19 ديسمبر، 2024 6:00 ص

المهزومون يبحثون عمن يستوعبهم في ارض العرب !

المهزومون يبحثون عمن يستوعبهم في ارض العرب !

كل شعوب العالم تعلم ان الإدارات السياسية للولايات المتحدة الأمريكية لاتتبع الديانة المسيحية الكاثوليكية في التنظيم والتطبيق , وهي بذلك تقع خارج الإيمان المسيحي الأصلي الذي تتبعه الكنيسة الكاثوليكية , بل ولايوجد اي رابط بينهما , وإن أظهرت تلك الإدارات إيمانها المسيحي بالإعلام على الملأ فليس إلا إدعاء باطل غرضه استهلاك محلي .
ولكي يفهم القارئ الكثير عن هذا الموضوع , عليه دراسة ذلك بنفسه ليرى الحقيقة , إذ ان المسيحية في جوهرها قريبة من جوهر الديانة الإسلامية كما هو معروف , ومايميّزها انها تنكر وجود جميع الآلهة ماعدا الرب الأعلى كما يسموه .
إذن الإدارات السياسية الأمريكية المهزومة من التعاليم المسيحية وفقآ للمفهوم المسيحي الكاثوليكي هي بمثابة آلهة ثانونية تؤمن ان الكون برمته عبارة عن ساحة لمعركة سياسية يلعبها ويتحكم بها الكبار للهيمنة على العالم بكفتين إما بالخير أو الشر ومايحدث في العالم هو الجزء الكبير من هذه المعركة .
والأمر ينطبق على إدارات الكيان الصهيوني المحتل لفلسطين من ناحية أخرى , ففي الديانة الموسوية التي جاء بها النبي موسى عليه السلام تتعارض قيمها مع القيم اليهودية التي جاءت بها فئات اخرى لم تؤمن بمبادئه , إذ انهم الآن يتبعون الفكر الصهيوني الذي اوجده هرتزل والماسونية العالمية والمسيحية الصهيونية, وكل الأحزاب التي تعمل في الكيان هي احزاب يمينية متطرفة وعنصرية واهدافها إخراج الفلسطينيين من ارضهم بأي ثمن ووسيلة كما هو الحال الآن .
وينطبق الحال ايضآ على الحكام العرب الذين صافحوا الكيان الصهيوني وأقاموامعه معاهدات سلام على حساب إرادة الشعب الفلسطيني منتهكين بذلك كتاب الله وسنة نبيه الكريم . فاليهود اعداء الله وهم ليسوا بني إسرائيل الذين اشار اليهم القرآن الكريم , إذ انهم لايؤمنون بما جاء على لسان النبي موسى , ولا بما جاء به النبي محمد (ص) , بل كذبوه وحاربوا الإسلام في الباطن والظاهر , وهؤلاء ينبغي بغضهم حتى يؤمنوا بالله تطبيقآ لقوله وهو الحق : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ ( الممتحنة 1 ).
اذن علاقة هؤلاء بما يجري الآن هي علاقة مادية خالصة لاتمت بالديانات بأي رابط محوري وفي خضم زيارة الرئيس بايدن للكيان الصهيوني في 13 تموز 22 وسعيه في القيام بدور جديد للولايات المتحدة في الشرق الأوسط وجعله يرتكز على انشاء تنظيم خارج القيم المسيحية الموسوية والإسلامية لبدء مرحلة جديدة فيه ترتكز على محاربة اي مقاومة ضد الكيان الصهيوني التوسعي .
وفي هذا الصدد تم التوقيع في 14 تموز 22 على اتفاق سمي بـ ” إعلان القدس ” خال من اي دواعي دينيه بين بايدن والحكومة الصهيونية , بل اشار الى القيم المشتركة فيما بينهم فحسب , وهي محاربة حزب الله والبقاء على حصار غزة وخيار ضرب إيران الإسلامية إذا لم تتباحث في إتفاق جديد يضعونه حسب رؤيتهم السياسية ,
ودعم اجراءات قتل الفلسطينيين وهدم منازلهم وتهجير سكان حي الجراح وجنين ومصادرة الأراضي في الضفة الغربية , والشراكة الإستراتيجية في كافة المجالات بما يضمن أمن الكيان الصهيوني والمصلحة العليا للولايات المتحدة الأمريكية .
اليست هذه هي القيم المشتركة بين امريكا والكيان الصهيوني ياحكام التطبيع ؟!
والطامة الكبرى ان حكام التطبيع يجلسون ويراقبون عن كثب مايجري بين بايدن ورئيس الكيان ,ويدعي الشيخ بن زايد رحمة الله عليه ان ما يجمعه مع امريكا والكيان الصهيوني هي الشراكة . أي شراكة ياطويل العمر ؟! ولكنك ربما تكون محقآ في جانب واحد من الشراكة وهو جانب هزيمتك من قيم الدين اسوة بهزيمة شركائك من اليهود لابيد ومن النصارى بايدن من تعاليم موسى وعيسى وكل ماجاءوا به من تعاليم وتناسيك لقول الشاعر : ما أحسن الدين والدنيا إذا اجتمعا لابارك الله في الدنيا بلا دين .
ولينظر الشيخ مافعلته ايديهم للعرب من ذل وإهانة حتى ان الأمر وصل الى ان تتجاسر امريكا ودولة الكيان على الإنفراد بالشرق الأوسط وجعله اراضي تابعة لأمريكا واسرائيل تمهيدآ الى تحقيق حلم الصهيونية بقيام دولة الكيان الكبرى التي يؤمن بها حزب نتياهو والأحزاب الأخرى ليسرحوا بها ويمرحون بكذبة التطبيع الغبية .
وليعلم حكام التطبيع , وهم لاشك يعلمون ان السباق الخفي بين بايدن وترامب على خدمة الكيان الصهيوني السارق للأراضي العربية مازال قائمآ , فالرئيس بايدن ومنذ تسنمه الرئاسة الأمريكية يحاول ان يضع نفسه في الصف الأول من القادة , الذين ينتمون الى المسيحية – الصهيونية , المناصرين للصهاينة في فلسطين وان يقدموا لهم الخدمة اكثر من هرتزل نفسه ,
فقد قدم ترامب من قبل اعترافه بمرتفعات الجولان وسميت بأسمه , واعترف بالقدس عاصمة ابدية لدولة الكيان وتجاهل الإستيطان في الضفة الغربية وفي مدن اخرى , وهاهو بايدن يضع لبنة اخرى بهذا الأعلان وهي لبنة الدفاع عن الكيان والتعاون في كافة المجالات ورغمآ على باقي الكيانات العربية التي لم تنساق لحد الآن الى التطبيع .
ولعل سائل يسأل : ماذا وراء زيارة بايدن غير ذلك ؟
الجواب : ان الولايات المتحدة الأمريكية وهي القوة الكبرى المتحيّزة للجانب الصهيوني بعد ان اشعلت الحرب بين روسيا واوكرانيا لأغراض السيطرة على العالم , شعرت بالقلق وبصعوبة انتصار اوكرانيا برغبتها على روسيا وان اسلحتها لاتستطيع انقاذ الشعب الأوكراني وشعوب اوربا من المعاناة التي خلقتها , وعلاوة على ذلك فإن الجيش الأوكراني الذي دفعوه للقتال الى أخر جندي قد وصل فعلآ الى هذا الجندي بسبب الخسائر الكبيره التي تكبدها جراء المدفعية الروسية .
لذا نجد ان الولايات المتحدة جاءت الى الشرق الأوسط وهو مركز الخيرات والثروات والحكام الذين يسهل اقناعهم بالخوف والترهيب من اجل ان يقطعوا الطريق على روسيا من التدخل فيه سيما ان العلاقات الروسية – السعودية في حال جيد .
إذن في هذا الموقف فإن الإدارة الأمريكية لاتؤمن بغير قضائها وقيمها المادية وعلمائها في الفلسفة والإجتماع ومايقدمونه من استشارات للكهل الخرف بايدن لخدمة الصهيونية , وهي في هذه الزيارة تعبر عن ضعفها الخفي عن انظار الشعب الأمريكي وهشاشة مفاصل قوائمها الإقتصادية , لذلك جاء بايدن الى العرب للإستعانه بقوائم حكام التطبيع الإقتصادية ليحدث فرقآ في معاناة الشعب الأمريكي اولآ وخاصة من التضخم الذي تعانية وارتفاع أسعار الطاقة وليفوز بالحرب الأوكرانية كما يظن ثانيآ .
في هذه الطريقة من التفكير التي ربما لاتعجب البعض , إلا انها توضح ان القيم المادية التي تؤمن بها الولايات المتحدة والتي تشترك معها دولة الكيان وحكام التطبيع هي فوق الأديان , فهي لم تنظر الى روسيا واوكرانيا من باب الدين , بل ولم تتعرض لفكرة الدين ومعالجة مشكلة الحرب في اطار ديني سيما ان جزء من اوكرانيا مسيحية ارثوذوكسية , اما الجزء الأكبر فهم يهود وان بايدن هو نفسه يدعي انه يهودي ولكنه يهودي صهيوني .
إذن لاتوجد مشتركات دينية بين بايدن وبين قادة اوكرانيا او روسيا , لذلك فإن روح الصهيونية والماسونية هي التي تتلاعب به في الخفاء من ناحية تنظيم قيمه المادية السياسية التي اسسها هرتزل والتي تدعو الى تفكيك الأديان للبقاء على شعب الله المختار فحسب .
ولعل بهذه الفكرة لايتفق الكثير من العملاء التابعين لأمريكا والصهاينة وحكام التطبيع , لأنهم تبنّوا النواة المخالفة لدياناتهم حبآ بالخير الذي يحصدونه منهما , أي من امريكا والصهيونية , وبهذا لايعيرون اهتمامآ لصوت الضمير الذي يشجب الظلم الواقع على الآخرين , فالصهاينة مثلآ يقتلون ويهجرون ولا احد في العالم يدين افعالهم الشريرة , بل يركن الى التحقيقات القضائية طويلة الأجل من اجل تسويف الجرائم , وما اكثر جرائم الصهيونية التي لم تلق لحد الآن حكما صادرآ بها .
ولعل بايدن ايضآ لايركن الى الهدوء إلا بتحقيق زيارته الى مملكة نجد والحجاز لأكمال رسالته الصهيونية ليستوعبها كبير العرب كما فعل من قبله المسيحي – الصهيوني ترامب الذي جلس بين احضان امراء المملكة وهو يروّج لبضاعة امريكا كأي تاجر هندي في اسواقها ايام زمان , وبهذه الزيارة ستكون نتائجها إما مهلكة للمملكة وإما تخرج منها وبيدها كتاب الله كإشارة الى صوتها الداخلي ليذكرها التأريخ , وإما تخرج ويدها خالية منه كإشارة الى انتماءها الى جانب المهزومين .
وفي الختام ليعلم حكام العرب جميعهم ان امريكا ومن خلال زيارة بايدن غير المرحب بها للأراضي العربية المحتلة وجزيرة العرب من قبل احرارها , والتي تهدف الى ان يستوعب العرب اهدافها , وسيخلدها التأريخ إن هي أسست الى أمبراطورية قائمة على اساس صهيوني –ماسوني بمعاونة العملاء من العرب بحجة تشكيل تحالف اقليمي مناهض للجمهورية الإسلامية ليبرهن من ناحية اخرى ان المال اكثر قدرة من الدين على جذب الشعوب وبناء الأمبراطوريات ومع المال يصطف الذهب الأصفر الذي خلب لب حكام التطبيع بعد ان فشلوا في حمل راية الإسلام بعد اسلافهم وفشلوا بالسعي الى رفعته بين الأمم .
وليعلم الحكام ان بهذه الإمبراطورية المفترضة سينتهي الإسلام وستعاد رسم الخرائط مرة اخرى لكيانات ماسونية بلا دين او اخلاق , لولا إيماننا ان الله سبحانه ” عزيز ذو انتقام ” لن يقف مكتوف الأيدي امام كفارها ولن يتم لهم ذلك ابدا .
14تموز22

أحدث المقالات

أحدث المقالات