القدوة هو الذي يُقتدى ويُحتذى به من حيث جعله أسوة ومثالاً ونموذجاً لسلوكيات وتصرفات الآخرين، وفي لسان العرب : يقال قدوة لما يقتدى به. وقال أيضا: والقدوة ما تسننت به.
وهي منهج الهي فطري عقلي أخلاقي حضاري، ولقد أولت الاديان السماوية وخاتمها الإسلام المحمدي أهمية كبيرة لموضوعة القدوة، باعتبارها من أنجع وأبلغ المناهج التربوية لبناء الإنسان فكريا وسلوكيا، وبالتالي اعداد مجتمع سليم يقوم على أساس المبادئ والقيم والأفكار التي نادت بها شريعة السماء، وآمنت بها الفطرة السليمة، وأقرها العقل والأخلاق والإنسانية.
قال الله تقدست اسماؤه: « أُولَٰئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ ۖ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ ۗ قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا ۖ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَىٰ لِلْعَالَمِينَ »،(90) الانعام، « لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً »،(21﴾ الأحزاب
الاقتداء والتأسي بالقدوة الحسنة لا يتحقق إلا بالإتيان بنفس فعل ومواقف القدوة الحسنة، وهذا ما نطقت به النصوص القرآنية والسنة المطهرة، ومن الثابت- كتابا وسنة- أن المهدي الموعود عليه السلام من اسمى مصاديق القدوة الحسنة، كيف لا وهو المُعد لقطع دابر الظلمة، والمُنتظر لاقامة الأمْت والعِوج، والمرتجى لازالة الجور والعدوان، والمدخر لإقامة العدل وتحقيق السلام، والرحمة الإلهية التي ستعم العالمين، وآمل المستضعفين والمظلومين…
هكذا ينبغي أن نفهم المهدي وقضيته العالمية، من خلال النهل من المعين الصافي الفياض بالعقائد الصحيحة، فالمهدي ليس مليشيات وقتل وسلب وصرعات و…، وهذا ما أكد عليه الاستاذ المحقق في خطاباته ومحاضراته، ومنها قوله: « نأتي بالبحوث العقائدية حتى يكون كل انسان على بينة، ونعرف من هو المهدي وما هي قضيته، فقضية المهدي ليس عبارة عن مليشيات وقتل وتقتيل واجرام وأموال ورشا ومناصب وسياسة واحتيال وسرقات وفساد، ليس هذا هو المهدي سلام الله على المهدي، المهدي قدوة حسنة، المهدي إنسانية المهدي عدالة، المهدي رسالة، المهدي جنة، المهدي رحمة، المهدي عطاء، المهدي تقوى وايثار وأخلاق».