطنية تنطلق من ثقافة الناس مع الاخذ في الاعتبار الخصوصيات الثقافية للمجتمع ( فريحة ، 2004 ) .
2- البعد المهاراتي : ويقصد به المهارات الفكرية ، مثل : التفكير الناقد ، والتحليل ، وحل المشكلات .. وغيرها ، حيث ان المواطن الذي يتمتع بهكذا مهارات يستطيع تمييز الامور ويكون اكثر عقلانية ومنطقية فيما يقول ويفعل .
3- البعد الاجتماعي : ويقصد بها الكفاءة الاجتماعية في التعايش مع الاخرين والعمل معهم .
4- البعد الانتمائي : او البعد الوطني ويقصد به غرس انتماء التلاميذ لثقافاتهم ولمجتمعهم ولوطنهم .
5- البعد الديني : او القيمي ، مثل : العدالة والمساواة والتسامح والحرية والشورى ، والديمقراطية .
6- البعد المكاني : وهو الاطار المادي والانساني الذي يعيش فيه المواطن ، أي البيئة المحلية التي يتعلم فيها ويتعامل مع افرادها ، ولا يتحقق ذلك الا من خلال المعارف والمواعظ في غرفة الصف ، بل لا بد من المشاركة التي تحصل في البيئة المحلية والتطوع في العمل البيئي .
وتاتي اهمية تربية المواطنة من حيث انها عملية متواصلة لتعميق الحس والشعور بالواجب تجاه المجتمع ، وتنمية الشعور بالانتماء للوطن والاعتزاز به ، وغرس حب النظام والاتجاهات الوطنية ، والاخوة والتفاهم والتعاون بين المواطنين ، واحترام النظم والتعليمات ، وتعريف الناشئة بمؤسسات بلدهم ، ومنظماته الحضارية ، وانها لم تأت مصادفة بل ثمرة عمل دؤوب وكفاح مرير ، ولذا من واجبهم احترامها ومراعاتها . كما ان اهداف تربية المواطنة لا تتحقق بمجرد تسطيرها وادراجها في الوثائق الرسمية ، بل ان تحقيق الاهداف يتطلب ترجمتها الى اجراءات عملية وتضمينها
المناهج والكتب الدراسية .
وتتمثل اهمية تربية المواطنة في انها :
– تدعم وجود الدولة الحديثة ، والدستور الوطني .
– تنمي القيم الديمقراطية ، والمعارف المدنية .
– تسهم في الحفاظ على استقرار المجتمع .
– تنمي مهارات اتخاذ القرار والحوار واحترام الحقوق والواجبات لدى الطلاب .

ويمكن القول بان هدف تعليم المواطنة كما يراه ناريان (2004) هو تقديم برنامج يساعد الطلبة على :
– ان يكونوا مواطنين مطلعين وعميقي التفكير يتحلون بالمسؤولية ومدركين لحقوقهم وواجباتهم .
– تطوير مهارات الاستقصاء والاتصال .
– تطوير مهارات المشاركة والقيام بانشطة ايجابية ومسؤولية .
– تعزيز نموهم الروحي ، والاخلاقي والثقافي وان يكونوا اكثر دقة بانفسهم .
– تشجعهم على لعب دور ايجابي في مدرستهم وفي مجتمعهم وفي العالم.