لا خلاف عندي على وجود المهدي وظهوره لكن في المقابل لاقدرة لدي على انتظار أراه غير مجدي حد العبث لظهور ترك موعده في علم الغيب الذي لم يحدد على طريقة الآية الكريمة : ( غلبت الروم في أقصى الأرض وهم بعد غلبهم سيغلبون ) وحدد موعد هذا (الغلب ) ببضع سنين وتحقق الوعد وغلب الروم أعدائهم وتحول الوعد وانتصار الروم إلى تاريخ ودلالة اما في قضية غياب المهدي وظهوره فقد قسم الغياب إلى مرحلتين الأولى وأطلق عليها ( الغيبة الصغرى ) وكان له فيها سفراء يراهم ويجتمعون اليه ومدة هذه الغيبة مساوية لعمر الإنسان الافتراضي وانتهاء الغيبة الصغرى الذي أفضى إلى غيبة كبرى غير معلوم أمدها أضعف موقف القائلين بالظهور والداعين له والمنتظرين لتحقيقه وفتح باب التقولات للمخالفين بأدلة كثيرة منها غيبته الصغرى التي لم تكن أطول او اقصر من عمر الإنسان الافتراضي على الأرض مما دفعهم للقول بموته وانتهاء أجله بل ذهبوا أبعد من ذلك وانكروا حتى وجوده اصلا في الوقت الذي لم يكن بأيدي المؤمنين بغيبته دليلا كدليل غياب عيسى القرآني: ( ماقتلوه ولا صلبوه ولكن شبه لهم ) بل كان كل ما في ايديهم أحاديث مرسلة وروايات متناثرة هنا وهناك لم تكن محل اتفاق . ان أغرب ما في قضية المهدي هو التناقض الكبير بين مبرر الغيبة الصغرى والمتمثل بالخوف على حياته المهددة بالتصفية قتلا من قبل السلطة القائمة آنذاك والتي انتهت بعد إعلان غيبته الكبرى يتفاوت زمني بسيط ومبرر ظهوره من غيبته الكبرى المتمثل ب ( وسيملئها عدلا وقسطا بعدما ملئت جورا وظلما ) وكان سين التسويف في ( سيملئها ) ستظل شاخصة برأسها حتى يرث الله الأرض وما عليها لأنها قرنت ظهوره بامتلاء الأرض بالكامل ظلما وجورا وهذا غير ممكن نظريا على الأقل إذ حتما يجد الباحث في زوايا الأرض عن وجود أماكن يوجد العدل في ربوعها ولو نسبيا إضافة لامر ربما يفوق هذا تثبيطا للعزائم يوم يدعي المتحمسون للظهور بأن هذا الظهور وشيك جدا وقد يقع بين يوم واخر ووضعوا له علامات كونية قد تقع وقد لا تقع مما دفع المؤمنين بقرب الظهور إلى الصبر حد الخنوع وتحمل المكاره وعدم السعي لإعادة اي امر عند اختلاله إلى نصابه انتظارا لهذا الظهور المبارك لكي يقوم المهدي شخصيا بتقويمه وفات على هذا الانتظار المثبط للعزائم الف وربع الف من السنين أوقف خلالها المنتظرون على ظهوره الشريف عظائم الأمور وبعض عباداتهم انتظارا له . اظن ان من الواجب علينا مادام تاريخ الظهور غير معروف ولم يحدد بالمطلق وترك سرا في علم الله ان لانشغل أنفسنا به ولانرهن المطلوب منا القيام به من أعمال عليه ونمارس حياتنا كما مارسها السابقون في حالة كون الإمام في السجن او على فراش المرض او حتى في ساحة الحرب ومتى ما ظهر نسلم له القياد ونباشر اعمالنا تحت قيادته وماعدا ذلك فهو اشغال للنفس وتعطيل لبعض الأعمال بانتظار لا مسوغ له .
.