تتناقل كل يوم مختلف وسائل الأعلام مأساة المهاجريين الهاربين من جحيم الحروب وخصوصًا من سوريا والعراق وهم يتجهون في طرق ومسارات تنتهي بالموت أحيانا بسبب مصاعبها سواء كان عبر الغرق في مياه البحر بسبب القوارب المتداعية التي يركبوها أو بسبب قسوة الطرق وطولها وقلة المياه والطعام بالأظافة إلى العقبات الأخرى .
الغريب بالأمر أن من يطلق عليهم الأسلاميين تسمية الغرب الكافر في الجوامع والحسينات عندما يسمع هذا الغرب الكافر نداءات الأستغاثة يهب لأنقاذ هؤلاء المهاجرين ويسخر خدمات خفر السواحل والبحرية العسكرية لأنقاذهم ويكلف أطباء لمعاينتهم فور وصولهم السواحل ومن ثم أخذهم إلى مراكز متخصصة لايوائهم وهو أمرا يكلف عشرات الملايين من الدولارات سنويًا . بينما الشرق وخصوصًا الأوسط منه ذات الأغلبية المسلمة وتحديدا الدول العربية التي تدعي عروبتها كون أن اللاجئين هم معظمهم من سوريا والعراق يقف يتفرج على هؤلاء المهاجرين وهو يعلم أنهم ذاهبون إلى الموت ولايمنعهم ولايقدم لهم المئوى بينما يقف خطيب وأمام الحرم المكي وخطباء الجوامع في كل جمعة يلقون الخطب ويعضون الناس حول التقوى فهي شعار المؤمنين حسب قولهم.
أخاطب قادة وشيوخ السنة خصوصًا لأن معظم هؤلاء الناس من سنة سوريا والعراق الذين تدعون أنكم تسعون لحماية سنة رسول الله من الفتن والبدع وأنتم من تدخلتم في شؤون سوريا الداخلية وحولتموها إلى جحيم ودعمتم مسليحها بالمال والسلاح لأن هدفكم أسقاط المجرم بشار الأسد فقط ولايهمك تبعيات هذا الأمر .وأنتم من أدخلتم عبر أراضيكم وقواعدكم العسكرية جيش الأحتلال الأمريكي والبريطاني إلى العراق وتدمرتم مؤسساته في عام 2003 لأن هدفكم كان أسقاط صدام حسين فقط ولايهمكم تبعيات هذا الأمر وبالتالي كما كنتم تضغطون في أمور أخرى مثل التدخل في اليمن كان الأولى أن تضغطوا لأيواء هؤلاء الناس .
ولو كان لدى العرب القليل من الغيرة لأتعضوا من خطاب المستشارة الألمانية أنكيلا ميركل الذي قالت (سيذكر التاريخ أن أوربا أستقبلت العرب والمسلمين القادمين على قوارب الموت بينما رفضت مكة قبلة المسلمين ذلك ).
تظن هذه الأنظمة في دول الخليج أن مايجرى في سوريا والعراق بعيدًا عنها ولاتعلم أنها في طريقها إلى الأنهيار لأن حتى شعوبها بدأت تكره عدم مبالاتها وشعوب العالم والدول الكبرى لم تعد تحترمها وتعتبرها كممثل للعرب والمسلمين وأكبر دليل هو مايجري في سوريا لم يستمع المجتمع الدولي لرؤيا هذه الدول حول الوضع في سوريا وحتى لما يجرى في اليمن يستمر المجتمع الدولي بالحوار مع الحوثيين وصالح بمنأى عن ما يدعى التحالف العربي بالأظافة إلى أن المجتمع الدولي عقد أتفاق مع إيران دون حتى مشاورة هذه الدول الي كانت تعتبر حليف ستراتيجي له.
مشكلة هذه الدول أنها كرد فعل على نظام ولاية الفقيه الإيراني حولت الصراع من صراع سياسي قومي إلى ديني مذهبي فأبتعدت وتخلت عن الشيعة العرب الغير موالين لنظام ولاية الفقيه وكذلك الأمر مع المسيحيين في الشرق الأوسط بل حتى تخلت عن السنة الغير موالين لها مثل الاخوان المسلمين وتحول الصراع الى صراع مذهبي بين سنة وشيعة وأنتج متطرفين سنة كفروا السنة ومتطرفين شيعة كفروا الشيعة وبالتالي خسروا التأييد العربي والتأييد الأسلامي إلا من بعض السياسيين والدول التي تعتاش على مساعدات دول الخليج مثل مصر وغيرها.
ما أريد أن أصل إليه أن هذه الدول ستحتاج إلى أن تتنفس الحرية في يوم من الأيام وتخوض معاناة التغير كون أن أوربا سبقتنا بخوض معاناة التغير والوصول إلى الحرية ومن ثم الآن تعيشها بعض الدول العربية التي ستصل إلى ما وصلت إليه أوربا من حقوق للأنسان بعد أن تنتهي هذه المعاناة .لكن هذه الدول لن تجد من يشفق عليها أو يقف بجنبها في ذلك الحين .