ادارة الاختلاف تحتاج الى جملة من الأسس التي تنطلق منها موضوعة التعايش السلمي ، التركيز على الآيات القرآنية الكريمة التي تحث على قبول الاخر ، ومنحه حريته في التعبير عن فكره وعقيدته وتنقله وجملة من الحقوق التي ركزت عليها مواثيق حقوق الانسان ، والتي لم تكن غريبة على الفكر الاسلامي وانما جاءت بكلمات مرادفة لما موجود في الفكر الاسلامي ، ذات محتوى اقرب ما يكون للفكر الاسلامي ، كذلك التراث الفكري الذي تركه لنا أئمة اهل البيت (ع) في التعايش وقبول الاخر ، وإدارة الاختلاف الذي جسد اعلى درجات الرقي المجتمعي والحفاظ على الخصوصيات المجتمعية لكل جماعة ، من دون التعدي على هذه الخصوصية او منعها ما دامت ملتزمة بأحترام الخصوصيات الاسلامية للاغلبية المجتمعية
شيعة العراق مدعوون لان يتمسكوا بمبدأ المواطنة الصالحة ، الذي نادت وتنادي به المرجعية الدينية العليا ، الاخ الاكبر او الاغلبية المجتمعية يجب ان يكون جل حرصها على استتباب الامن والتعايش السلمي ، لكونها هي التي دفعت ثمن الاختلالات البنيوية والطائفية والمجتمعية التي حدثت في العراق ، وان ترسيخ أسس المواطنة الصالحة إنما هو ترسيخ لحكم الاغلبية المشروع قانوناً ، ليكون منطلقهم الفكري كحكام وليس كمعارضين في تعاملهم وإدارتهم للازمات الحاصلة ، فاعلين لا منفعلين ، مبادرين غير منتظرين ، متعقلين غير منقادين بعواطفهم المسيرة من الاعلام المأجور ، الذي كان ولا يزال يمارس التجهيل الممنهج ضد هذه الاغلبية المجتمعية
ان العزلة بسبب الاختلافات او الخلافات لن تمنحهم العيش الرغيد والوضع الامن ، لان الاخر ( الداخل والخارج ) ان لم تنفتح عليه فلن تجد منه غير المفخخات والانتحاريين ، كون هذه العزلة تعمق من هواجس الخوف والتخوين والعمالة التي يؤكد عليها الاعلام ، ويصف بها الاغلبية الشيعية ، والانفتاح على الآخرين إنما هو تطمين لهم ، والتأكيد على عربية شيعة العراق إنما هو ضرورة ، للرد على الاداعاءات الباطلة التي تحاول سلبهم هويتهم التي يفتخرون بها ، وعدم الركون الى ردات الفعل الغير محسوبة ، كون ردات الفعل ستجعل من العزلة والابتعاد عن الشركاء في الوطن امر محبب بسبب الضغط الإعلامي على الفرد العراقي ، وكل هذه المقدمات السيئة ستمهد لنتائج اكثر سوءاً ، والتي ستكون اما عزلة مجتمعية عميقة للاغلبية الشيعية ، او الذهاب الى التقسيم ، وكلاهما خياران ستكون لهما عواقب وخيمة على مستقبل التشيع في العراق من جهة ، وعلى العراق من جهة اخرى ، فوفق الخيار الاول العراق سيخسر الشيعة ، ووفق الخيار الثاني سيخسر الشيعة العراق ، وقد خلقهما الله لبعض متلازمين غير منفصلين .