23 ديسمبر، 2024 4:28 ص

المنظمات المهنية … بديل الأحزاب السياسية … في إدارة الدولة العراقية

المنظمات المهنية … بديل الأحزاب السياسية … في إدارة الدولة العراقية

القسم السادس
من نتائج السلطات الحزبية الحاكمة بعد الإحتلال البغيض للعراق سنة 2003 ، وبدعوى الإنسجام ( مع متطلبات الحياة السياسية الجديدة والتحول الديمقراطي , ولغرض تنظيم الإطار القانوني لعمل الأحزاب السياسية على أسس وطنية ديمقراطية ، تضمن التعددية السياسية وتحقق مشاركة أوسع في الشؤون العامة للدولة ) , شرع قانون الأحزاب السياسية رقم (36) لسنة 2015 ، الذي نصت المادة (58) منه على ( تكييف الأحزاب القائمة عند نفاذ هذا القانون أوضاعها القانونية ، بما يتفق وأحكامه خلال مدة لاتزيد على سنة واحدة من تأريخ نفاذه ، وبعكسه يعد الحزب منحلا ) . ولعل الغريب في هذا النص تأكيده على أن جميع أحزاب العملية السياسية غير مستوفية للمضامين والشروط التي جاء بها القانون ، والتي يمثل خلافها الصورة الحقيقية لتركيبة الأحزاب القائمة ، فهي مجرد هياكل مسميات حزبية وتنظيمية لا تمتلك من القواعد الشعبية ، ما يؤهلها لأن تكون كذلك وفقا لأحكام الفقرة (أ) من البند ( أولا) من المادة (11) ، التي تشترط لتأسيس أي حزب أن يقدم ( قائمة بأسماء عدد لا يقل عن (2000) ألفي عضو من مختلف المحافظات ) ، وذلك ما لا ينطبق على من لا يعدو كونه من المؤآزرين للحزب تحقيقا لمنافع ومصالح شخصية ، ولربما يكون دعمه ومؤآزرته موزعا بين أكثر من حزب وحسب حاجته الآنية ، كما إن جميع الأحزاب مخالفة لأحكام البند (ثالثا) من المادة (8) من القانون ، حيث يشترط ( أن لا يكون تأسيس الحزب وعمله متخذا شكل التنظيمات العسكرية أو شبه العسكرية ، كما لا يجوز الإرتباط بأية قوة مسلحة ) ، هذان الشرطان دون غيرهما كفيلان بعدم منح الأحزاب القائمة لإجازة التأسيس والسماح لهم بالعمل السياسي والمشاركة بالإنتخابات ، ولولا حكم المادة موضوعة البحث بمنح مدة التكييف ، لأصبحت جميع الأحزاب خارج دائرة الإلتزام القانوني الموجب لحلها ، ومع ذلك لا نرى إمكانية تكييف تلك الأحزاب لوضعها وفقا لأحكام القانون ، حينها سنكون أمام حتمية إيقاف العمل بالقانون حتى إشعار آخر بالسر دون العلن ؟. لأن عدد ما أسس من الجمعيات والأحزاب بعد الإحتلال ، يفوق إحتمالات الحاجة القصوى لأي مجتمع في العالم ، بسبب القصور الفكري والثقافي المقابل لسد النقص الحاد في المكانة الإجتماعية والمهنية للطامحين في زعامة المشهد الحزبي أو السياسي للدولة ، بدليل المقصود بالحزب أو التنظيم السياسي حسب نص المادة (2/أولا) من القانون ، من كونه ( مجموعة من المواطنين منضوية تحت أي مسمى على أساس مبادئ وأهداف ورؤى مشتركة ، تسعى للوصول إلى السلطة لتحقيق أهدافها بطرق ديمقراطية ، بما لا يتعارض مع أحكام الدستور والقوانين النافذة ) . وبذلك لم نجد حزبا إلا وقد بالغ في تحقيق العكس من مبادئه المعبر عنها بشعاره وأهدافه ، كما لم يحقق أي حزب للوطن أو للشعب ما يستحقه من الأمن والعيش الكريم ، لوقوع ذلك خارج مسعى الوصول للسلطة والحكم وإن كان على حسابهما . لأن عوائد الإنتساب الحزبي والعمل السياسي تتجاوز حدود الإستحقاقات الطبيعية ، إن لم تكن مما لا يتصور الحصول عليها في أفضل حالات النعيم الوظيفي المهني ، وعليه فإن إشاعة ثقافة الإنتهازية السياسية دستوريا ، تحت عنوان حرية تأسيس الجمعيات والأحزاب السياسية ، والإنضمام إلى أي حزب أو جهة سياسية أو ترك العمل في أي منها متى شاء المنتسب أو إقتضت مصلحته ذلك ، كانت الغاية والهدف اللتان أفقدت الأحزاب والجهات المشاركة في العملية السياسية بعد الإحتلال ، إن لم تكونا من أدوات تجريدها من خاصية الإنتماء إليها مبدئيا وعقائديا ووطنيا خالصا من أجل البناء والتطور في جميع الميادين ، حيث نرى متعدد التوجهات السياسية في إنتماءاته الحزبية المتتالية ، من شاغلي أعلى مواقع السلطات أو الحكومة في ظل الإحتلال والدستور متعدد الإتجاهات والأفكار ، وهكذا لو إطلعت على السيرة الذاتية لأغلب أعضاء العملية السياسية لوليت منهم فرارا ما بعده من فر أو كر ، لما يعتقدون ويعتنقون من مبادئ غير منسجمة بعضها مع البعض الآخر ، في مدد قصيرة وغير متوازنة فكريا أو عقائديا سياسيا محترما أو مقبولا ، يمكن الوثوق بها والإستناد إليها عند تقييم شخوص متقلبة النوايا والأهواء . ولا ندري كيف يكون بعض الأشخاص على إستعداد لتغيير ألوان إنتسابهم الحزبي أو السياسي ، بعدما عرفوا بشدة ولائهم للحزب الأول أو الثاني الذي كانوا ينتسبون إليه ، أو بعد تأييدهم المطلق لفكرة أو معتقد سياسي مخالف لما هم عليه الآن من التأييد والنصرة ، بدوافع تحقيق المنافع من أدنى حالات وصور الإنتهازية الرخيصة ؟!، غير المساعدة مهنيا على رسم طريق الخلاص الوطني ، وبناء دولة المؤسسات والقانون .

إن تجربتنا في الحراك المدني الشعبي المستقل متشعب الإتجاهات ، لم ترسوا على قواعد المواجهة والتصدي الموحد مهنيا بعد كل التضحيات ، والأسباب معروفة منذ أول مشروع قدمناه لوحدة الصف سنة 2015 ، وكررنا وغيرنا إعادة بحثه لعدة مرات وبصيغ مختلفة في سنين لاحقات ، إلا إننا لم نجد غير حراك مجاميع أفراد متفرقة لا يجمعها رابط تنظيمي موحد ورصين ، ولن تتوصل إلى ذلك بسبب إستفحال الأنى وعدم إنسجام وتوافق رؤى الناشطين ، الذين يرفضون الأحزاب ظهرا ويدعون إلى تأسيس غيرها عصرا ؟!. ولست بصدد بيان تفاصيل المعوقات القائمة على جهل من لا يعرف معنى إسمه أو كتابة سطر يخلو من الأخطاء ولا يميز بين الضاد والظاء ، ولا يفهم وجوب معرفة الكتاب من عنوانه ، بدلا من رغبة تصدر المشهد المتوج بما لا يليق ومكانة الحراك ، والتأريخ لا يرحم كل من أساء ، وما نراه إجمالا من خلاصة البحث والدراسة في هذا الشأن والمجال ، التوصية بإعادة النظر في تشريعات الجمعيات والإتحادات والنقابات والمنظمات ، بما يؤمن تحديد عملها خارج سيطرة السلطات الحكومية في ( قانون منظمات المجتمع المدني المهني ) ، لتكون البديل المناسب للأحزاب التي ثبت فشلها وفسادها وعدم قدرتها على البناء والتطور على مدى أكثر من نصف قرن . لتتولى مهام التجديد العملي في ممارسة كل المهن والإختصاصات ، والإستعداد لترشيح أعضائها في تحمل مسؤولية تشكيلات الوزارات الإدارية والفنية كل حسب إختصاصه المهني ، على مستوى الوزير ووكيل الوزارة والمدير العام ، شريطة عدم تدخلها بعد ذلك بشؤون عمل أي وزارة أو دائرة إلا من حيث الرقابة والتقييم لمستوى الأداء بغية التقويم ، وإلا بطلب من مجلس الوزراء لترشيح البديل إن إقتضت الضرورة ذلك ، تجسيدا لدور الشعب في إختيار الإدارات المهنية ذات الكفاءة والإستقامة والنزاهة . منتج الخدمة الفعلية في الأعمال والوظائف المعتبرة لمدة لا تقل عن (15) خمسة عشرة سنة ، من أجل خدمة العراق والعراقيين بالولاء والإنتماء الأصيل .