19 ديسمبر، 2024 2:18 ص

المناوشات الاعلامية بين بغداد واربيل جعلت النزاع اكثر تشعبا

المناوشات الاعلامية بين بغداد واربيل جعلت النزاع اكثر تشعبا

يبدو أن صورة او وجهة طرفي النزاع المرن حينا والشديد حينا اخر وفقا للتصريحات الاعلامية بين الحكومة الفدرالية في بغداد وحكومة اقليم كوردستان في اربيل بدأت تخرج الى طور المناوشات الاعلامية غير المجدية أكثر من غيرها من المسارات التي يجب ان تتجه الى التفكير بتنمية الاستقرار في البلاد، التي هي المصلحة المشتركة للجميع وليس لطرف على حساب طرف أخر.

تبادل الاطراف المختلفة المناوشات الاعلامية يزيد المشهد تعقيدا، خاصة ان المؤسسات الاعلامية لم تقم بدورها كمساهم في ادارة النزاع بطريقة مهنية من خلال مساعدة الاطراف في الوصول الى وجهة نظر او وجهات نظر يعمل او تشجع الطرفين على وقف العنف الكلامي ويحولونه الى سلوك تقاربي وفقا للمشتركات للطرفين ولمواطني الطرفين.

المحاورة والتواصل عبر الاعلام والتصريحات الاعلامية من قبل الطرفين يزيد المشهد تشعبا، لذلك لابد ان يعمل الطرفين والمؤسسات الاعلامية التي تنتهج توافقات الطرفين الى ضرورة الاحتكام واللجوء الى الحوار المباشر وجها لوجه …لان الاستمرار في التحاور عبر الاعلام يعزز فرص التنافر بهذه الصورة الحالية …. ويقلل فرص الحوار البناء والتفاعلي.

الدستور الذي اصبح ضائعا

الاعذار بالدستور وتطبيق الدستور اصبح اكثر انتهاكا من طرف على حساب طرف اخر خاصة عندما يتم تعزيز مفهوم (شمال العراق – محافظات الاقليم ) من قبل المؤسسات العراقية، بدلا من مصطلح اقليم كوردستان الذي ورد في الدستور – نفس الدستور الذي يتحجج الطرفين الاحتكام اليه لحل الاشكالات العالقة يساهمون في التجاوز عليه وفقا لتوجهات الانتماءات السياسية والمؤسسات في الاقليم هي الاخرى لها اخطائها فيما يتعلق تطبيق الدستور، نعم يجب اعتبارها اشكالات عالقة ( الخلافات والصراع الذي طويت صفحته الاولى بانتشار القوات الاتحادية في المناطق المتنازع عليها) وليس مسألة صراع عميق بين الاقليم وبغداد، لان الدفع بالتوجه الى تعزيز الصراع وتصعيده ليس من مصلحة الطرفين – بأعتبار ان هكذا نزاعات في حال استمرارها، الطرفان خاسران – اذا يجب أن يكون هناك تفكير وخطوات كيف يكون الطرفان رابحان؟ … انه بصراحة وصدق ان يتجهـ الطرفان للقاء بعضهما البعض بسرعة ودون تأخير وعدم التفكير بأن فرض الامر الواقع الحالي لتجريد الاقليم من صلاحياته ومؤسساته هو نصر لبغداد، بل العكس انه تجاوز على، واساءة الى النظام الفدرالي ومؤسساته والدستور الذي يريد الطرفان الاحتكام أليه لحل الاشكالات العالقة- اذ كيف يعقل ان يتم احترام قرار مؤسسة فدرالية ( المحكمة الاتحادية ) والدعوة الى الاقرار بما تصدره من قرارات وعدم الاقرار بتطبيق الاسس الفدرالية الاخرى التي تفتح باب الحل على مصراعيه، بنفس السلاسة و المهنية والهدوء والتي الحالتين تستندان الى الدستور – فرض الاقرار وفق مبدأ القوة تفقد فرص بناء الثقة، التي هي النقطة او العامل الابرز في هذه المرحلة، انه مجرد رأي عملي مهني يمكن الاعتداد به او عدم الاهتمام – ولكن من مسؤولية الاعلام الدفع بهذا الاتجاه وعدم القبول ان يكونوا لعبة بأيدي السياسيين، واحيانا يصعدون من لهجة التحاور للطرفين، ونسيان دورهم في تحقيق مطالب المواطنين الخاصة بالاستقرار ومتابعة تأمين احتياجاتهم ومصالحهم التي يشترك الطرفان في الاقليم وبقية انحاء العراق بها اكثر من خلافات السياسين – فالجميع يحتاج الامن – الاستقرار – التنمية – وبناء العلاقات والثقة وتفضيل الحوار على المناوشات الاعلامية ، لأن الغرض من هذا التوجه هو تحويل مسار النزاع من تنافر الاطراف من بعضها الى بناء الشراكة وعلاقة ايجابية يمكن من خلالها الوقوف على نقاط الخلاف بمرونة ومهنية اكثر، وحلها بطريقة أسرع لأن الجميع رابح وليس طرف على حساب طرف اخر …. هكذا يتم ادارة النزاع وليس عبر التصريحات الاعلامية المتشنجة التي افقدت الامل بوجود رؤية واضحة للحل لدى الطرفين .

التدخل الاعلامي في النزاع لبناء الثقة

ان التدخل في النزاع عبر الوسطاء او العمل الاعلامي يمكن ان يكون عاملا مهما لاعادة بناء الثقة واعادة الفرصة بتعزيز التواصل بين المواطنين في الاقليم وبقية انحاء العراق من خلال عرض الحقائق التي تشجع على ان الاستقرار والسلام يحقق الكثير للناس اولا وليس للاطراف السياسية، سيعيد الية التواصل الاجتماعي اكثر، وسيتم الاستفادة من قدرات الطرفين في بناء البلد بعد سنوات طويلة من الدمار والهلاك، وتدمير البنية التحتية، سواءا التي نتجت من سنوات طويلة من توسع وانتشار أعمال العنف وضياع اموال البلاد من خلال الادارة الفاشلة، او ما تركه سيطرة تنظيم داعش على مناطق شاسعة من العراق، المسؤولية التي تتهرب الحكومة الفدرالية من تحملها وتوجه صورة النزاع الى اربيل لكي تتهرب من مسؤولية أعادة الاستقرار الى تلك المناطق المدمرة، بأعتبارها مسؤوليتها وخاصة مسؤولية الحرب الفكرية القافية تجاه ما خلفه التنظيم ( تنظيم داعش ومواليه ومسانديه ) من أرث ثقافي لايمكن التخلص منه بسهولة ، لابل عليها ان تعرف – الحكومة الفدرالية في بغداد – أن التحالف مع الاقليم والتواصل معه هي البوابة الرئيسية لانجاح تلك المعركة التي تعزز فعلا الاستقرار وتوفر المزيد من فرص التنمية – فهل تنتبه المؤسسات الاعلامية الى هذا الجانب أكثر من تصعيد الخلاف مع اربيل؟ الجانب الذي لابد أن يشترك الطرفان في اربيل وبغداد بوضع الخطط المشتركة معا للوقوف بوجهه؟؟؟ للاسف التوجه للاهتمام بالمناوشات الاعلامية افقدتهم هذا الرؤية .

خضر دوملي* : باحث ومختص في الاعلام وحل النزاعات وبناء السلام .

أحدث المقالات

أحدث المقالات