22 ديسمبر، 2024 6:47 م

المنظومة الفاشلة للكهرباء والداعم الوطني المتاح

المنظومة الفاشلة للكهرباء والداعم الوطني المتاح

لا تتوافر إحصائية دقيقة عن عديد المولدات الكهربائية بأنواعها كافة لدى القطاع الخاص والتي تمد منازل المواطنين والكثير من المرافق الأهلية بمقادير محددة من الطاقة الكهربائية، بلغت إحدى التقديرات العددية لهذه المولدات المتناثرة أربعة ملايين ماكنة بحوزة القطاع العام والخاص بضمنها المولدات المنزلية، والتي غالبا ما يعتمد تشغيلها على نوعين رئيسين من الوقود (الكازاويل أو البنزين) .

أسهمت هذه الوحدات التي لا تتجاوز قدراتها الانتاجية للكهرباء ميكاواط واحد للغالبية العظمى منها، إسهاما واضحاً في التخفيف عن معاناة المواطن العراقي تجاه الأزمة المستمرة لتجهيز التيار الكهربائي المستقر مع توالي المحاولات الفاشلة في وضع الخطط والحلول المناسبة لمعالجة هذه المشكلة وتداعياتها، ففرضت وجودها كمنظومة كهربائية موازية أو بديلة للمنظومة الوطنية في أحيان كثيرة حيث لا خيار اخر أمام المواطن الا اللجوء إليها في خضم غياب خدمة تجهيز الكهرباء أو تعثرها، وعلى وجه التحديد، أثناء موسمي الشتاء والصيف حيث تكون الحاجة ضرورية لمواجهة الظروف المناخية القاسية وما يرافق هذا من شحة الانتاج الحكومي وقصور عمل شبكات التوزيع الكهربائية، فعلى الرغم مما يسببه عمل المولدات المختلفة (خارج محطات انتاج الطاقة الكهربائية المعتمدة) من نتائج سيئة ومؤثرة على حياة المواطن، من الجوانب الصحية، بسبب ما تخلفه من غازات سامة ومواد ملوثة وضجيج وكذلك النتائج الاقتصادية المتمثلة بوجوب تسديد مشتركي خدمتها مبالغ كبيرة من مدخولاتهم المالية الشهرية إلى أصحاب المولدات لضمان استمرار الاعتماد البديل عليها، بالإضافة الى الكثير من التبعات التي تخص الجوانب البيئية وما تحدثه من تشوهات في معالم مراكز المدن نتيجة لاحتلالها لمساحات مخصصة للأرصفة أو الحدائق العامة وما يتبع هذا من امتدادات لألوف الامتار من الأسلاك الكهربائية المعلقة والمتشابكة (غير الآمنة).

من المؤسف ان يوضع الكثير من أصحاب هذه المولدات وبالشراكة مع أفراد من العاملين في قطاع الكهرباء من دوائر السيطرة والتوزيع في حقل الاتهامات التي يروج لها في وسائل التواصل الاجتماعي، على نحو واسع، والتي تفيد بوجود اتفاقات مشبوهة في تنفيذ قطع التيار الكهربائي (خارج البرمجة المعتمدة) عن المناطق ذات الكثافة السكانية لضمان استمرار الاشتراك الشهري للمواطن في خدمة المولدات أو إضافة مشتركين جدد الى قائمة من سبقهم في الاشتراك اضطراراً.

أقحمت العديد من الاطراف الحكومية نفسها ووظفت جزءاً من امكاناتها بهدف التوصل الى قواعد عملية وتنظيمية للسيطرة على جوانب أداء المولدات الأهلية فيما يخص تسعيرة الخدمة أو عديد ساعات تشغيلها وما الى ذلك من جوانب عديدة ومختلفة الا أنها أخفقت في وضع سياقات معتمدة ترضي المواطن المشترك من جهة واصحاب المولدات من جهة اخرى.

أمام هذا الأمر، ونحن على موعد قريب من حلول فصل الصيف المقبل وعلى وفق المعطيات المتوافرة لحالة المنظومة الوطنية للكهرباء والتي تشير الى تفاقم العجز في وضع الخطط وتنفيذ الاجراءات العملية اللازمة لتجاوز الازمة الكهربائية المتوقعة فإن ضرورة التعامل مع إمكانات القطاع الخاص في مجال توفير الطاقة الكهربائية تعد من أفضل الحلول السريعة لمواجهة أحمال الأيام اللاهبة من صيف ٢٠٢٢.

إن عملية تسخير مئات الالوف من المولدات الاهلية مع طواقمها في تأمين ما أمكن من الطاقة الكهربائية، بنحو فاعل، كخيار مؤقت وعلى الرغم من مساوئه بهدف تجاوز الحالة الحرجة يستدعي تطبيق الكثير من الاجراءات الادارية والمالية والرقابية وفي مقدمتها توفير الوقود اللازم لتشغيلها وتأمين المواد الاحتياطية لأغراض الصيانة الدورية لها مع تقديم الاستشارات الفنية ومراقبة شروط الأمان والسلامة ونوعية الطاقة المولدة وما الى ذلك من وسائل دعم لضمان التشغيل الأمثل، وقد يستدعي ذلك قراراً بانبثاق هيئة متخصصة (مؤقتة) لهذا الغرض تمنح صلاحيات مالية وادارية تضمن لها القدرة على تطبيق ما يؤمن الاستغلال الامثل لقدرات هذه المولدات بضمنها القابعة والمهملة في الكثير من المرافق الحكومية وتسخير الكثير من الموظفين الفائضين حالياً عن حاجة دوائر قطاع الكهرباء لأغراض تنفيذ المهام التي سوف تكلف بها هذه الهيئة المقترحة.

 

* مهندس استشاري/ رئيس هيئة الكهرباء العراقية الأسبق