18 ديسمبر، 2024 7:54 م

الموازنة .. والخلاف السياسي

الموازنة .. والخلاف السياسي

إقرار الموازنة في العراق، يرافقه دائماً موجة من الصراع السياسي، الناتج عن طبيعة النظام الحالي، والقائم على المحاصصة، لذا لاتخلو موازنة من خلافات محتدمة تتجاوز أحياناً السقف الزمني المحدد لإقرارها الى حد تدخل البلاد في أزمة دستورية، فيما تتقاذف السلطتين التنفيذية والتشريعية التهم بينهما لتحميل الطرف الآخر مسؤولية التأخير، حتى تنفرج مرة واحدة عبر إتفاقات اللحظة الأخيرة، وأحياناً تمر السنة المالية بلا موازنة، كما حصل في موازنة 2014 ، التي ضاع أثرها، ولم يعرف مصير80 مليار دولار أين ذهبت وكيف صرفت، ربما الصراع السياسي على الولاية الثالثة، وأحداث الموصل، قد سلماها الى ” النداهة” فابتلعتها.
و” النداهة” لمن لم يعرفها هي من الأساطير الريفية المصرية، حيث يزعم الفلاحون أنها امرأة جميلة جداً وغريبة تظهرفي الليالي الظلماء في الحقول، لتنادي بإسم شخص معين فيقوم هذا الشخص مسحوراً ويتبع النداء إلى أن يصل إليها ثم يجدونه ميتاً في اليوم التالي، لكن من أدى دورها في العراق، الأمر متروك لكم، مع إمكانية تحوير الأسطورة عراقياً، بموجب الخبرة المكتسبة في التحوير، بحيث ليس بالضرورة أن تكون ” النداهة” إمرأة، وجميلة أيضاً.
مانريد أن نبينه، أن الموازنات التي مرت على العراق بعد 2003 ، الإنفجارية منها والتقشفية، كانت تخضع لتجاذبات سياسية بعيدة كل البعد عن المغزى الحقيقي من إعداد الموازنة التي تمثل البرنامج المالي للخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، لذا  كان التصويت على أية موازنة يعد إنجازاً على المستوى السياسي وليس الإقتصادي، من خلال توافق الكتل السياسية، مع بقاء بعض بوادر المعارضة التي لاتخل بعملية التصويت.
أقرت أخيراً موازنة 2017 التقشفية، لكنها لم تخل من معارضة وتلويح بتقديم طعون لدى المحكمة الإتحادية، الى جانب المطالبة بمخصصاتٍ جديدة ، وكلها تندرج ضمن الخلاف السياسي العام الذي يبقى محور أية موازنة في عراق اليوم، فيما يتطلع الموظفون والمتقاعدون الى ضمان إستمرار رواتبهم برغم الإستقطاعات المرهقة لميزانياتهم الخاصة، في حين يترقب العاطلون فرصة عمل في العام المقبل، من دون شروط مسبقة، لكن الموازنة التقشفية لاتمنحهم هذه الفرصة، في وقت تدق نذر الإفلاس القابل من الأيام، إذا لم يغير النفط دورته وتعود العافية اليه، أو نعيد رسم سياستنا الإقتصادية بعيداً عن رهان النفط.