تؤكد كل المعلومات والمؤشرات أن خرائط جديدة ترسم للمنطقة وأن تقسيماً جديداً آتياً لوحداتها الجغرافية. والاختلاف هو بأي بلد يبدئون. سورية تسبق العراق أم العكس. ما يرسم سوف يستخدم البعض ضد البعض. ولسوف يطيح بكل أطراف اللعبة وقواها في نهاية المطاف. فمن قوانين التغيير الجغرافي أن يعقبه تغيير في السلطة وأدواتها وأُسَرِها ورجالها. ولا نقول جديداً إذا نحن حذرنا من أن من يحسب نفسه رابحاً اليوم سيجد نفسه أكبر الخاسرين غداً، فلا رابح في لعبة التغيير سوى إسرائيل ومن بعدها أو قبلها إيران والقوى الخارجية، ولا مختبر لتجارب التغيير سوى الأرض العربية، ولا أنظمة للتغيير سوى الأنظمة العربية. ولننسَ للحظات مسؤولية المسؤول الأول أو الأخير عن تلك الحرب الغَويُ اللعين التي أخذت من العرب كل شيء: أمنهم ومالهم، ولم، ولن يعوضهم اجترار ذكرياتها شيئاً. ولنذكر أيضاً أن المسؤولية يشارك فيها كل من لا يرتفع صوته برفض نتائجها واستمراريتها، فمن الغباء أو التفاهة أو الخيانة أن نتجمد عند ما حدث بالأمس ونحن نرى الحاضر يتفتت ويضيع من بين أيدينا والمستقبل تتهدده قوى لا قِبَلَ للعرب فُرادى بمواجهتها.
لابد من عَزمَةِ بقية الرجال من بقية العرب. لا بد من الخروج من دوامة الخوف الذي يستنفد قوى الجميع ومال النفط ومخزونه وبقايا منجزاته. فهل من يبدأ.. هل من يصرخ..؟.
ما زلنا نأمل ونحلم على الرغم من كل عوامل اليأس، والإفلاس، والعزيمة المحبطة، وعلى الرغم من ضيق الوقت الذي يدهم العرب والمسلمين جميعاً فيهدد أنظمتهم كلها، وحدودهم كلها، ومجتمعاتهم كلها..!!
أما مال النفط ووفرته فلم يبق منه شيء.. وها هو ذا الغرب يحصي المدخرات الشخصية تمهيداً للاستيلاء عليها.. تحت عدة عناوين ولائحة متكاملة من القضايا والتهم تبدء بتغذية الإرهاب وتنتهي بإرضاع الكراهية. وقد فصلوا لكل نظام ولكل بلد ولكل مجتمع تهمة على مقاساته وتليق به. وصدقونا فهم يعرفون عنها- أي رؤوس الأموال- هناك في عاصمة القرار الدولي “واشنطن” أكثر مما يحسب أصحابها هنا. فهل نستفيق.. هل يوحدنا الخوف والمصير المشترك إن لم تنجح أواصر القربى في توحيدنا..؟.
إذن، لنفكر بعقلية أعدائنا كي ننجو. أو أقلها لنفكر بعقلية أدواته “الأقليات” و”الحركات” الباطنية التي تظهر لك الفعل والقول الحّسِنْ وتضمر لك السيء.