17 نوفمبر، 2024 8:21 م
Search
Close this search box.

المهاتما عبادي المهاتما عبادي

المهاتما عبادي المهاتما عبادي

ما أسهل أن نؤسس فكره في ذلك المبدع المكنون داجل الجمجمه ونستحضر الذاكره بما فيها من تراكيب صورية وصياغات لغويه مستمده من تلك الحروف الجميلة وتداخلاتها لنكون تعبيراً نثرياً ندعوه مقالاً , وما أن يكتمل ليعبر عن الفكره التي صدحت في العقل حتى نطلقه لتنشره الصحافه والمواقع الاعلامية ونرى صداه من حيث عدد القراء وسعة الانتشار, ولكننا نغفل عما نريده بالضبط من ذلك , هل هو وسيلة للتعبير عن أفكار تروح وتأتي أو لنا فيه غاية ترتبط بالواقع الذي نعيشه ونتفاعل معه , هل هي أفكار ممكن تحويلها الى اليات وبرامج وربما نظام , أم هو بأختصار قناعةً للنفس بأنها قدمت شيئاً مما يمليه ذلك المسمى الضمير , ولايمكن أطلاق تلك العمومية ويبقى ذلك الرهن ذاتياً وشخصياً .

تدور أغلب الكتابات اليوم في أروقة الانظمة التي ممكن أن تنقذ العمليه السياسيه في العراق , والكثير منها جاء ليؤكد فشل النظام الديمقراطي الحالي , والحقيقه هذه لايمكن أغفالها , ولكن عند أستحضار الاسباب وليس النتائج نرى بوضوح أن من أفشَلَ هذا النظام هو الجهل في تطبيقه لأسباب نعرفها جميعاً , كما لايمكن أنجاح هذا النظام مالم تؤطره القوانين التي تحمي تطبيقه وكذلك ربط مساره بالحقوق والحريات والتفاعل المجتمعي والحكومي لتأسيس منظومه حيويه بأمكانها أن تساير التحولات وأن تضع الستراتيجيات والاهداف لديمومة التأثير التفاعلي بين المجتمع البشري والسلطات الحكوميه التي تمثل المجتمع أنتخابياً .

وربما هذا مادفع البعض الى أن يؤسس لفكرة بأن الحل الامثل هو النظام الدكتاتوري وقد ذهب البعض الى أن العراق يحتاج الى جلاد لأجل أنقاذه , بينما البعض الاخر ذهب وبطريقه تغلب عليها  التحسر والامنيات وهو أن العراق يحتاج فعلا الى أب وطني أو قائد روحي كما يعرفنا التأريخ بقاده كان لهم الاثر الفاصل في تأسيس أوطانهم وقد ذكر بعضاً منهم , فيديل كاسترو (كوبا) , جورج واشنطن (الولايات المتحدة) , ماو (الصين) , والشيخ زايد (الامارات) , مصطفى أتاتورك (تركيا) , وأراد أن يوصل فكرة بأن ذلك ضرورة وطنية , وفعلا كانت الوقعة الاولى موافقة ومطابقه وربما أخذتنا أحلام اليقظه الورديه الى متمنيات وأفاق خياليه وواقع أفتراضي أشعرنا ولو لبرهه من الزمن براحه نفسيه وشعوريه طيبه , ولكن ماذا يحصل عند مطابقة هذه الافكار مع أرتدادها وانعكاسها على الواقع المؤلم الذي نعتاشه والمنظور المستقبلي المجهول الذي نستقرأه , وقبل الحكم لنستعرض بعض هذه المطابقات بين الفكرة والافتراض , لنفرض فعلا أن لدينا شخصاً وطنياً ليكون أب وطني فمن أي ظهر سيولد هل سيكون شيعياً أو سنياً , عربياً أو كردياً أو تركمانياً أو أيزيدياً , وأن قبلنا أحد هذه المسميات فمن أي محافظه أو منطقه أو عشيره أو حموله يكون , وهكذا وهل سيكون أسلامياً أم علمانياً أم يخلط بين الاثنين , من سيقلد من المرجعيات الدينيه وهل سيطيعها , كيف يتعامل مع الدول المجاوره , كيف يستطيع أن يؤسس منظومه عسكريه موحده وجيش عقائدي , هل يستطيع أن يحتوي هذا الكم الهائل من القنوات الفضائيه , هل سيبث أغاني حسين نعمه أم اناشيد وطنيه أو أغنية نرجس نرجس الكرديه , وكيف يتعامل مع الاحزاب وأجنداتها وزعمائها ومتحدثيها وأجنحتها العسكرية والاقتصاديه , والكثير غير ذلك , وربما ماأسلفناه يفي بالغرض لفهم تلك الاشكاليات والمتناقضات المجتمعيه والسلطويه في نفس الوقت .

وحتى لا نتعمق في التشاؤم لعلنا نستطيع أن نستلهم من تجربه المهاتما غاندي ونحاول أن نلبسها الواقعيه العراقيه بدلا من الهنديه على الرغم من وجود تشابه في بعض الصراعات العرقية والطائفيه والكثير غيرها , الذي لايمكن أن تنساه الامة الهنديه صفات غاندي كيف أستطاع بروحه فقط أن يخرج الانكليز وكيف أخذ يغزل ملابسه بنفسه بدلاً من استيراد الملابس القطنيه من بريطانيا وكيف أضرب عن الطعام لأحتدام الصراع بين الهندوس والمسلمين وكيف أخذ الكثير من الشعب الهندي يسميه بالأب الروحي وهو ماأستحقه ذلك الرجل الفقير الحال والملبس والغني بروحه التي أحتوت شعباً وأمةً كبيرة , ولنفترض أن لدينا ألاب الروحي العراقي ولنسميه المهاتما عبادي فماذا يمكن أن نستذكر منه اليوم , هل سيضرب عن الطعام ليرشق جسمه ونتوسل به ليخلصنا من كل ما علقَ بنا من الطائفيه , هل سيأخذ فراشه ويذهب حيث النازحين وينام في خيامهم ويتناول طعامهم ويلبس ملابسهم ومن ثم ننطلق وراء أبونا الروحي ونفعل مايفعله , هل يستطيع على الاقل أن  يستقدم عائله واحده لتعيش معه في قصره ونتبعه في ذلك ونستقبلهم في بيوتنا , هل يستطيع أن يصدر قرارا واضحا بمنع البضائع التركيه ونراه يغلف المواد الغذائيه بيديه وينعش أقتصادنا , بماذا يمكن أن يأخذنا الخيال ليكون لنا أباً روحياً وقائداً وطنياً , ربما كانت خطوته في لبس الدشداشه السوداء والعرقجين الاسود هي خطوته الروحيه والقياديه والوطنيه التي اراد بها أن يستلهم الشعب العراقي ولكن ربما لم يستطيع أن يوصلها لنا بالشكل المضبوط ولم نتمكن من أدراكها في حينها , سأقترح أن نقلد المهاتما عبادي وأن نلبس كلنا ما لبسه وأن نحمل صواني الداطلي ونذهب الى ساحات المظاهرات والاحتجاج , ونطلب منه المشاركه في طلب الاصلاحات وأعلان الداطلي منتجاً وطنياً روحياً ونسميه المهاتما داطلي تيمناً بأسم أبونا وسيدنا الروحي .

في حقيقة الامر ما نحن بحاجة اليه اليوم هو عطفٌ الهي أو معجزة ربانيه  وأن يتلطف الله بنا ويفتح لنا الله باباً من ابواب السماء ليرحمنا بها ويمكن بها أن نكون من عباد لله الصالحين وأن يتنامى فينا الصفاء الروحي لنؤسس تعايشاً أنسانياً وعملاً ليراه الله ورسوله والمؤمنين وتبقى الحقيقه القرانيه المطلقه (إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ) .

أحدث المقالات