23 ديسمبر، 2024 8:30 ص

الموازنة العراقية والالغام المتعددة

الموازنة العراقية والالغام المتعددة

أثار عدد من الخبراء اعتراضاً واسعاً على عدد من الفقرات الموجودة في موازنة عام ٢٠٢١، وعلى الأخص المادة ٤٧ التي تعطي الحكومة صلاحية واسعة في بيع اصول الدولة العقارية والصناعية والزراعية وغيرها، والدعوة الى مجلس النواب لإلغاء هذه المادة لا تعديلها.

كما ان المادة ٤٨ لا تقل عنها اثارة للتساؤل وانعدام الحاجة لإدراجها في الموازنة، فضلاً عن موادٍ أخرى.

ومع ذلك فهناك نقطة على قدر كبير من الاهمية وهي:

لماذا تم استغلال مشروع قانون الموازنة لإدخال فقرات بشكل موجز وعام وغير واضح، بينما كل فقرة من هذه الفقرات بحاجة الى تشريع مستقل يعالج كل الجوانب المتعلقة بالموضوع دون ضغط الوقت الذي تسلطه الحكومة على مجلس النواب في سرعة المصادقة على القانون؟

إن تخصيص القطاع العام ضروري، ولكن كيف يتم ذلك؟ هي النقطة المهمة وهي الفارق بين النجاح والفشل وبين النزاهة والفساد، وقطعاً ليس المطلوب تصفية القطاع العام بأي ثمن بحيث تتساوى به المؤسسات الخاسرة مع تلك الرابحة، ولكن ضرورة التزام معايير تراعي وضع كل مؤسسة من هذه المؤسسات بمعزل عن الاخرى.

فالشركة العامة للأدوية مثلاً وهي تحقق أرباحاً سنوية جيدة ولها سمعة طيبة يمكن ان تتحول الى شركة مساهمة عامة من خلال زيادة رأسمالها وإعطاء الفرصة للمواطنين والمستثمرين للاكتتاب بها وتستثمر الزيادة في رأس المال للتوسع في الانتاج، والمصافي العراقية يمكن ان تتحول الى شركة مساهمة وتطرح أسهمها للاكتتاب العام وسيستقطب ذلك العديد من المواطنين والمستثمرين للمساهمة فيها واستثمار مبالغ الاستثمار للتوسع في المصافي.

لا ينبغي أن تكون الخصخصة وسيلة لزيادة إيرادات الحكومة فتصرف تلك الايرادات في نفقاتها التشغيلية، بل يجب ان يتم ذلك لصالح تمويل الاستثمار في القطاع الذي تم تخصيصه نفسه ليتوسع.

ان الخصخصة بشكل مدروس يعني ايجاد تحفيز لتطوير هذه المؤسسات لزيادة الربحية وزيادة الانتاج، ويصح الأمر نفسه مع وزارة الزراعة باعتماد أسلوب تمليك الأراضي الزراعية لأصحاب المشاريع التطويرية في قطاع البستنة والنخيل والزراعة المغطاة والزراعات الحقلية والانتاج الحيواني، على الا يتم ذلك التمليك الا بعد مرحلة التأجير او الرخصة الاستثمارية ونجاح المستثمر في تحقيق المستوى الإنتاجي المطلوب.

أما المشاريع الفاشلة فتحتاج لإعادة النظر في كيفية توجيه سياساتها الانتاجية ومجال تخصصها بما يتناسب مع الكوادر البشرية التي تعمل بها، ويكون هناك خطة لكل مؤسسة من هذه المؤسسات.

أما الشكوى طويلة الامد والتي لم تعالجها كل الحكومات السابقة من عدم منافسة الإنتاج المحلي جودة وسعراً للمنتج الأجنبي فعلاجه في ثلاثة أمور:

الأول: اعتماد كوتا استيراد تأخذ في حسابها أن هناك انتاج عراقي سيغطي جانبا من حاجة السوق.

الثاني: فرض رسوم كمركية لصالح صندوق دعم الانتاج ليوفر للمشاريع العراقية التمويل الكافي للتطوير وزيادة الإنتاج وتحسين نوعيته وسعره.

الثالث: تحسين مستوى الرقابة والسيطرة النوعية على الإنتاج المحلي والاستفادة من الفقرة الثانية لمعالجة تدني النوعية المنتجة محلياً.