23 ديسمبر، 2024 2:56 ص

المنتفعين و دراويش اٌلساسة

المنتفعين و دراويش اٌلساسة

الوضع السياسى البائس في العراق خلقت مما خلقت مجموعة من الظواهر السلبية الغريبة حتى بمستوى أدنى اٌلدول فى السلم الأنساني والتحضر وأكثرهم رداءةً فى الحكم و الإدارة .
فهذهِ البيئة السياسية والإدارية الفاسدة والفاشلة بالإضافةِ الى إفرازها عدداً مهولاَ من السياسين الفاشلين، أفرزت فيما أفرزت حلقة واسعة من المتسلقين والمنتفعين الإنتهازيين حول كل سياسى ومتسلط و مستولى على منصب وهذا نتاجٌ طبيعى و متوقع لهكذا أجواء .
ومما يجدر الإشارة اليه أن هؤلاءِ المنتفعين و في أحوالٍ كثيرة يكونون أكثرَ ضرراَ حتى من الفاسدين أنفسهم بل أنهم هم من يدلونهم على الكثير من ابواب السرقات والوسائل الملتوية لإدامة بقائهم فى مناصبهم ويسهلون لهم جرائمهم و حتى إنهم يلبون لهم رغباتهم و نزواتهم الحقيرة الواطئة .
وهذا ليس بالغريب و العجيب لأن المعروف عن هذهِ الفئة دناءة النفس وإنحطاط المستوى الأخلاقى وإنعدامها لديهم وأنهم لايردعهم رادع من قيمة أو دين أو شرف، عن السعي وراء مصالحهم، فهو ديدنهم و دينهم و مبدئهم فى الحياة الوصول لمسعاهم و مبتغاهم مهما كانتِ المبتغى مبتذلاَ او حقيراً فهم المطبقين الفعلين للنظرية الماكيافلية حتى ولوكانوا لايفقهون تلك النظرية ولايعرفون من هو صاحبها.
لكن مع كل ما على هذهِ الفئة من مأخذ و مع أن الكل متفقٌ على حقارةِ ما يفعلون وأنهم خطر حقيقى على المجتمع إلا إن وجودهم وماهيتهم مفهومة و مبررات وجودهم معلومة وأعذارهم لما يفعلونه بالرغم من دناوتها يمكن قياسها بمقياس مادي و الدنيوي والمصلحة، و عندالسؤال عن سبب ما يفعلونه يمكن أن تحصل على إجابة مباشرة وهو أن مايفعلونه يحقق لهم منافع مادية و إمتياوات دنيوية ومن أجلها باعوا أنفسهم للشيطان.
ولكن الغير مفهوم والغير مهضوم هو تصرفات الفئة الأخرى التي هي الأخرى من إفرازات هذهِ البيئة السياسية الغير سوية وهي فئة دراويش ومجاذيب السياسين ولا أقصد بالدراويش هنا المعنى المعروف للكلمة وإنما تشبيها بوضعهم من حيث أن هذهِ الفئة يتحلقون حول السياسين الفاسدين كالدروايش عندما يتحلقون حول شيوخهم و يطيعونهم طاعةً عمياء فى كل مايقولون ويطلبون و هم اللبنة الأساس فى هذا البناء البائس المسمى السلطة.
وعلى النقيض من فئةِ المنتفعين لايمكن تبرير أفعال هذهِ الفئة بشكل منطقى لأن لا مصلحة مادية تتحقق لهم من دعمهم ومساندتهم لهولاءِ الفاسدين و الدفاع عنهم وحتى القتال والموت من أجلهم أي لا يمكن تبرير هذا الدعم من وجهةِ نظرِ مصلحةٍ لن تتحقق حتى فى المستقبل.
إذ إن الفئة المذكورة ليس فقط غير مستفيدة بل إنها متضررة وبإمتياز من الوضع القائم وحتى هم نفسهم موقنين من هذا، لا بل وحتى أنهم فى الكثير من الأحيان هم أنفسهم يتذمرون من الوضع ومن السياسين الذين يدعمونهم.
ومع هذا فإن هذا ألتذمر وإدراكهم النسبي لسوءِ حالهم ومعرفتهم بأن الحالة المزرية التي يعيشونها اصلاَ ممن نتائج دعمهم للفاسدين، فنسمعهم يبدون ندمهم لهذا الدعم حتى أنهم يسبون ويلعنونهم.
ولكن عندما يحين الساعة التي يقدرون فيها من تغير حالهم والقصاص من المفسدين يتراجعون عن هذا الأمر ويجددون العذر لهم ناسين أو متناسين ما حصل لهم بتأثير القليل من الشعارات و الشحن العاطفى والطائفى والفئوى و إيهامهم بخطرٍ محدق وإقناعهم بأن الوقت غير مناسب لعمل التغير بداعى حساسية الموقف.
إذاً فبقدر ما يكون أفعال المنتفعين معروفة الأسباب والدوافع واضحة المعالم وبرغم خطرهم على المجتمع من خلال فتح باب الفساد على مصراعيه أمام السياسين الفاسدين و تفويت الفرصة على الكفوئين الا أن مقدار خطرهم معلوم ومقاس فنراهم أول من يتخلون عن أسيادهم ويهربون عند الخطر بل وحتى يشون بهم ويلعنوهم، فهم أي المتسلقين المنتفعين لاصاحب لهم ولايستميتون من أجلِ أسيادهم .

بعكس الدراويش فإنهم ولأسباب واهية متعصبة يستميتون في الدفاع عن الفاسدين بالرغم من معرفتهم بفسادهم و برغم عدم وجود عنصر المصلحة المادية في علاقتهم بهم إلا إنهم لايتخلون عنهم، ولذلك تكون أفعال هذهِ الفئة غير مبررة منطقياَ وغير مفهمة بوضوح وإن خطرهم أكبر وأعظم وهم من أسباب اٌلقوية لبقاء الفاسدين في السلطة.