( حين سكت أهل الحق عن اهل الباطل , توهم اهل الباطل أنهم على حق) علي بن أبي طالب ع
بعد ان صبرنا طيلة العشر سنوات الماضية بين شد وجذب ومصالح سياسية وتناحرات دمرت البلد وألقت بضلالها على المواطن الفقير والمظلوم (حصرا) والذي كان يأمل بعد سقوط الطاغية ان يعيش عيشة كريمة وهادئة يتخلص بها من مأسي الحكم السابق وحروبه الرعناء وسقط النظام المقبور .
ولكن تفاجئ المواطن العراقي البسيط بصراعات وتعدد للأحزاب لم يجني منها غير المعاناة والتعب والإرهاصات النفسية حيث تتابعت عليه المحن والكوارث من كل حدب وصوب . وبعد كل هذا توقعنا وخصوصا بعد التغيير الذي حصل في العملية السياسية الاخيرة مكاسب ورد لحقوق المواطن والموظف البسيط المنهك بسبب غلاء المعيشة والرواتب المتدنية والقليلة التي تعطى له مقارنة بأقرانه بالدوائر الاخرى كالنفط والرئاسات الثلاث وغيرها اضافة الى معاناة المواطن وموضوع البطاقة التموينية والتي اصبحت سلة غذائية خاوية على عروشها .
وبعد ان اصبحت الموازنة في العراق هي حرب طاحنة ومعضلة في التاريخ العراقي المعاصر حدثت الطامة الكبرى بالتصويت على (موازنة النواب وليست موازنة الشعب) خصوصا الطبقة المظلومة في الجنوب والوسط موازنة خلت من مكاسب لأبناء المناطق الجنوبية المحرومين والذين عانوا الامرين في النظام السابق والنظام الحالي وكانوا يأملون من نوابهم ان يبشروهم كما بشر نواب المنطقة الغربية جمهورهم بالمكاسب العالية والانجازات التي تحسب لهم ولجمهورهم علما بأنها محافظات ساقطة بيد العصابات الارهابية والطائفية ولا تؤمن بالعملية السياسية اطلاقا بل تؤمن بالبعث والفكر البعثي الدكتاتوري ؟ كما أن المثير للانتباه بان موازنة عام 2015 اعطت لإقليم كردستان حصة الاسد وتم استثنائهم من الضرائب والتقشف الذي سيدفعه ابناء الجنوب الصابر والمحتسب بسبب تهاون وعدم مبالاة ممثليه من اعضاء البرلمان والأحزاب السياسية .
وهنا نريد ان نطرح بعض الاسئلة المنطقية . اين يذهب خريجو الجامعات والمعاهد والذين انتظروا بفارغ الصبر أيجاد وظائف تليق بشهاداتهم واجتهادهم العلمي وأين فروقات رواتب الموظفين أصحاب الرواتب القليلة ؟ وأين تعديل الرواتب والذي اقر من مجلس الوزراء وحسب القانون والذي طالما طالبت به المرجعية الدينية العليا مرارا وتكرارا بتنفيذه اي قانون توحيد الرواتب ؟ وأين تعيين موظفي العقود بالأجر اليومي وهم أصحاب عوائل ويقدمون الخدمة للوطن ؟ وأين المشاريع الاستثمارية التي تخدم اقتصاد البلد وتنوع إيراداته ؟ وأين التركيز على الجانب الصناعي وتطوير وتشغيل المعامل العاطلة والتي تعتبر من اهم المعامل والمصانع في الشرق الأوسط ؟ وأين الجانب الزراعي الذي عانى الاهمال طيلة عقود من الزمن وتحولت مناطقنا الخضراء الجميلة الى مناطق صحراء جرداء ؟ ولماذا تم التغاضي عن قانون الغاء الرواتب التقاعدية للرئاسات الثلاث والدرجات العليا بينما ان المحكمة الاتحادية
سبق وان اصدرت قانون بإلغاء الرواتب التقاعدية ولماذا لا يسن قانون خاص بتخفيض رواتب الرئاسات الثلاث وتوحيد رواتب الموظفين وإلغاء الوزارات والترشيق ونقل الصلاحيات من المركز الى المحافظات لتكون هنالك خدمات واضحة للمواطنين والخلاص من المركزية المقيتة والتي دمرت البلاد ؟ ولماذا تبتعد الكتل السياسية عن موضوع اقامة اقليم الجنوب لضمان حقوقه المشروعة اسوة بإقليم كردستان لاسيما ان النفط المستخرج من هذه المحافظات يعتبر هو المصدر الرئيس للموازنة ؟ وأما موضوع التصويت على فقرة اعطاء مبلغ دولار لكل برميل منتج من هذه المحافظات فهو بحد ذاته أمر مغزي ومعيب وهي أشبه بما وصفه الشاعر( كالعيس في البيداء يقتلها الضما ,, والماء على ظهورها محمول ) وهنالك سؤال يطرح نفسه هل ستقوم الحكومة بتنفيذ هذا القانون وإعطاء المحافظات حقوقها ام سوف تفعل كالسنين الماضية ولم تعطي هذه المحافظات حقها لحد الان وهل سيكون للبرلمان موقف واضح اتجاه الحكومة في حال عدم التزامها بالقانون المذكور ؟ ويلاحظ مبلغ الدولار هو مبلغ قليل وبخس قياسا بالجهود المبذولة والإضرار البيئية والبشرية والتي تحدث بسبب مخلفات استخراج وإنتاج النفط . وأخيرا نتمنى على القيادات والرموز الدينية في العراق والمحترمة ان تتخذ موقفا واضحا وسريعا من هذه المهزلة والتجاوزات على حقوق ابناء الجنوب والذين اصبحوا كالبقرة الحلوب تعطي ولا تأخذ شيئا والقانون يصب عليهم صبا .