يبدو أن المواجهة العسكرية داخل الأراضي العراقية أو بمحيطها، قائمة لا محالة؛ وأن الشرق الأوسط سيشهد توترات جديدة ربما ستكون الأشد خطورة من الحروب والمواجهات السابقة؛ ربما ستكون المواجهة الأخيرة، التي ستفضي إلى تغييرات ديموغرافية واضحة، وولادة دويلات جديدة وسياسة جديدة وتطبيع قادم مع العدو الأزلي للعرب.
الولايات المتحدة تَعد العُدة لتغيير خارطة حلفاءها ونفوذها في المنطقة، وأن ذريعة محاربة الإرهاب والتطرف في الشرق الأوسط، وتشكيل تحالف ضد طهران سيسود على المشهد القادم، وسيتم العرض الختامي بعد أشهرٍ قليلة.
أن جولة وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو في الشرق الأوسط، الهدف منها طمأنة شركاء بلاده من العرب، وتوجيه رسالة لهم، بأن واشنطن تنوي الحفاظ على نفوذها في المنطقة؛ وستواصل الدفاع عنهم وعن مصالحها، نستدل من قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بسحب قواته من سوريا؛ بأن أحد أهداف رحلة بومبيو التي شملت العراق هي العمل على إنشاء تحالف معادٍ لإيران، يضم دول الخليج ودولاً آسيوية وأوروبية، فضلاً عن إسرائيل وهذه الإستراتيجيات كررها بومبيو خلال مباحثاته في عمّان والدول التي زارها.
بعض شركاء أمريكا في المنطقة، وعلى رأسهم السعودية وإسرائيل، يتخوفون من إيران والأذرع الموالية لها؛ فيما يفضل آخرون إستئناف الحوار الطبيعي بين واشنطن وطهران من جهة وواشنطن ودمشق من جهة أخرى، بعض قادة العراق شددوا عبر تصريحات لهم بعدم السماح لأمريكا برسم حدود جديدة للعراق إنطلاقاً من كركوك؛ ونوهت بأن الردّ سيكون قاسيا،ً بدورها واشنطن أكدت بأنها لن تنسحب من الشرق الأوسط؛ وغيرت إستراتيجياتها في المنطقة.
تجربة العراق وأفغانستان، لا تزال شاهداً على الهزيمة التي تكبدتها القوات الأمريكية، وخطاب ترامب عن تغيير إستراتيجيته في المنطقة تمحور حول حماية الأراضي الأمريكية من تهديدات أسلحة الدمار الشامل، والأنظمة المعادية لأمريكا، أن السبب الرئيسي بعدم إنسحاب القوات الأمريكية من العراق؛ يرجع لإمتلاك الأخير، أكبر مخزون نفطي في العالم حالياً، وعلينا أن لا نتجاهل بأن الولايات المتحدة، هي أكبر قوة عسكرية وإقتصادية في العالم، وتمتلك قواعد عسكرية بمختلف أنحاء العالم.
ترامب الآن يبحث عن إستراتيجية؛ تمكنه من خلط أوراق العالم بأسره، و بالتالي فإن مسألة إنسحابه من سوريا، ما هي إلا مناورة لها غايات ورسائل موجهه، قد يفهمها البعض عكس ما ينوي ترامب، وأن تغيير الإستراتيجية الأمريكية لا تعني أنها ستتخلى عن إسرائيل و ستعمد على تعزيز العلاقات الإسرائيلية- العربية قدر استطاعتها، وهذا ما شهدناه في العديد من دول الشرق الأوسط، وربما العراق سيكون أحد تلك الدول.