لا يخفى على المتتبعين للشؤون الدولية والمراقبين للأحداث السياسية بوجود لوبي على مستوى عالي يمارس عملية التحكم بأسعار النفط في الأسواق العالمية , ويمكن القول بأن اللوبي هو عبارة عن مجموعة منظمة تقوم بحث جهات قريبة من إتخاذ القرار للحصول على مآرب وأهداف تخدم مصالحها السياسية من الناحية الإقتصادية والإجتماعية والثقافية ولها أهداف بعيدة المدى وتستخدم أموالها للتأثير على السياسة العامة لبعض الدول , دون مبالاة لما تؤول اليه نتائجها ومعطياتها على مقدرات شعوب العالم الثالث التي رزخت تحت نير الإستعمار المباشر لسنوات خلت من قبل الدول العظمى , ولولا تنعم الشرق الأوسط والدول العربية بالنفط لما توجهت الأنظار اليها وأصبحت مدار إهتمام تلك الدول , وكان للعراق حصة الأسد من التدخل الأجنبي والتحكم بمصير شعبه بصورة مباشرة أو بصورة غير مباشرة نتيجة لضعف وهوان الحكومات المتعاقبة على إدارة الدولة منذ تأسيسه بالرغم من محاولات المقاومة التي لم تتمكن من تغيير المعادلة قيد أنملة لأنهم خططوا لمستقبل العراق ضمن إستراتيجية محكمة ذات أبعاد سياسية تخدم مصالحهم القومية .
وإسكتمالاً للنهج الإستعماري غير المباشر من قبل الولايات المتحدة الأمريكية للتحكم بقوت الشعوب صدرت أوامر من الرئيس ترامب بضرورة زيادة إنتاج النفط السعودي وضخه في السوق للتحكم بأسعار النفط عالمياً ضمن مبدأ العرض والطلب والذي أدى الى إنهيار سعر برميل النفط الى أقل من ستين دولاراً دون أي إعتراض من منظمة أوبك المعنية بالأمر والتي بقيت متفرجة وكأن الأمر لا يعنيها , مما القى بظلاله على تخمين الموازنة السنوية لعام 2019 بعد أن تم إحتساب سعر برميل النفط لأقل من ست وخمسين دولار مطروح منها سعر تكلفة الإنتاج والتصدير حيث أثرت بشكل سلبي على الواردات التي هي المصدر الرئيسي لأحتساب الدخل السنوي للعراق ولعدم وجود مصادر أخرى ترفد الميزانية العراقية بالعملة الصعبة , بالرغم من وجود نهري دجلة والفرات وعدم تشجيع الفلاح العراقي ودعمه للنهوض بالواقع الزراعي والذي كان سلة العراق الغذائية نتيجة للفساد المستشري في جميع مؤسسات الدولة , ولا وجود لصناعة محلية بالرغم من وجود أيدي عاملة ماهرة نتيجة لتهديم البنى التحتية أثناء حرب الخليج الأولى والثانية وإحتلال ثلث مساحة العراق من قبل أعتى منظمة إرهابية عرفها التأريخ المعاصر لعصابات داعش الإجرامية التي عاثت في الأرض الفساد وأحرقت الأخضر واليابس ضمن مخطط إستعماري مدروس سلفاً والعودة بالعراق الى عصور ما قبل التأريخ .
والحال يسري على الوضع في إقليم كوردستان العراق حيث تتأثر حصته من نسبة الموازنة السنوية وبشكل طردي , فلابد لحكومة الإقليم من باب الإحتياط أخذ التدابير اللازمة والتوجه الى بدائل سريعة للحفاظ على إستقرار السوق نتيجة تدني أسعار النفط في الأسواق العالمية ومعالجة الوضع الإقتصادي بآلية لا تضر بالدخل الشهري للموظفين وتؤثر سلباً على حياة المواطنين .