18 ديسمبر، 2024 9:19 م

المنعطف الحساس

المنعطف الحساس

يبدو إن الاوضاع الصحية للمرشد الاعلى للجمهورية الاسلامية الايراني، علي خامنئي، باتت تثير الکثير من الشکوك و التساٶلات ولاسيما بعد أن کشف المتحدث بإسم مجلس خبراء القيادة الايرانية، أحمد خاتمي، عن تعيين لجنة سرية لإختيار مرشحين لخلافة المرشد الاعلى، هذه اللجنة و بحسب خاتمي، فإن “هناك بعض الشخصيات تم ترشيحها بالفعل، ولايمکن لأي شخص الاطلاع عليها بإستثناء المرشد الاعلى علي خامنئي”.

التقارير المتواترة من طهران خلال الاشهر الاخيرة، والتي تحدثت عن تفاقم مرض المرشد الاعلى المصاب بسرطان البروستات، تعززت أکثر بتصريحات خاتمي، وکما هو معروف فإن منصب المرشد الاعلى للجمهورية يجمع کافة الصلاحيات بيده و ليس هناك من ينازعه، ولخطورة هذا المنصب و حساسيته، فإنه ليس من السهل إختيار الخليفة لخامنئي بتلك السهولة خصوصا وإن المادة الخامسة من الدستور الايراني تنص على أن منصب المرشد يتولاه من يحمل صفات “الفقيه العادل، المتقي، العالم بأمور زمانه، الشجاع، الكفؤ في الإدارة والتدبير والرؤية السياسية والاجتماعية الصحيحة”.، غير إن الذي يجب الانتباه إليه هو إنه لايمکن أبدا تجاهل دور التيارات المتشددة في طهران و الحرس الثوري الايراني في تحديد من سيتبوء هذا المنصب بعد خامنئي.

مع إن الانباء قالت بأن هناك عشرة مرشحين لخامنئي، لکن الذي يبدو واضحا ومن خلال الاطلاع عليهم، أن لاأحد منهم بإمکانه أن يکون بمستوى هذا المنصب ولاسيما في هذه المرحلة الحساسة و بالغة الخطورة التي تمر بها إيران و المنطقة، خصوصا وإن خامنئي ومع دوره و تأريخه الخاص، لکنه لم يتمکن من أن يکون خليفة بحق للخميني مٶسس النظام، والذي کان يتمتع بکاريزما خاصة يفتقدها خامنئي، ذلك إن الاحداث و التطورات التي وقعت في عهد الاخير و التي کان أهمها و أخطرها إنتفاضة عام 2009، العارمة والتي رفعت فيها شعارات منددة ليس بالنظام وانما بشخص المرشد و تم أيضا تمزيق و حرق صوره، وهو ماإعتبره المراقبون مسا کبيرا بهيبة و مکانة هذا المنصب، کما يجب أيضا أن لانتجاهل الاتفاق النووي الذي تن إبرامه في اواسط عام 2015، والذي تجاهل هو الاخر 19 خطا أحمرا وضعه خامنئي کشروط لموافقة إيران على توقيع الاتفاق، وکان هذا أيضا بمثابة توجيه ضربة أخرى لمکانته و هيبته، کما إن عهد خامنئي قد شهد تطورا دراماتيکيا هاما تجلى بخروج منظمة مجاهدي خلق من قائمة الارهاب التي أقحمت فيه في اواسط العقد التاسع من الالفية الماضية أيام رئاسة محمد خاتمي، وزيادة و تکثيف نشاطاته و فعالياته السياسية و الاعلامية على مختلف الاصعدة، وقد کانت طهران ولازالت تعتبر هذه المنظمة عدوها اللدود لکن هذا التطور الذي جاء متزامنا تقريبا مع الانتفاضة الشعبية في عام 2009، کانت هي الاخرى بمثابة لطمة سياسية لعهد خامنئي.

في هذا السياق، ليس بالامکان أيضا تجاهل ماکان قد طرحه رفسنجاني، بعد شيوع مرض المرشد الاعلى، من تشکيل”مجلس ثوري قيادي” بدل تعيين ولي فقيه جديد في حال وفاة خامنئي، وکأنه کان يلمح الى إن ليس هناك من بإمکانه أن يکون بمستوى إشغال و إدارة هذا المنصب، واراد کما يبدو سد هذا العجز الخطير الذي يواجه النظام وهو الذي ساهم لأکثر من مرة بإخراج النظام من العديد من الازمات الحادة التي کانت تواجهه و وفر له غطاءا و أرضية دولية و إقليمية مناسبة من أجل الاستمرار، وفي کل الاحوال، فإن المحصلة العامة للأحداث و الامور بهذا السياق، تقود إيران نحو منعطف حساس قد لايبشر بالخير للنظام.