27 ديسمبر، 2024 5:15 ص

المنهاج الوزاري للكاظمي وإصلاح الداخلية

المنهاج الوزاري للكاظمي وإصلاح الداخلية

أرسل رئيس الوزراء العراقي المكلف مصطفى الكاظمي الأربعاء منهاجه الوزاري إلى البرلمان، في خطوة أولى تسبق عرض تشكيلته الحكومية على مجلس النواب لنيل الثقة وافردت فقرة ، تطوير المؤسسات العسكرية والأمنية واصلاحها: تناولت خمس فقرات الأولى تخص الجيش والثانية تخص الداخلية والثالثة والرابعة تخص الاجهزه الأمنية والخامسة تخص العلاقة مابين الامن العراقي مع التحالف الدولي ، وهي مفردة مختلفه عن المناهج الوزارية للسابقين
(ساتناول ثانيا منه ما يخص اصلاح وزارة الداخية
2-تتولى وزارة الداخلية عبر تشكيلاتها الامنية المختلفة مهمة حماية الامن الداخلي والسلم الاهلي وسيادة القانون وحماية حقوق الانسان وحرياته المنصوص عليها دستوريا . ويتم اعادة تنظيم منتسبيها وكوادرها واليات عملها وتسليحها وتاهيلها وتدريبها للقيام بمهامها.)
لكن جملة الإصلاح التي إشارة اليها الفقرة انفا بالاتي :
– يتم اعادة تنظيم منتسبيها وكوادرها – واليات عملها – وتسليحها – وتاهيلها وتدريبها للقيام بمهامها ، وهذا يعني تغيير واضحا نحو الأفضل
لابد من نظره عاجله على الحقبه التي تم بها اعادة بناء وزارة الداخلية بالعراق والظروف المحيطه بها بعد عام 2003، حيث كان هناك اندفاع غير مدروس لإعادة بناء وزارة الداخلية في بيئة من العنف المتصاعد، وتحت ضغط القيود التي فرضتها المقاربة الأمريكيه المختلة وظيفياً لبناء المؤسسات والناتجة عن الافتقار إلى المعرفة المحلية ، وسرعة انضمام العناصر إلى هذه المؤسسات بدون تاهيل وتدريب مهني ، ومن جانب اخر هناك اجنده حاولت الأحزاب السياسية فرض الأشخاص المرتبطين بها تهدف بكسب الولاءات بالتعيين الاجمالي ممن يواليهم فكريا ، وتاسست القوات على الكم ، وليس على النوع ، هذه العوامل مجتمعة جعلت من الوزارة غيركفؤه وصعبة التغيير نتيجة تراكم الأخطاء وعدم معالجتها ، بل كل وزير استوزر أضاف أخطاء كارثيه افاقت سابقيه ، اضافة الى ان القادة السياسيين العراقيون من جهتهم، فشلوا في معالجة الفوضى العارمة في القطاع الأمني نتيجة جهلهم او نتيجة تنفيذ الاجندة التي يعمل على تنفيذها من قبل حزبه .
عند تناول إصلاح وزارة الداخلية يلزمنا الكثير من البحث المفصل والموضوعي والجريء في ذات الوقت، ونتناولها هنا كعناوين عريضة ما هو إلا فاتحة ومدخل لذلك ، من أين يبدأ رئيس الوزراء المكلف باصلاح الوزارة ؟ من يرسم خارطة طريق الإصلاح ؟؟ ، من هم كادر التغيير ، ماهي أدوات التغيير ، ليس هناك ترياق جاهز للإصلاح، إنما الإصلاح عبارة عن حالة تتكون في لحظة تاريخية متميزة تسود فيها إرادة سياسية جماعية للإصلاح ومستوىً من الأخلاقيات التي ترقى إلى أهمية تلك اللحظة ،
هناك ثلاثة نقاط اساسية تضع نصب الاعين عند التفكير بالإصلاح الوزارة:
أولا- مراجعة كافة الوثائق السابقة بشان اصلاح الوزارة
1-من اتفاقية اربيل الاولى في 11/11/2010، كما اسهبت اتفافيه اربيل (ورقة اصلاح الملف الأمني) المحور الرابع وفي مايلي نصها حول الاجهزة الامنية وصلاحياتها.
2-المجلس الأطلنطي للشرق الأوسط مجموعة عمل مستقبل العراق
3-مراجعة كافة البحوث والدراسات التي كتبت من مختصين بشان تطوير الوزارة
ثانيا – لا يمكن لوزارة الداخلية ان تصلح نفسها بنفسها لم يحدث ذلك في اي مكان بالعالم كله ، والاصح تكلف جهات وطنيه ليس لها مصالح سوى المصلحه العليا للوطن باجراء التغييرات ، وان يبدا الاصلاح افقيا وعموديا وتكون الاولوية افقيا ، وقد تراكمت الاخطاء الإجمالية بغياب الهيكلية المتماسكة التي تستند الى اي معيارية ، واول عناصر الاصلاح هو الجهة الاشرافية عليه ، اذا كانت الجهة المشرفة هي تعاني من الامراض وتحتاج الى اصلاح ، اذا كانت الحكومة جادة بالتطوير ومعالجة معضلاتها المقترح اصدار امر ديواني
يتضمن تشكيل فريق عمل من (وزارة التخطيط / التطوير الاداري ، ووزارة التعليم العالي – كلية الإدارة والاقتصاد بجامعات بغداد والمستنصرية، ومركز النهرين وعضوية واربعة ضباط شرطة متقاعدون ممن عملوا في المجال الشرطوي الميداني، واربعة ضباط مراكز بالخدمة حاليا احداهما من بغداد الكرخ والرصافة واثنان من المحافظات لاتقل خدمتهم خمس سنوات، ومدير تخطيط الوزارة ، وضابط كفؤ من وكالة شوؤن الشرطة ، وضابط من الوكالة الادارية ، ووكالة الاستخبارات ، ويستانس بكل خطوة بالمؤسسات التدريبية التابعه للوزارة كالمعهد العالي للتطوير الأمني ، والكادر التدريسي بكلية الشرطة ، ومديرية التدريب ومراكز التدريب في بغداد والمحافظات) مهام هذه اللجنة وضع الهياكل والمعايير والسياسات والاشراف التطويري على ان يتم اعداده خلال شهرين منعا لتسويفه من قبل المتضررين.
ثالثا – ان افضل قياس لمعرفه الاداء الامني الحقيقي بالوزارة وقياس الانتاجيه للامن في العراق هو مراجعه الحوادث المهمه الارهاب والقتل والاغتيال والخطف والمخدرات التي وقعت للاعوام من (2004 لغايه 2020) ومقارنتها مع مامكتشف منها والاحكام الصادره بحق الاشخاص المقبوض عليهم، وبالتالي يمكن قياس الاداء الامني المهني، وليس بالتصريحات التي كنا نشاهدها يوميا ، نجد تزايدا ولا يوجد انحسارا للجريمة وعند مراجعة للوثائق الصادرة من الداخلية لم نجد مايشيرالى اية دراسة ميدانية اونظرية مدونة لتحديد المشكلات التي تسبب في الميل إلى الانحراف والجريمة ، او جدول سنوي يحاسب الادارات التي اخفقت بالاداء ، او ندوة اواجتماع بشان الحد من الجريمة وقرارات مدونه وواجبة التنفيذ ، هناك فقط قدرة بالثرثرة واللغو بالكلام ، بعيدة كل البعد عن الاجراءات الامنية المتبعة في العالم ، او في دول الجوار على الاقل ،او حتى في اقليم كردستان ، ، هذه العقلية التي تدير الامن بطريقة غريبه اصبحت صاحبة القرار ، ولهذا اصبح العمل عشوائي بمنع الجريمه ، في حين منع الجريمة علم ومهارات تكتسب بالممارسة والخبرة ،وليس (بزيادة عدد الجنرلات ومنح رتب الكوترة).
الخلاصة
اصلاح وزارة الداخلية ضرورة وطنية حيث تراكمت الاخطاء الإجمالية بغياب الهيكلية المتماسكة التي لم تستند الى اي معيارية ، وهناك تحديات جديدة ، كظاهرة تعدد الأجهزة في ذات الوزارة وبذات المهام ، وعدم وضوح صلاحيات كلا منها الذي ساهم في تحويل هذه الأجهزة إلى إقطاعيات لمسؤوليها ومركز نفوذ لقادتها، مما افقدها مصداقيتها على ضوء هذه الحقيقة بغياب الشعور بالامن والأمان بالرغم من الكلفة المالية المهولة لتغطية نفقات هذه الأجهزة ، مما يتطلب من الوزير الجديد ان يضع نصب عينيه الإصلاح الجوهري في الهيكل القانوني والإداري للداخلية العراقية كما موضح بفريق العمل التخصصي ومغادرة عقلية السوبرمان ، والعودة الى العمل وفق رؤية الخبراء التخصصيون.