“لا تقل أصلي وفصلي أبدا…إنما أصل الفتى ما قد حصل”
مجتمعات إبن مَن تدمر البلاد والعباد , فلا تثبت مسيرتك في الدنيا , ولا تحقق وجودك بما فيك من الطاقات والقدرات , بل تشبث بمولدك ومنبتك , فأنت سيد ومن الأشراف وعلية القوم , والجميع ينحني عندك , فأنت عالة على الآخرين الذين عليهم إشباع رغباتك المقهورة.
أنا إبن فلان!!
أنا من نسل كذا وكذا!!
خلفي شجرة نسب عريقة!!
لا تتقدم فأنا أنا وحسبي مَن أنا!!
وعندما تسأله ماذا قدمت لحياتك , وهل أسهمت في بناء بلادك وسعادة أصحابك , سيتسمر بوجهك , ولا يملك سوى أنه كذا وإبن كذا , ونسبه يمتد إلى كذا وكذا!!
عجائب متداولة في واقع منهوك , وآليات تخنيع وتركيع إنطلقت منذ عقود وعقود , وكأن الفبض على مصير الناس بتحويلهم إلى زمر مرهونة بشخص يدّعي ما يدّعيه , وتُضفى عليه التوصيفات الكاذبة التي تسوّقه وتمجده , وتجعل الآخرين من حوله أقزام.
وهو يقبل أيادي أولياء نعمته , ويصلي في محاريب القامعين للشعب , والممرَّغين بوحل الفساد والعدوان على الوطن.
وبهذا تكاثرت مجالس السادة والمشايخ والأشراف , وما بقيت قيمة للدولة والقانون , بل على الناس أن تحتكم لهذا السيد أو ذاك , وكلها أفك وعدوان على حقوق الإنسان.
فليس غريبا أن يكون في كل مدينة عشرات الدواوين والشيوخ , الممولين بالمخصصات والحمايات والرواتب الخيالية , فهم الذين يحمون الحكم القائم , ولا يعنيهم سوى ما يقبضونه من أولياء نعمتهم الأشاوس , وليعاني الشعب ويمضي في مسيرة القهر والحرمان من أبسط الحاجات.
وبموجب ذلك تأسن الفساد وتطور , وتردت الأخلاق , وضاعت قيمة الإنسان!!