23 ديسمبر، 2024 9:37 ص

المنظمة الأثورية الديمقراطية والتجربة العراقية

المنظمة الأثورية الديمقراطية والتجربة العراقية

ها هي مسيرة التغيير تطرق أبواب سوريا عاصفة بدكتاتورية نظامها الدموي الذي كان ولم يزل مصدر تقييد ومصادرة حقوق الشعب السوري على أختلاف أطيافهم وتوجهاتهم طيلة أكثر من أربعون عاما حيث النهج الشوفيني العروبي ذو المبدأ الشمولي القهري المتخذ من سياسة الحديد والنار طريقا لتقوية وتثبيت أركان نظامه الذي شرعت اليوم تتهاوى بفضل أيادي الشعب السوري عربا وكلدوآشوريين سريانا وأكرادا وأصوات الغضب المليئة بالأيمان ضد دكتاتورية البعث الشوفيني  أخذت تسطع كالشمس على أجواء سوريا والليل الطويل آوشك على الأنتهاء …
    في خضم المتغير الجذري القادم على سوريا  من المهم أن نتناول مكانة أبناء شعبنا الكلدوىشوري السرياني من الأعراب ونحضيرات فصائله , كلنا على يقين تام بأن التغيير سوف يعم كل مناحي الحياة في سوريا وعلى كل الأصعدة وسيكون وضعه أشبه بكثير لوضع العراق بعد سقوط الصنم لكن ينقصه شيء واحد وهو لا وجود لقوى أجنبية على أراضيه لكن مع ذلك فأن الخراب أرادوا أم أبوا  سيصيب اساسات بنيانه وكل مرافقه اي كل مرافق الدولة كون النظام هو نسخة طبق الأصل للنظام العراقي البائد الذي كل وزاراته  كانت عبارة عن قلاع لأجهزته القمعية والمخابراتية  لذا بزواله زالت كل تلك القلاع وتهاوت ولم يبقى منها ما هو بالأمكان توضيفه في خدمة الشعب لأنها أصلا وجدت لقمع وتجويع والأستهانة بكرامة الشعب , وأن الصفر كان نقطة البداية لأقامة أساسات البناء الجديد … أن سوريا الأسد !! ستدخل مرحلة جديدة لم تألفها من قبل والسؤال الذي يطرح نفسه هو ,هل أن شعبنا على أختلاف مذاهبه وأنتماءاته الأيدلوجية الحزبية والفكرية سيكون متهيا وحجم التغيير الذي سيحصل في سوريا ؟ وهل سيكون بأمكانه أن يوحد صفوفه للدخول في هذا المعترك الجديد والمشاركة وبثقل سياسي يفرض حضوره كباقي الأطياف السورية ؟
    أن طرح مثل هكذا أسئله سببها تجربة التغيير التي أتت على العراق بعد عام 2003 ودور بعض مؤسسات شعبنا المخجل وأخص بالذكر تلك التي طرأت على الساحة وفي غفلة من أمرها لتربك الشارع الكلوآشوري السرياني وتبث فيه الفرقة ولتكون سببا وأداة ووسيلة في نفس الوقت كي تنشغل أحزابنا السياسية بما ليس في الحسبان وخاصة تلك التي لها باع طويل في النضال السياسي الوطني والقومي من أجل الديمقراطية والوجود جاهدة من أجل سد أو ترميم الشرخ الذي حاول البعض مستميتا على زيادة حدته مبعدة أياه عن مراكز صنع القرار وأنتزاع الحقوق وبدلا أن يكون التنافس والصراع  داخل بودقة نيل المكتسبات لشعبنا تحول الصراع ألى داخل البيت مصرفة أياه عن دربه الذي لأجله وجد  وعن بؤر العمل السياسي العراقي وعمق التأثير على الساحة بمعادلاتها وموازينها مما أضعفته لترمي به بعيدا خارج السرب لا يملك قوة التأثير ولا أمكانية التغيير على مجمل الأمور السياسية وخاصة تلك التي تمس شعبنا لا بل وحتى ما يدخل ضمن الشأن العراقي المليء بالخلافات والتناقضات والسبب هو أنقسام بيتنا الكلدوآشوري السرياني على ذاته, والمشكل الرئيسي أولا وأخيرا في ذلك هو من فتح لنفسه دكان أطلق عليه حزبا و تجمعا أو منظمة لم تكن مألوفة لدى شعبنا لا بل ولم تكن تتعاطى والشأن القومي بتاتا فرادا أو جماعات طالما كان النظام المقبور على قيد الحياة لتلقي بظلالها على الساحة العراقية عموما وساحتنا القومية على وجه الخصوص وكان ما كان , ناهيك عن أنها نأت عن نفسها لاستشارة أولئك الذين خبروا الساحة العراقية لسنوات طوال وزاولوا العمل القومي الميداني والفكري من عناصر الحركة الديمقراطية الآشورية ( زوعا ) المعروفة أيضا أقليميا ودوليا …
    أن ما نتمناه لعموم أبناء شعبنا الكلدوآشوري السرياني في سوريا اليوم بالرغم من عدم بروز لديهم مشكلة التسميات وكذلك عدم ظهور لديهم وحتى الساعة دكاكين سياسية أو مسيّسة طارئة تحت يافطة هذا الأسم أو ذك , هو أن يتم تلافي أو تجاوز ما تم أرتكابه في العراق كي لا يفوّت على نفسه فرصة أحقاق المكتسبات ذات الطابع القومي والوطني في أرض أبائه وأجداده بيت نهرين عوضا لما قد يمنّه علينا البعض مستغلا حالة التفسخ والأنقسام داخل بيتنا القومي ليختزل المطاليب القومية ذات السبعة الاف عام ألى مطلب مفروض لا يتجاوز الألفين عام لما له علاقة بالشأن المسيحي لا أكثر بعيدا عن الأنتماء العرقي  الموغل في القدم … لذا فأملنا كبير بأولئك الممتهنين العمل القومي والوطني والمتمرسين للعمل السياسي والذين خبروا الساحة الوطنية السورية على تنوع مؤسساتها وتوجهاتها الفكرية والأنتمائية وعايشوها طيلة أكثر من خمسة وخمسون عاما والذي هو عمر المنظمة الآثورية الديمقراطية ( مطكستا ) التي ولدت في 15 تموز عام 1957 من رحم المعانات والألام التي لا تزال تلم بأبناء شعبنا في سوريا وحتى الساعة , وهذه المنظمة كان ثمن كفاحها زنزانات وأقبية  نظام الأسدين ( الأب والأبن ) . وأن هذا التنظيم الآثوري الذي يلم تحت جناحيه كوادر تتمتع بنكران الذات منذ تاريخ تأسيسه  أتخذ من الأسم الآثوري عنوانا سياسيا لتحقيق أهداف وتطلعات شعبنا لما لهذا الأسم من ثقل سياسي معروف لدى القاصي والداني أضافة ألى العمق التاريخي الداعم لأصالته وتجذره وأحقيته في أرض الجدود مهد الحضارات , أن هذا الفصيل وكلنا على يقين من أمتلاكه لقاعدة تنظيمية وشعبية واسعة في الداخل السوري وفي بيث نهرين الشمالية أيضا كما وله  فروع ومكاتب في دول المهجر ومجلة ناطقة بأسمه منذ عام 1972 تحت أسم  ( نشرا دآثور ) أضافة ألى منشورات أخرى , كما ولهذه المنظمة نهج قومي ووطني مدروس يؤمن بالتغيير الجذري وهدفها هو أنتزاع الأعتراف بالوجود القومي الآثوري ( كلدان سريان ) في سوريا والذي لم يتحقق ما لم يتم الرضوخ ألى الديمقراطية وسياسة الأنفتاح ومبدأ تداول السلطة  وقبول الآخر واللجوء الى صناديق اأقتراع كاستحقاق أنتخابي وطني  والتي يكفلها دستور سوري دائم ضامن لمطاليب جميع الفئات , كما وأن المنظمة الآثورية الديمقراطية تحتفظ بعلاقات جيدة  وتقف على مساحة واحدة مع أكثر الفصائل السورية ذات التوجهات الفكرية والتطلعات السياسية لغد ديمقراطي من العرب والكرد على  تنوع مذاهبم …
    أن ما نرجوه من كل التنظيمات الخاصة بأبناء شعبنا الكلدوآشوري السرياني العاملة في سوريا وأيضا ما نأمله من الأخرى التي قد تطفوا بين ليلة وضحاها كما حصل في العراق بعد زوال النظام الشمولي هو أولا  أن لا يكرروا مشهد أو مسلسل زج  شعبنا بمتاهات في غنى عنها وأما ثانيا أن تعمل على التعاون والتنسيق منذ الساعات الأول لسقوط  دكتاتورية الأسد وطرح المصالح الآنية جانبا من خلال وضع مصلحة وحقوق الشعب السامية فوق كل الشيء كما ولا ننسى الشيء الأهم هو الأستفادة من خبرة المنظمة ( مطكستا ) ذات الباع النضالي المرير الذي تجاوز النصف قرن من عمرها ودورها السياسي الوطني والقومي أضافة ألى المكانة  التي تتحلى بها على الصعيد الوطني والأقليمي والدولي وتجربتها الريادية … وبما أن التغيير في سوريا قادم لا محال فعلى فصائل شعبنا الكلدانية الآشورية السريانية أن تتسارع في تحضيراتها وتدخل مرحلة الحراك الثوري القومي ليتسنى لها تشكيل أأتلافها وتوحيد خطابها السياسي ووضع ورقتها السياسية المتظمنة لمطاليب شعبنا استثمارا للوقت  وتدخل بعدها معترك الحراك الثوري على الصعيد الوطني بقوة وفعالية ويضمنوا نصيبهم من الكعكة السورية , حيث وبوحدة الصف هذا سيكون سندا قويا لأخوتهم أو بني جلدتهم في العراق  , أخيرا هنالك حالة يجب أن نقف عندها ومهمة جدا كوننا لنا معها معاناة أثرت سلبا على وجودنا وقوتنا ووحدتنا وحقوقنا أو مطاليبنا ألا وهي مسألة الترابط بين التسمية والحقوق, والذي في شأنه أود أن أبين لكن ليس من منطلق فلسفة الواقع  بقدر ما هو واقع موضوعي بعينه وهو حيث أن الحقوق كما هو يعرف تعطى أو تمنح أو تنتزع من أجل الشعب , لذا علينا أنتزاع هذا الحق الذي هو مطلب ملح ومهم جدا يعزز وجودنا قبل كل شيء وبعدأن تستتب أمور البلد تجلس فصائل شعبنا السياسية بمثقفيه ومؤرخيه  على أختلاف أختصاصاتهم والتباحث في مسألة التسمية , ولطالما يحفظ لنا التاريخ أسماءا لامعة لشعوب زائلة ولا نريد أن نكون مثالا لذلك ,واجبنا أن نتفهم واقعنا من خلال قراءته بعين العقل أو ببصر وبصيرة وسنعلم جيداعلى أنه حالة فريدة من نوعها  فما علينا سوى أن نكون حكماء لا ندع مجالا للطفيليين كي يخرقوا بيتنا كما فعلو في العراق  الذين يستدرجوننا للهروع خلف التسميات ونتناسى الشعب الذي هو ملح قضايانا الذي به كنّا وبوجوده سنكون . . .
    ختاما تمنياتي للمنظمة الآثورية الديمقراطية وللفصائل الآشورية المتحالفة معها وأيضا (الكلدانية السريانية ) أن وجدت على الساحة  السورية  كل الموفقية , وأن تعي لما تم التطرق أليه كي تكون عند حسن ضن شعبها ومؤيديها وأن لا تنزلق في منزلقات مموهة مرسوم لها خلف كواليس الطبخ السياسي وأن تتخذ من التجربة العراقية دروسا وعبر ….
[email protected]