23 ديسمبر، 2024 12:59 ص

المنطقة الخضراء .. لماذا ؟

المنطقة الخضراء .. لماذا ؟

لعلّها مشيئة الأقدار + المصادفة المتزامنة أنْ حدثت احداث الأربعاء الفائت ” تواجه قوات الفصائل المسلحة وجهاً لوجه أمام القوات الحكومية في المنطقة الخضراء ” لينعكس ذلك تلقائياً على توقّف التظاهرات المحتشدة في ساحة التحرير , وبالتالي تفويت الفرصة المفترضة لإغتيال اي متظاهر او ناشط مدني .!

كلّ المجتمع العراقي يعرف ويتذكّر أنّ ما يّسمى بالمنطقة الخضراء كانت منطقةً شبه مفتوحة قبل الإحتلال وتسمّى بحيّ التشريع , التي يقع فيها القصر الجمهوري والحمايات , والعديد من شوارعها كانت مفتوحةً لحركة السير ومرور المركبات , ولم تكن بداخلها ايّ سفارة او بعثة اجنبية , كما لم ينس جمهور بغداد بشكلٍ خاص أنّ القوات الأمريكية فور اقتحامها للعاصمة قد اختارت هذه المنطقة مقرّاً رئيسياً لقيادتها وبعثتها الدبلوماسية , وقامت بتسييج المنطقة بالكتل الكونكريتية العالية واضافة التحصينات الأمنية لها , وجرى تطويقها بالكامل بكل المتطلبات الألكترونية والدفاعية ذات العلاقة بهذا الشأن , الى اكتمال تشييد السفارة الأمريكية في وسطها , ثم اضافة ابنية بعض السفارات والمنظمات الأجنبية فيها .. وشيئاً فشيئاً اثناء وبعد انسحاب القوات الأمريكية من العراق في عام 2011 , غدت هذه المنطقة الخضراء تكتظ وتعجّ بمقرّاتٍ للقيادات العسكرية والإستخبارية والأمنية العراقية , بالإضافة الى المقرّ الثابت لوزارة الدفاع وقصر المؤتمرات , ولجهاتٍ خاصّة غير متداولة أسماؤها .! , وتضمّ هذه المنطقة التي لا تشبه حتى < خضراء الدِمنْ .! > اربع بوابات مفتوحة لدخول وخروج الموظفين وعجلاتهم بالأضافة الى المركبات الرسمية , لكنّ ! من اغرب الغرائب وممّا أعجب من العجب العجاب , أنّه طوال هذه السنوات ال 18 وخصوصاً في ذروة العمليات الإنتحارية لتنظيم القاعدة ثمّ داعش , فَلَمْ يجرِ او تجرِ ايّة عمليةٍ انتحارية < لا لإقتحام هذه البوابات او المداخل المفتوحة , وإنّما الدخول عبرها بالسيارات المفخخة الى قلب وعمق المنطقة الخضراء وما تحويه من مقرّاتٍ خاصّة .! > , ولعلّ الأمر يحتاجُ الى سنواتٍ وسنواتٍ طوال للإجابة عنه , او حتى تركه لعالم الإبهام .!

الدروس ” الأوليّة ” المستخلصة من احداثِ اوّل امس , وممّا سبقها بمرّاتٍ قلائل , فإنّما تدفعُ دفعاً للتساؤل عن سبب الإصرار لتكديس كافة المراكز والمقرّات الرئيسية للأجهزة الأمنية والقيادات العسكرية , وكذلك الرئاسات الثلاث وملحقاتها , بالإضافةِ الى مقرّاتٍ ستراتيجية لقيادات بعض الأحزاب داخل هذه المنطقة المسوّرة, ممّا يسهل محاصرتها جميعاً في آنٍ واحد .! , كما ما هي الضرورة المفقودة لتمركز < ولا نقول لإخفاء واختباء هذه القيادات الخاصة خلف الجدران الشامخة والمحصّنة , طالما تلاشت العمليات الإنتحارية والتي لم تحدث هناك كما اشرنا > .! , كما لا يليق بأيّ حكومةٍ عراقية ان تعزل وتغطّي نفسها ورأسها بهذه الجدران المسيّجة بأرتفاعٍ عالٍ وسميك , فليست حياتهم اغلى من حياة المواطنين , بجانب أنّ كلّ مركباتهم وعجلاتهم مضادّة للرصاص والشظايا ” في ايّ تحرّكاتٍ خارج هذه المنطقة ” ..

ملاحظة : تعبير او اصطلاح < خضراء الدِمَنْ > الذي ورَدَ في منتصف المقال , فهو اصطلاح تأريخي – فقهي نادر التداول ويعني تحديداً < المرأة الحسناء في منبت السوء > …